بعد تحليقها في 21 مارس، تعرّضت رحلة "MU5735" التابعة لخطوط شرق الصين الجوية (China Eastern Airlines) لانحدار رأسي مفاجئ في غضون ثوانٍ، وهو سقوط غير عادي سيكون محور تركيز المحققين الذين يحاولون فهم سبب سقوط طائرة شركة "بوينغ".
وفي حين أن معظم حوادث تحطم الطائرات يحدث في أثناء الإقلاع والهبوط، فإن حوادث السقوط العنيفة مثل حادث يوم الاثنين تمثل جزءاً كبيراً من وَفَيَات الطيران لأنها تقتل كل من يكون على متنها حتماً.
يشار إلى أن طائرة خطوط شرق الصين الجوية استغرقت دقيقة و35 ثانية فقط لتختفي من مواقع التتبع بعد أن بدأت سقوطاً سريعاً ومفاجئاً من ارتفاع 29 ألف قدم.
تعليقاً على الموضوع، قال حسن شهيدي، الرئيس والمدير التنفيذي لـ"مؤسسة سلامة الطيران" غير الربحية، ومقرها الإسكندرية، فيرجينيا، إنه من السابق لأوانه تحديد ما حدث، و"خلال الأيام المقبلة ستحصل خطوط شرق الصين الجوية، الجهة المنظمة للطيران الصيني، والمحققون الصينيون، وشركة (بوينغ)، على كثير من المعلومات، إذ سيتوفر مسجّل بيانات الرحلة، ومسجّل صوت قمرة القيادة، وبيانات الحركة الجوية، وغيرها من البيانات".
تُعَدّ طائرة "737-800" جزءاً من طائرات "بوينغ" من الجيل التالي "737"، التي تتمتع بسجلّ سلامة قوي بين أنواع الطائرات، مع 11 حادثاً مميتاً فقط بين أكثر من 7 آلاف طائرة جرى تسليمها منذ عام 1997.
وفي حين أن سبب حادثة يوم الاثنين لا يزال مجهولاً، فقد توفر حوادث مماثلة أدلة في هذا الصدد.
إليكم ما نعرفه عن طائرات أخرى تحطمت في منتصف الرحلة:
رحلة طيران "سريويجايا" (Sriwijaya) رقم 182، 9 يناير 2021
أقلعت طائرة "بوينغ" تبلغ من العمر 26 عاماً من طراز "737-500"، تديرها شركة الطيران الإندونيسية من جاكرتا وعلى متنها 62 شخصاً، إذ حلقت في البداية في ما بدا أنه مسار روتيني، ولكن بعد أن وصلت إلى نحو 10 آلاف قدم (3,050 متراً)، استقرت وبقيت بين 10 آلاف و11 ألف قدم لمدة 45 ثانية تقريباً.
في ذلك الوقت تقريباً تحدّث مراقب الحركة الجوية عبر الراديو مع الطائرة ليُعلِمها أنها خرجت عن مسارها، لكن لم يكن هناك رد. وفي نفس الوقت تقريباً استدارت الطائرة يساراً بنحو 40 درجة في الاتجاه المعاكس للمسار الذي جرى توجيهها إليه.
في تلك المرحلة بدأت الطائرة تهوي بشكل مفاجئ قبل أن تغرق في بحر جاوة، مما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها.
وفي حين لا يزال تقرير التحقيق النهائي معلقاً، وجد تحقيق أولي أن المحرك الأيسر على متن الطائرة بدأ في تقليل الطاقة حتى مع بقاء إعداد المحرك الصحيح كما هو.
ويمكن أن تتسبب إعدادات الدفع غير المتكافئة في التفاف الطائرة في حال عدم معالجتها بشكل صحيح. وكانت هناك مؤشرات على أن الطيارين لم يتمكنوا من الحفاظ على الوجهة المخصصة لهم، وربما تشتت انتباههم بسبب محاولات الالتفاف لتجنب العاصفة.
رحلة "أطلس للطيران" (Atlas Air) رقم 3591، 23 فبراير 2019
عندما اقتربت طائرة الشحن "بوينغ 767-300" من هيوستن وهي تحمل شحنات لشركة "أمازون"، زاد مساعد الطيار قوة المحرك عن طريق الخطأ، إذ كان مرتبكاً على ما يبدو واعتقد أن مقدمة الطائرة كانت مرتفعة بشكل خطير، ثم دفع الطائرة نحو انحدار حادّ، وفقاً لمجلس سلامة النقل الوطني الأمريكي.
وقد وصلت سرعة الطائرة إلى 500 ميل (805 كيلومترات) في الساعة في ثوانٍ، واصطدمت بمستنقعات في خليج ترينيتي، إذ قتلت الأشخاص الثلاثة الذين كانوا على متنها.
ومع ذلك كانت طائرة "أطلس" على ارتفاع أقل بكثير من رحلة طيران خطوط شرق الصين الجوية عندما سقطت، وكان السقوط أقصر.
