رفع بنك كندا سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في أكبر زيادة منذ أكثر من عشرين عاماً، وقال إنه سيتوقف عن شراء السندات الحكومية لتقليص مركزه المالي، في الوقت الذي يتحرك فيه بقوة لخفض التضخم من أعلى مستوى له في ثلاثة عقود.
قرر صُنّاع السياسة النقدية بقيادة المحافظ، تيف ماكليم، زيادة سعر الفائدة المعياري للبنك المركزي لليلة واحدة إلى 1%، اليوم الأربعاء، وقالوا إن أسعار الفائدة "ينبغي أن ترتفع أكثر" نتيجة استمرار ضغوط الأسعار فوق المستوى المستهدف، وذكر البنك أيضاً أنه سيتوقف عن إحلال ممتلكاته من سندات الحكومة التي يحين أجل استحقاقها في 25 أبريل، وهي عملية تعرف بالتشديد الكمي.
هبطت السندات قصيرة الأجل، ما رفع عائد سندات كندا المعيارية لأجل عامين إلى 2.332% في صباح اليوم بتوقيت أوتاوا، أي أعلى بمقدار 3 نقاط أساس وذلك قبل القرار مباشرة، وصعد الدولار الكندي قليلاً إلى 1.2639 أمام الدولار الأمريكي.
تُشكل تحركات السياسة النقدية تسارعاً لما يُتوقع أن يكون أحد أقوى حملات التشديد على الإطلاق من قِبل بنك كندا، كما تمثل اعترافاً ضمنياً من البنك المركزي بأنه يحتاج الخروج سريعاً من سياسته فائقة التيسير، قبل أن يصبح التضخم دائماً في ظل الطلب القوي.
قال البنك المركزي في بيان قرار الفائدة: "هناك خطر متزايد من أن تصبح توقعات التضخم المرتفع راسخة"، مضيفاً أنه "سيستخدم أدواته النقدية لإعادة التضخم إلى المستوى المستهدف وكبت توقعات التضخم".
وفيما وصفه المسؤولون بأنه "مراجعة صعودية كبيرة"، من المتوقع الآن أن يصل التضخم إلى ما يقرب من 6% في المتوسط في النصف الأول من 2022، ثم يتراجع إلى حوالي 2.5% في النصف الثاني من العام المقبل، ويقترب من هدفه البالغ 2% بحلول نهاية 2024.
من المتوقع أن يبلغ متوسط التضخم 5.3% في 2022، مقابل التوقعات في يناير بنسب 4.2%، وسيتباطأ نمو الأسعار إلى 2.8% في المتوسط في 2023، مقابل التوقعات السابقة عند 2.3%.
مركز مالي متقلص
توقع 25 من أصل 30 اقتصادياً استطلعت "بلومبرغ نيوز" آرائهم الزيادة بمقدار 50 نقطة أساس، مع تسعير الأسواق باحتمالية بنسبة 70%، أن يرفع البنك المركزي الفائدة بنصف نقطة مئوية، وكان المستثمرون يراهنون على أن البنك سيواصل رفع تكاليف الاقتراض في الأشهر المقبلة، حتى يرتفع سعر الإقراض الرئيسي إلى ما يقرب من 3% بحلول مثل هذا الوقت العام المقبل، وبدأ بنك كندا دورة التشديد الشهر الماضي، ورفع سعر الفائدة إلى 0.5% من المستوى الطاريء المتدني عند 0.25%.
اقرأ أيضاً: أسبوع ساخن في انتظار البنوك المركزية.. هل تتغير خريطة الفائدة حول العالم؟
يقدم البنك المركزي أيضاً بعض تفاصيل خطته للتشديد الكمي، يوم الأربعاء، ولم يعد البنك يخطط لاستبدال السندات الفيدرالية عندما يحين آجال استحقاقها وخروجها من المركز المالي في وقت لاحق من شهر أبريل.
وخلال الاثني عشر شهراً المقبلة، سيحين موعد استحقاق حوالي ربع صافي الديون الحكومية البالغة 350 مليار كندي (275 مليار دولار)، والتي تم شراؤها خلال الوباء، ما يرفع العائد ويُكمل الزيادة في الفائدة الرسمية.
رغم بيان المركزي بشأن السياسة النقدية المتشددة، إلا أن هناك بعض الافتراضات المتفائلة نسبياً تخللت القرار، أحدها أنه من المتوقع أن يقفز المعروض العام المقبل لمقابلة الطلب القوي، مع رفع قيود احتواء "كوفيد 19"، وكذلك نتيجة لهدوء اضطرابات التوريد العالمية.
الأزمة الأوكرانية
يفترض المسؤولون أن الاقتصاد الكندي لن يتأثر سلباً بالأزمة الأوكرانية بفضل قطاع السلع في الدولة، كما يُتوقع للضغوط التضخمية أن تنحسر بالأخير، وإذا لم تتحقق تلك الافتراضات، فسيتعين على مسار رفع الفائدة أن يكون أكثر شدة.
رفع البنك المركزي كذلك تقديراته لمدى سرعة نمو الاقتصاد دون إشعال التضخم، ويتوقع قفزة في المعروض بنسبة 3.3% في 2023، أي أعلى بكثير من المستويات المحتملة على المدى الطويل، ويعطي هذا الافتراض البنك المركزي المزيد من المجال لرفع أسعار الفائدة بوتيرة أبطأ.
من ناحية أخرى، رفع البنك أيضاً تقديراته لنسبة الفائدة المحايدة عند حوالي 2.5% إلى 2.25%، ما يعطي فنياً مزيداً من المجال للزيادة.
ويُعدّ الرفع الكبير للفائدة هو الأول بين البنوك المركزية في مجموعة السبع منذ الوباء، لكنه الأول خلال أحداث اليوم، إذ رفع بنك نيوزيلندا المركزي الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية إلى 1.5% في وقت سابق من اليوم، ومن المتوقع أيضاً تحولاً أكثر تشدداً في الولايات المتحدة، حيث طرح رئيس البنك الفيدرالي، جيروم باول، وغيره من صُنّاع السياسة احتمالية الرفع بمقدار نصف نقطة مئوية على طاولة اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في مايو.