تراجعت أسعار أسهم أكبر شركتين تعملان في مجال الاقتصاد الجديد في سنغافورة بقيمة 71 مليار دولار في عام 2022، ويبدو أنَّ ذلك التراجع يكشف عن عدم اقتناع المستثمرين بأسهم الشركتين اللتين كان يُروج لهما بأنَّهما ستظلان من أكبر الكيانات على مدى سنوات مقبلة.
فقدت أسهم شركة النقل الذكي "غراب هولدينغز" (Grab Holdings) أكثر من نصف قيمتها منذ بداية العام الحالي، في حين هبطت أسهم شركة التجارة الإلكترونية والألعاب العملاقة "سي" (Sea) بنسبة 46%. وترزح الشركتان المقيّدتان في الولايات المتحدة حالياً في قاع مؤشر "إم إس سي آي آسيان" (MSCI Asean Index)، كما يأتي سهم "غراب" بين أكثر الأسهم الخاسرة على مؤشر آسيا و"الباسيفيك" المعياري.
يأتي الهبوط بعد شهور من ضم "إم إس سي آي" (MSCI) أسهم الشركتين إلى مؤشراتها وسط ضجة كبيرة؛ إذ كانت تسعى إلى جعل مؤشراتها الإقليمية أكثر انكشافاً على أسهم الاقتصاد الجديد. وقد تأثرت الشركتان سلباً بدرجة كبيرة من موجة بيع أسهم التكنولوجيا وفتور الاهتمام العالمي بشركات الاستحواذ ذات الغرض الخاص.
قال برايان فريتاس، وهو محلل ينشر أبحاثه على موقع "سمارتكارما" (Smartkarma) المستقل للأبحاث: "كان المستثمرون السلبيون سيخسرون جانباً كبيراً من أموالهم في هذه الأسهم". وأضاف أنَّ حركة الأسعار في الفترة المقبلة "ستعتمد على أداء الشركتين وبيئة الاقتصاد الكلي العالمية، وهما عاملان لا يبدو أي منهما مشجعاً بدرجة كبيرة في الوقت الراهن".
أُضيفت شركة "غراب" إلى مؤشر "إم إس سي آي آسيان" في فبراير الماضي مباشرة بعد اندماجها مع شركة "الشيك على بياض" "ألتيميتر غروث" (Altimeter Growth)، في حين بدأ إدراج شركة "سي" على المؤشر في مايو من العام الماضي.
تقدّر شركة "فريتاس" الملكية السلبية في أسهم "سي" و"غراب" بما يقرب من 2.8 مليار دولار، ومن 280 مليون دولار على التوالي. وقد خسر السهمان معاً إجمالي 71 مليار دولار من قيمتهما السوقية هذا العام.
آفاق النمو
ربما لا توجد مساحة تُذكر لالتقاط الأنفاس في ضوء توقُّعات الأرباح المستقبلية، فتراهن شركة "سي" التي تعد شركة "تيتسنت هولدينغز" (Tencent Holdings) الصينية الرائدة في مجال التواصل الاجتماعي أكبر المساهمين فيها، على نمو شركة تجارة التجزئة عبر الإنترنت "شوبي" (Shopee) التابعة لها في وقت تباطؤ الإقبال على ذراعها العاملة في نشاط الألعاب. غير أنَّ "سي" أغلقت نشاطها الرئيسي في مجال التجارة الإلكترونية في الهند في 29 مارس الماضي، مباشرة بعد أن حظرت البلاد لعبة "فري فاير" (Free Fire) الرئيسية التابعة لها مع عشرات التطبيقات الأخرى التي قالت، إنَّها ذات أصل صيني معللةً ذلك بمخاوف أمنية.
قال أوشاضي كوماراسيري، محلل قطاع الأسهم لدى شركة "لايت-ستريم ريسيرش" (LightStream Research): "تتباطأ آفاق نمو شركة (شوبي) بوتيرة سريعة بالتوازي مع خروجها من الهند وفرنسا. وبالنسبة إلى شركة يتم تسعيرها وفق فرص نموها مستقبلاً؛ من الصعب تجاهل تأثير خروجها من سوق ضخمة مثل الهند. وهكذا تتعرض قصة النمو في شركة (سي) إلى الانهيار".
في الوقت نفسه، تتعاظم خسائر شركة "غراب" التي تواصل الإنفاق والإسراف اعتماداً على الدعم.
مع ذلك؛ يتباطأ ويتردد المحللون في تخفيض أسعار الأسهم المستهدفة في ضوء مكانة الشركتين الرائدتين في أسواق جنوب شرق آسيا. ويتوقَّعون أن تحقق أسهم الشركتين عائداً بنسبة 68% على الأقل على مدى الاثني عشر شهراً المقبلة، وفق بيانات جمعتها "بلومبرغ".