علاوةً على ذلك، كان تحطم رحلة "فلاي دبي" (Flydubai) في روستوف-أون-دون، روسيا، في 19 مارس 2016، نتيجةً لإرباك الطيار بشكل شبيه لرحلة "أطلس" للطيران، مما دفع بالطائرة "737-800" إلى السقوط من ارتفاع نحو 4 آلاف قدم، وفقاً للجنة التحقيق في الحوادث الجوية الروسية، إذ قُتل كل من كانوا على متن الرحلة وعددهم 62 شخصاً.
وفي الواقع، يمكن أن يؤدي الضغط على الزر الخطأ في قمرة القيادة إلى حدوث ارتباك مماثل وهبوط غير مقصود. ففي سبتمبر 2011 انحدرت طائرة "بوينغ 737-700" التي تديرها شركة "نيبون للطيران" (Air Nippon)، وهي سلف شركة "أول نيبون للطيران" (All Nippon Airways)، انحداراً رأسياً مفاجئاً بنحو 6 آلاف قدم من ارتفاع تحليق بلغ 41 ألف قدم، بعد الاشتباه بتشغيل أحد الطيارين التحكم في دفة القيادة عن غير قصد في أثناء محاولة التحكم في قفل باب قمرة القيادة، للسماح للقبطان بمعاودة الدخول إلى قمرة القيادة. ولم يسفر الحادث عن اصطدام أو أضرار بالطائرة.
رحلة "سيلك للطيران" (Silk Air) رقم 185، 19 ديسمبر 1997
غاصت هذه الطائرة من طراز "737-300"، التي كانت تحمل على متنها 104 أشخاص، في نهر بالقرب من باليمبانغ بإندونيسيا في ظروف غامضة، إذ سقطت من ارتفاع 35 ألف قدم بعد تعطل كلا المسجّلين المقاومين للاصطدام.
وخلص مجلس سلامة النقل الوطني الأمريكي، الذي كان يساعد لجنة سلامة النقل الوطنية الإندونيسية في التحقيق في الحادث، إلى أن القبطان قد أسقط الطائرة عمداً، في حين قال محققون إندونيسيون إنه لا توجد أدلة كافية لتحديد ما حدث.
وقد سقطت الطائرة بسرعة كبيرة -قريبة من سرعة الصوت- لدرجة أنها بدأت في التفكك، وفقاً للمحققين.
رحلة خطوط الولايات المتحدة الجوية (USAir) رقم 427، 8 سبتمبر 1994
كانت هذه هي الحادثة الثانية من بين حادثتين مرتبطتين بعيب في دفة "737"، إذ قُتل جميع الأشخاص الذين كانوا على متن الطائرة وعددهم 132 شخصاً في حادث تحطم قرب بيتسبرغ.
فعندما اقتربت الطائرة، من طراز "737-300"، من الهبوط على ارتفاع نحو 6 آلاف قدم، انحشرت الدفة في جانب واحد، حسبما خلص مجلس سلامة النقل الوطني الأمريكي، وتحركت الطائرة بحدة إلى اليسار وتوجهت مقدمتها نحو الأرض.
بعد عدة سنوات من الحادث، أصدرت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية قراراً بإصلاح الدفة في جميع طائرات "737". ولم يكن هناك أي حادث جرى إلقاء اللوم فيه على النظام منذ ذلك الحين.
رحلة الخطوط الجوية الفرنسية (Air France) رقم 447، 1 يونيو 2009
سقطت طائرة "إيرباص A330" المتجهة من البرازيل إلى فرنسا وعلى متنها 228 شخصاً في المحيط الأطلسي من ارتفاع تحليق يزيد على 30 ألف قدم.
وقد وجد المحققون الفرنسيون أن الأدوات المستخدمة لتحديد السرعة الجوية تعطلت بعد تشكل الجليد عليها وأصبح الطيارون مشوشين، إذ ارتفعوا بالطائرة وسمحوا لها بالتباطؤ بشكل خطير ودخول حالة من توقف الديناميكية الهوائية.
وبالنتيجة قُتل جميع الأشخاص الذين كانوا على متنها، وقد جرى اكتشاف مسجلات بيانات الرحلة في قاع المحيط بعد بحث مطول.
ووفقاً للتحقيق، كانت طائرة الخطوط الجوية الفرنسية "A330" تتأرجح من جانب إلى آخر بدلاً من السقوط، إلى أن سقطت بمعدل 11 ألف قدم في الدقيقة.
رحلة الخطوط الجوية الماليزية (Malaysia Airlines) رقم 370، 8 مارس 2014
يمكن القول إن هذا من أعظم الألغاز في الطيران المدني، إذ اختفت طائرة "بوينغ 777-200" تحمل 239 شخصاً في طريقها من كوالالمبور إلى بكين، بعد نحو 40 دقيقة من الرحلة. وبعد ثلاث سنوات جرى التخلي عن البحث عن الطائرة، وجُرِف بعض قطع الحطام في نهاية المطاف على الشواطئ على بعد آلاف الأميال.
وفي حين لم يُحدَّد سبب الاختفاء حتى هذا التاريخ، قال مكتب سلامة النقل الأسترالي في تقرير صدر في نوفمبر 2016 إنّ البيانات والحطام دليل على أن الطائرة سقطت في اتجاه البحر دون أن يسيطر عليها أحد بعد آخر اتصال لها عبر الأقمار الصناعية.