تسارعت وتيرة التراجعات للسندات العالمية على نحو غير مسبوق خلال العام الجاري بعد أن صرّحت محافظة الاحتياطي الفيدرالي لايل برينارد أنَّ البنك المركزي من المرجح أن يكثّف تشديد السياسة النقدية من خلال خفض حيازاته الضخمة من الدين الأمريكي.
سندات الشركات تفقد تريليون دولار.. ومشكلات سوق الدين قد تزيد
دفعت احتمالية إجراءات التشديد من جانب الاحتياطي الفيدرالي العائد على سندات الخزانة القياسية لأجل 10 سنوات إلى ارتفاع بمقدار ست نقاط أساس لتصل إلى 2.60%، مما أعادها إلى النطاقات التي كانت متداولة في عامي 2018 و2019. وزاد العائد بمقدار 16 نقطة أساس أمس الثلاثاء، في أكبر قفزة له منذ الانهيار الناجم عن انتشار كورونا في مارس 2020.
السندات العالمية تنخفض عن قيمتها الاسمية لأول مرة منذ 2008
السندات الأسترالية
انخفضت السندات الأسترالية أيضاً، حيث ارتفعت عائدات سندات الـسنوات العشر بمقدار 13 نقطة أساس إلى 2.98%، وهو المستوى الذي سُجّل آخر مرة في عام 2015.
تواصل السندات في جميع أنحاء العالم انخفاضها هذا الأسبوع بعد استكمال سلسلة خسائر قياسية استمرت لثمانية أشهر، مسجّلة أكبر انخفاض فصلي ضمن مؤشر "بلومبرغ العالمي المجمع".
يبادر المستثمرون إلى التخلص من السندات ذات الدخل الثابت مع تحرك صانعي السياسات لرفع أسعار الفائدة لمواجهة ارتفاع التضخم العالمي وتشديد أسواق العمل. ويعد الاحتياطي الأسترالي أحدث بنك مركزي يشدد سياسته، متجاهلاً نهج الالتزام بـ "التأني".
"S&P": مبيعات السندات السيادية ستتخطى 10 تريليونات دولار في 2022
قال براشانت نيونا، محلل أسعار الفائدة في آسيا والمحيط الهادئ لدى شركة "تي دي سيكيوريتيز" في سنغافورة: "المسار الأقل مقاومة هو أن تتجه العائدات إلى مستويات أعلى، لذا نتوقَّع أن تكون الارتفاعات ضحلة، إذ سيتم بيع السندات. ومن غير المرجح أن يخفّف رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول من موقف برينارد المتشدّد عندما تتحدث بعد ذلك، كما أنَّه من المرجح أن يدفع مؤشر أسعار المستهلكين الأسبوع المقبل إلى أن تتواصل عمليات بيع السندات المعروضة، بالإضافة إلى وجود خطر من أن يؤدي ارتفاع سعر الدولار مقابل الين إلى أن يبدأ المستثمرون اليابانيون ببيع السندات الأجنبية ".
أسواق السندات تتكبد خسائر قياسية في ظل تشديد السياسات النقدية
تشديد منهجي
قالت برينارد، التي تنتظر تصديق مجلس الشيوخ لشغل منصب نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي، إنَّ البنك المركزي "سيواصل تشديد السياسة النقدية بشكل منهجي"، وسيبدأ "في تقليص الميزانية العمومية بوتيرة سريعة بمجرد اجتماعنا في مايو المقبل".
التصريحات بشأن ما يسمى بالتشديد الكمي لبنك الاحتياطي الفيدرالي أجّجت حالة الاضطراب التي دفعت بالفعل سندات الخزانة هذا العام إلى أسوأ الخسائر منذ عقود، في الوقت الذي يستعد المتداولون لسلسلة عنيفة من الارتفاعات في أسعار الفائدة لمواجهة ارتفاع التضخم. كما زادت عائدات السندات السيادية في جميع أنحاء أوروبا أمس. ارتفعت عائدات السندات النيوزيلندية لأجل 10 سنوات بمقدار 10 نقاط أساس إلى 3.35% اليوم الأربعاء.
قال ويليام أودونيل، المحلل الاستراتيجي في "سيتي غروب": "تتصاعد وتيرة التصريحات بشأن سياسة التشديد من جانب الاحتياطي الفيدرالي بمرور الوقت وبمستويات مرتفعة. التشديد الكمي قادم في مايو، وهم يسعون إلى المضي بشكل أسرع وأكبر حجماً من حيث الميزانية العمومية".
أسعار السندات الأمريكية تهبط وسط ترقب زيادة أسعار الفائدة
السندات اليابانية
ارتفعت عائدات السندات اليابانية أيضاً، على الرغم من أنَّ التحركات هناك كانت أكثر تواضعاً مما كانت عليه في الأسواق العالمية بعد أن تدخّل بنك اليابان الأسبوع الماضي للدفاع عن هدفه بوضع حد أقصى لعائدات السندات لأجل 10 سنوات عند 0.25%.
تترقب أسواق المقايضات أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي في زيادة الأسعار بأكثر من ربع نقطة مئوية في كل مرة، كما فعل في اجتماعه في مارس الماضي، مع وجود فرصة تقترب من حوالي 86% لرفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة في اجتماع مايو المقبل. وبشكل عام؛ فقد تم تسعير حوالي 2.22 نقطة مئوية من الزيادات الإضافية في الاجتماعات الستة المقبلة للاحتياطي الفيدرالي حتى ديسمبر، بزيادة من 2.13 نقطة يوم الإثنين الماضي.
أوضحت برينارد أنَّ تقليص الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي سيحدث "بسرعة أكبر بكثير مما كان عليه في فترة التعافي السابقة، مع وجود حدود قصوى أكبر بشكل ملحوظ، وفترة أقصر بكثير للتداول ضمن الحدود القصوى مقارنة بفترة 2017-2019".
جاء ضغط البيع في سوق السندات الأمريكية مدفوعاً أيضاً بتقرير من "آي إس إم" (ISM) عن اقتصاد قطاع الخدمات لشهر مارس، والذي أظهر انتعاشاً على صعيد التوظيف. وساهم التحول الأعلى في عائدات سندات الخزانة في تعزيز الدولار الأمريكي مع ارتفاع العملة الاحتياطية إلى أقوى مستوياتها مقابل الين الياباني حتى الآن هذا الشهر.
