هل الركود العالمي الجديد هو ثمن معاقبة بوتين؟

فلاديمير بوتين.. كم تبلغ ثروته الشخصية؟ وأين يخبئها؟ - AFP
فلاديمير بوتين.. كم تبلغ ثروته الشخصية؟ وأين يخبئها؟ - AFP
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

إن استمرار التعامل بحزم مع فلاديمير بوتين لم يكن أبداً بلا تكلفة، إذ إن أسعار الطاقة آخذة في الارتفاع، والشركات تنسحب من روسيا وتلك التي تبقى هي معرضة لخطر التأميم. هناك قلق بشأن إمدادات الغذاء العالمية، ولقد بدأت الأحاديث حول الركود، حتى في الوقت الذي لا يزال الاقتصاد العالمي يتخلص فيه من الركود السابق.

سيكون من الحماقة استبعاد حدوث ركود جديد، هذا إن لم يكن قد بات بالفعل موجوداً بيننا.

استُخدمت كلمة "الركود" عدة مرات يوم الثلاثاء: أقرّت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، بأن المخاطر تتزايد في عدد من البلدان، وحذرت الاقتصاديين في بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس في مذكرة من أنه لن يكون بمقدور الاقتصاد العالمي تجنب الركود، في غياب استئناف صادرات الطاقة الروسية هذا العام.

في النهاية، يعتمد ذلك على مدى الألم الذي يمكن للولايات المتحدة وشركائها تحمّله لمعاقبة الرئيس الروسي على غزوه لأوكرانيا.

عالم مختلف تماماً

في ظاهر الأمر، فإن الاقتصاد العالمي لديه بعض الحماية الاحتياطية قبل أن تسوء الأمور. يتوقع صندوق النقد الدولي توسعاً هذا العام يبلغ 4.4%، بانخفاض عن نسبة العام الماضي الناجح البالغة 5.9%، لكنه بمثابة عالم مختلف تماماً عن الهبوط المفاجئ الذي أحدثه الوباء في عام 2020.

بعض التحذيرات المهمة: تعريف البنوك للركود العالمي هو نمو 2.5% أو أقل - ليس الانكماش التام - ومن المؤكد تقريباً أن يخفض الصندوق توقعاته الشهر المقبل. إذن، في حين أن الوصول إلى منطقة الركود أمر غير مرجح، فقد يشير اتجاه السفر نحو ذاك المسار.

كتب الاقتصاديان في مجلس الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، لوتز كيليان ومايكل بلانت، أن الانكماش المحتمل قد يطول أكثر مما كان عليه في عام 1991، وهو العام الذي أعقب غزو العراق للكويت.

وكتب الاقتصاديان: "إذا كان الجزء الأكبر من صادرات الطاقة الروسية خارج السوق للفترة المتبقية من عام 2022، فإن الانكماش الاقتصادي العالمي يبدو أنه لا مفر منه".

من الجدير بالذكر أنه قبل ثلاثة عقود، كانت المملكة العربية السعودية قادرة على تخفيف بعض الاضطرابات في السوق من خلال زيادة الإنتاج.

آنذاك، عانت الولايات المتحدة من ركود متواضع نسبياً، وشهدت نمواً بحلول نهاية عام 1991، على الرغم من أن الانتعاش لم يظهر بالسرعة الكافية بالنسبة للرئيس جورج بوش الأب الذي خسر انتخابات عام 1992 أمام بيل كلينتون.

السياسة النقدية

وفي وقت لاحق ألقى بوش باللوم على آلان غرينسبان، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ذلك الوقت، لإبقائه على الائتمان في حالة تشديد ضيق للغاية.

هل يستطيع الرئيس الحالي جيروم باول تعديل نهجه والتخلص من القليل من التأمين في مواجهة الانكماش الاقتصادي؟ في التصريحات العامة، هناك القليل من الدلائل على ذلك. بل غالباً، العكس هو الصحيح.

في حديثه إلى "الرابطة الوطنية لاقتصاديات الأعمال"، بدا باول أكثر جرأة مقارنة بمؤتمره الصحفي المتشدد نسبياً الأسبوع الماضي بعد أن رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي بمقدار ربع نقطة.

وقال باول يوم الثلاثاء، إنه مستعدٌّ للنظر في خطوات لرفع الفائدة بمقدار نصف نقطة في الاجتماعات القادمة لـ"اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة" لكبح جماح التضخم. إذ قال باول: "ما الذي يمنعنا؟ لا شيء"، وهو ما دفع سوق السندات المضطرب بالفعل إلى الانخفاض.

قال باول الأسبوع الماضي، إن سوق العمل قوية إلى مستوى غير صحي، تاركاً مجالاً ضئيلاً للغموض بشأن الأولوية المعطاة حالياً لكبح التضخم؛ فهو قوي. انخفض معدل البطالة إلى أقل من 4% الشهر الماضي، وكانت المكاسب في جداول الرواتب أعلى بكثير من التقديرات.

لكن لا يمكن لباول القلق بشأن الاقتصاد الأمريكي فقط، على الرغم من أن هذا هو التفويض الممنوح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي من قبل الكونغرس. فبصفته الوصي على أكبر اقتصاد في العالم، وعلى عملة احتياط العالم، فإنه يتحمل عبئاً أكبر.

تتطلع العديد من البنوك المركزية إلى بنك الاحتياطي الفيدرالي للحصول على الاتجاه، إن لم يكن التوجيه.

رفع الفائدة

كانت أسعار الفائدة المرتفعة قادمة حتى قبل أن يبدأ بوتين هجومه على أوكرانيا. ففي العام الماضي، بدأت السلطات النقدية في سحب التيسير، وقام البعض، مثل "بنك إنجلترا"، برفع تكاليف الاقتراض قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.

لكن إلى حدٍّ ما بات اسم بوتين مرتبطاً بكل الزيادات تقريباً. ومعظم قائلي ذلك يرون أن الهجوم على أوكرانيا يؤدي، على أقل تقدير، إلى تفاقم ضغوط الأسعار.

في حالة وصول الركود الاقتصادي، ستظهر عليه في مكان ما الأحرف الأولى من اسم بوتين.

جرى توبيخ "بنك إنجلترا" عن حق بسبب إخفاقه في تواصله في نوفمبر عندما بدا وكأنه يشير لزيادة سعر الفائدة، ثم تراجع بعيداً عن رفعها.

في الآونة الأخيرة، ربما بات "بنك إنجلترا" يقرأ ورقة الترنيمة بشكل أفضل قليلاً، إذ رفع المسؤولون الفائدة في هذا الشهر، لكنهم بدؤوا في تلطيف لغتهم.

الخلاصة، هي أنه لن يكون هناك رفع سعر فائدة ضخم في الفترة القادمة. يبدو أن لندن استوعبت تهديدات فعل ذلك على النمو.

كان "الملخص التنفيذي" لباول قصيراً للغاية وأضحك الجمهور. لكن، في حال كان مخطئاً في نظرته للمستقبل، فسيكون هناك قدر أقل من ذاك المرح.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة