لن يسارع البنك المركزي الأوروبي، على الأرجح، لإصدار قرارات حديثة خلال الأسبوع الجاري، إذ إنّ معدلات التضخم القياسية في منطقة اليورو والحرب الدائرة في مناطقها الحدودية تترك المسؤولين يخوضون غمار حالة ضبابية من الشكوك.
في ظل تسريع مجلس إدارة البنك عملية الخفض التدريجي لبرامج التحفيز المالي خلال شهر مارس الماضي، سيركز المستثمرون على طريقة قياس رئيسة البنك كريستين لاغارد وزملائها لمدى الحاجة إلى زيادة أسعار الفائدة في وقت لاحق من السنة الجارية، والبحث أيضاً عن أي إشارة حيال مخصصات للطوارئ لمجابهة اضطراب السوق.
عدم اليقين
في حين أن أسرع وتيرة لصعود التضخم في تاريخ منطقة اليورو، التي أججها صعود تكاليف الطاقة، دفعت المسؤولين إلى تشديد السياسة النقدية، فإنّ الصراع ما زال يجعلهم مصابين بالشكوك إزاء التأثير الناجم عنه. في شهر مارس الماضي، اعتمد أحدهم على أعمال خبير الاقتصاد الأمريكي فرانك نايت، التي تعود إلى القرن العشرين، لوصف المحنة.
طُرح تصور أنه في ظل الظروف الحالية كان البنك المركزي الأوروبي يتصارع مع حالة عدم اليقين، وفق منهجية نايت، بمعنى آخر هناك حالة من عدم اليقين ليس في الإمكان قياسها. لا يمكن استيعاب المخاوف والهواجس المرتبطة بالحرب بسهولة من خلال النماذج النمطية.
اقرأ أيضاً: البنوك المركزية هي التي ستقود اقتصاد العالم في 2022 لا "كورونا"
تتناقض استجابة سياسة البنك المركزي الأوروبي الهادئة نسبياً مع الاستجابة الأكثر جرأة للبنوك المركزية البعيدة مادياً عن الحرب. زاد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بالفعل، وقد تزيدها نيوزيلندا مرة أخرى في يوم الأربعاء المقبل، وعقب ساعات من ذلك قد يسرع بنك كندا المركزي وتيرة عملية تشديد السياسة النقدية بزيادة قدرها 50 نقطة أساس.
رغم ذلك، بالنسبة إلى مسؤولي منطقة اليورو، من المرجح أن يشكل قرارهم يوم الخميس لحظة أخرى من القلق حول التفكير في أزمة نادرة تهدد استقرار الأسعار والنمو الاقتصادي، في منطقة ما زالت تعاني من كارثة وباء فيروس كورونا. وفي تذكير واضح حول مدى استمرارية هذه المشكلة، أعلنت لاغارد خلال الأسبوع الماضي أنها مصابة أيضاً بمرض "كوفيد-19".
[object Promise]من ضمن القرارات الأخرى خلال الأسبوع القادم، تأتي احتمالية تخفيض البنك المركزي الصيني أسعار الفائدة فيما قد تزيدها إسرائيل. في موقع آخر، قد تكشف البيانات في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن ارتفاعات جديدة في معدلات التضخم.
الولايات المتحدة وكندا
تشير التوقعات إلى أن بيانات يوم الثلاثاء ستبين استمرار معدلات التضخم في الولايات المتحدة في التسارع خلال شهر مارس الماضي.
حسب التوقعات، فإنّ مؤشر أسعار المستهلك المراقب بشدة سيرتفع بنسبة 8.4% بالمقارنة بالسنة الماضية، ما يُعَدّ أكبر صعود منذ أوائل فترة الثمانينيات من القرن الماضي، و1.2% بالمقارنة بالشهر السابق. وستكون الارتفاعات الشهرية، التي من المتوقع شمولها الزيادة في تكاليف الطاقة، هي الأكبر منذ سنة 2005.
اقرأ أيضاً: لماذا تخطئ البنوك المركزية في توقعاتها بشأن التضخم؟
كما سيتضمن أسبوع التداول المختصر بسبب العطلة أرقاماً عن طلب المستهلكين في نهاية الربع الأول من السنة الحالية، في حين أن أسعار البنزين المرتفعة ربما أسهمت في زيادة قيمة مبيعات التجزئة خلال الشهر الماضي، فمن المتوقع أن يتغير المقياس الأساسي بطريقة محدودة عن شهر مارس المنصرم.
