لأول مرّة منذ مايو 2020، تراجعت الاحتياطيات الدولية للنقد الأجنبي في البنك المركزي المصري إلى 37.08 مليار دولار بنهاية مارس 2022، هبوطاً من حوالي 40.99 مليار دولار بنهاية فبراير، أي بانخفاضٍ قدره 9.5% ليفقد 3.91 مليار دولار.
عزا البنك المركزي المصري تراجع الاحتياطي في بيان إلى قيامه باستخدام جزء منه "لتغطية احتياجات السوق المصرية من النقد الأحنبي، وتغطية تخارج استثمارات الأجانب والمحافظ الدولية، ولضمان استيراد سلع استراتيجية، وسداد الالتزامات الدولية الخاصة بالمديونية الخارجية".
تضرّر الاقتصاد المصري بعد أن دفع الغزو الروسي لأوكرانيا المستثمرين الأجانب إلى الفرار من الأسواق الناشئة. وكانت روسيا وأوكرانيا أيضاً من المصدّرين الرئيسيين للقمح إلى مصر، كما كانتا مصدراً رئيسياً لتدفق السياح.
أضاف المركزي أنَّ الاحتياطي الحالي "ما يزال قادراً على تغطية أكثر من 5 أشهر من الواردات السلعية متخطّياً بذلك المؤشرات الدولية لكفاية الاحتياطيات".
كان المركزي المصري، في اجتماع استثنائي خلال مارس الماضي، قد رفع أسعار الفائدة 1% (100 نقطة أساس)، في محاولة لامتصاص موجة التضخم، ولجذب استثمارات الأجانب بالدولار لأدوات الدين الحكومية، بعد أن خرجت مليارات الدولارات عقب الأزمة الروسية الأوكرانية، إذ تراجع سعر صرف الجنيه المصري بنحو 17% في الأسبوع الأخير من مارس.
دعم خليجي
تلقّت مصر دعماً خليجياً بشكل سريع عقب إعلانها عن رفع أسعار الفائدة وترك عملتها للتحرك أمام الدولار نهاية مارس الماضي.
أودعت السعودية خمسة مليارات دولار في البنك المركزي المصري نهاية مارس الماضي، كما يتطلّع "صندوق الاستثمارات العامة" السعودي إلى استثمارات محتملة بقيمة 10 مليارات دولار في قطاعات الرعاية الصحية والتعليم والزراعة والمالية في مصر.
تعهدت قطر بضخّ خمسة مليارات دولار في صورة استثمارات في مصر، في حين أبرم "القابضة ADQ"، أحد صناديق أبوظبي السيادية، في مارس الماضي، صفقة بنحو مليارَي دولار لشراء حصص في شركات مصرية مملوكة للدولة، مدرجة في البورصة.
إلى ذلك تقول آية زهير من "زيلا كابيتال"، إنَّ الاحتياطي النقدي بالمركزي سيتوقف من جديد عن النزول بعد الدعم الخليجي الكبير في الأيام الماضية، وفي ظل سعي مصر للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي.
ترى عليا ممدوح من "بلتون المالية" أنَّ الاحتياطي الأجنبي سيعاود الارتفاع مجدداً بعد الوديعة السعودية ليلامس 39-40 مليار دولار نهاية أبريل، وذلك بعد استخدام جزء من المساعدات الخليجية لتلبية احتياجات البلاد من السلع الأساسية.
صندوق النقد
قدّر محللون ماليون لــ"الشرق" الأسبوع الماضي أن تحصل مصر على تمويل يتراوح بين 5 و7 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي لدعم اقتصادها من تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية، وارتفاع أسعار السلع الغذائية عالمياً.
صندوق النقد الدولي أعلن في مارس الماضي أنَّ مصر طلبت دعماً لتنفيذ برنامج اقتصادي شامل، لمجابهة التحدّيات التي نشبت جرّاء البيئة العالمية سريعة التغير، والتداعيات المرتبطة بالحرب في أوكرانيا.
شرعت مصر في تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي لمدة ثلاث سنوات في أواخر عام 2016، ووافقت على قرض بقيمة 12 مليار دولار مع خفض قيمة العملة بشكل حادّ وخفض الدعم. وفي عام 2020؛ حصلت مصر من صندوق النقد، بموجب اتفاق استعداد ائتماني، على 5.2 مليار دولار، بالإضافة إلى 2.8 مليار دولار بموجب أداة التمويل السريع، مما ساعد السلطات على معالجة تأثير تداعيات كورونا.
عانت الطبقات الوسطى والفقيرة في مصر خلال السنوات السبع الماضية من ارتفاع حاد في أسعار السلع والخدمات كافةً. وعلى مدى الأعوام القليلة الماضية، انتشرت شاحنات تابعة للجيش في أنحاء البلاد لبيع المنتجات الغذائية بأسعار رخيصة، وزادت منافذ البيع التابعة للقوات المسلحة.