من المقرر أن يكون تشارلز إيفانز ولايل برينارد وباتريك هاركر من بين صنّاع السياسة في بنك الاحتياطي الفيدرالي الذين سيتحدثون.
في هذه الأثناء، وفي كندا، ستدفع مخاوف التضخم على الأرجح بنكها المركزي ليصبح الأول وسط مجموعة الدول السبع منذ الوباء الذي يستمر في زيادة سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية. يأخذ المستثمرون في عقود المقايضات لليلة واحدة في الحسبان نحو ثلاثة أرباع احتمالية حدوث زيادة كبيرة من هذا النوع.
بدأ بنك كندا دورة رفع سعر الفائدة خلال الشهر الماضي، وزاد سعر الفائدة إلى 0.5% من أدنى مستوى استثنائي عند 0.25%. يشير تداول عقود المقايضات لليلة واحدة إلى أنه سيزيد ليصل إلى نحو 3% خلال الأشهُر الـ12 المقبلة، وهي وتيرة تشديد للسياسة النقدية لم تُسجَّل منذ عقود من الزمان.
اقرأ أيضاً: توجهات البنوك المركزية العالمية ترسم نهايةً لحقبة "الأموال السهلة"
آسيا
تبدأ الصين الأسبوع بقراءات لأسعار المستهلكين والمنتجين اليوم الاثنين، التي من المقرر أن تبين تراجعاً طفيفاً في تضخم القطاع الصناعي.
تتدفق بيانات الائتمان والتجارة، فيما سيكون لدى البنك المركزي فرصة للحد من تكاليف الاقتراض، عندما يحدد أسعار الفائدة في خط الإقراض متوسط الأجل مع نهاية هذا الأسبوع.
من الواضح أن بنك الاحتياطي النيوزيلندي يعتزم زيادة أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية يوم الأربعاء، إذ يواصل قيادة المجموعة البارزة من أدوات تشديد السياسة النقدية التي تتصدى لمعدلات التضخم في منطقة آسيا والمحيط الهادي.
سعر الفائدة في نيوزيلندا
يجتمع بنك كوريا الجنوبية المركزي، وهو بنك قيادي آخر في المنطقة، في اليوم التالي، ولديه أيضاً مبرر لزيادة سعر الفائدة مرة أخرى بعد أن تجاوز نمو الأسعار 4% للمرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمان. لكن مع عدم اعتماد تعيين ري تشانغ يونغ رئيساً جديداً لبنك كوريا المركزي، فقد ينتهي الأمر بمجلس إدارة دون وجود محافظ إلى رفعه مرة أخرى.
اقرأ أيضاً: البنوك المركزية العالمية تتجه للتشديد الكمي بعد خطة "الفيدرالي" لرفع الفائدة
سيراقب بنك اليابان المركزي الأسواق من كثب مرة ثانية، مع استمرار اقتراب عوائد السندات والين من نقاط الضغط الأساسية. يتحدث رئيس البنك هاروهيكو كورودا مع مديري الفروع حول حالة الاقتصاد الياباني اليوم الاثنين.
قد تسفر أرقام التوظيف في أستراليا، يوم الخميس، عن زيادة التوقعات حيال سياسة البنك الاحتياطي الأسترالي في حال كشفت عن تحسن آخر مع قرب موعد الانتخابات الفيدرالية.
من المتوقع أن تشدد سنغافورة يوم الخميس ترتيبات السياسة النقدية بطريقة أكبر، إذ تحوّل تركيزها صوب مكافحة ضغوط التضخم المستوردة من الخارج.
تشير التوقعات إلى أن المحادثات بين ممثلين عن سريلانكا وصندوق النقد الدولي ستنطلق في يوم الاثنين في واشنطن، التي من الممكن أن تعطي إشارات لحاملي السندات حول ما إذا كانت تتجه نحو التخلف عن السداد أو عملية إعادة هيكلة الديون.
أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا
مع انطلاق الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية، قد تهيمن نتيجة محاولة الرئيس إيمانويل ماكرون الفوز بفترة ولاية ثانية على الأخبار في منطقة اليورو في بداية أسبوع مختصر بطريقة كبيرة في كل أنحاء المنطقة بمناسبة حلول عيد الفصح.
يبدأ صدور تقارير البيانات في المملكة المتحدة بتقرير الناتج المحلي الإجمالي لشهر فبراير الماضي، اليوم الاثنين، وتقرير إحصاءات العمل في يوم الثلاثاء. توقع جميع خبراء الاقتصاد الذين شملهم الاستطلاع بالنسبة إلى بيانات معدلات التضخم في يوم الأربعاء ارتفاعاً آخر. يبلغ متوسط تقدير التوقعات 6.7%، في ظل توقعات هي الأعلى من قِبل كالوم بيكرينغ من شركة "بيرنبرغ"، التي بلغت نسبتها 8%.
اقرأ أيضاً: بنك كندا يلمّح إلى قرب رفع الفائدة بعد انتهاء موجة "أوميكرون"
في موقع آخر، من المتوقع أن يزيد بنك إسرائيل المركزي أسعار الفائدة لأول مرة منذ ما يفوق ثلاث سنوات، في يوم الاثنين. ويتوقع أغلب المحللين زيادة سعر الفائدة بمقدار 15 نقطة أساس، بيد أن البعض يتوقع إجراءات جريئة أكثر.
وفي مصر، على الأرجح ستكون انعكاسات الارتفاع الحادّ في أسعار السلع الأساسية على مستوى العالم والتراجع الأخير في قيمة الجنيه أشد وضوحاً بداية من شهر أبريل الجاري.
ووفقاً للتوقعات فإن تركيا ستحتفظ بأسعار الفائدة دون تغيير في يوم الخميس رغم تدهور التكهنات حيال التضخم، التي شهدت قفزة إلى أعلى مستوى لها خلال عقدين من الزمن في شهر مارس المنصرم.
سيُبقي البنك المركزي الأوغندي على سعر الفائدة القياسي دون تغيير على الأرجح خلال الاجتماع الخامس على التوالي لتعزيز النمو الاقتصادي، إذ إنّ تزايد معدلات التضخم يتخلف عن ركب غالبية البلدان الأخرى، مسجلاً 3.7%، وهو أقل كثيراً من هدفه في الأجل المتوسط عند 5%.
أمريكا اللاتينية
يبدأ صدور تقارير المكسيك الأسبوع بنتائج قطاع التصنيع والإنتاج الصناعي لشهر فبراير الماضي، يليها صدور تقرير مبيعات نفس المتاجر خلال شهر مارس الماضي. بينما يتوقع المحللون حدوث قدر من التحسن في هذه المجموعة من البيانات، فإن الرياح غير المواتية المتراكمة تركت خبراء الاقتصاد يخفضون توقعات النمو الاقتصادي لسنة 2022.
يمكن البحث عن بيانات قوية صادرة من كولومبيا لشهر فبراير الماضي، في ظل تراجع تفشي فيروس أوميكرون المتحور من فيروس كورونا وعدم وصول تأثير الحرب الروسية على أوكرانيا بعد.
كانت مبيعات التجزئة والتصنيع والإنتاج الصناعي تسجل مستويات مرتفعة تاريخية على مدى السنة الماضية، بما يتماشى مع توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لسنة 2022 والتي كانت أفضل من 4%.
اقرأ أيضاً: رواج الرهان على تشديد البنوك المركزية من الأوروبي إلى الأمريكي
ستكون قراءة محضر الاجتماع الذي عُقد في 29 مارس الماضي للبنك المركزي التشيلي مسألة لا بد منها، عقب تنويه صناع السياسة بأن نهاية دورة تشديد السياسة النقدية الجريئة باتت قريبة.
وضعت اتفاقية الأرجنتين رقم 22 مع صندوق النقد الدولي هدفاً لمعدلات التضخم لسنة 2022 يتراوح بين 38% و48%. توقعت تقديرات مبكرة لنشرة شهر مارس الماضي بلوغ مؤشر أسعار المستهلك الوطني نسبة 54%.
من المنتظر أن تنشر البرازيل سلسلة من التقارير، بما فيها تقارير مبيعات التجزئة والإقراض والحساب الجاري والاستثمار الأجنبي المباشر ومقاييس الميزانية، قبل اختتام الأسبوع ببيانات وكيل الناتج المحلي الإجمالي.
كان مؤشر النشاط الاقتصادي في شهر يناير أقل من المتوقع، وتشير المؤشرات إلى تراجع أكبر في أرقام شهر فبراير المنشورة في يوم الخميس.