خفّض المستثمرون الأجانب حيازاتهم من السندات الحكومية الصينية أكثر من أي وقت مضى خلال الشهر الماضي، فقد تسبب الغزو الروسي على أوكرانيا في اضطراب أسواق الدخل الثابت في جميع أنحاء العالم.
بلغ صافي مبيعات المستثمرين الأجانب 35 مليار يوان (5.5 مليار دولار) من السندات الحكومية الصينية في شهر فبراير، لتسجل أكبر انخفاض شهري على الإطلاق، والأول منذ شهر مارس 2021، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ". وتراجعت حيازات الأجانب إلى 2.48 تريليون يوان من 2.52 تريليون يوان في شهر يناير.
احتمالات مبيعات من روسيا
أثار حجم الانسحاب الجدل حول أنَّ بعض عمليات البيع ربما جاءت من روسيا، إذ أدت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على روسيا إلى قطع إمكانية وصول البنك المركزي الروسي إلى جزء كبير من احتياطياته الأجنبية البالغة 643 مليار دولار. وبداية من شهر يونيو، شكّل اليوان الصيني 13% من تلك الاحتياطيات، وفقاً لبيانات البنك المركزي. وقَدّر المحللون في "مجموعة أستراليا ونيوزيلاندا المصرفية المحدودة" أنَّ البنك المركزي الروسي وصندوق الثروة السيادية يمتلكان على الأرجح 140 مليار دولار من السندات الصينية.
قال أليكس إيترا، كبير المحللين الاستراتيجيين في شركة "اكسنت داتا" (Exante Data)، إنَّه لا يمكنه استبعاد احتمالية بيع البنك المركزي الروسي للسندات الصينية، في حين أنَّ إعادة التدفقات، ولا سيما تلك الخاصة بصناديق السندات الأوروبية؛ ساهمت أيضاً في التدفق للخارج. وقَدّر إيترا أنَّ التدفق الخارجي لصناديق السندات من الصين وصل إلى 1.5 مليار دولار خلال الأسابيع الأربعة الماضية.
شكّل التدفق الخارجي لشهر فبراير انعكاساً مفاجئاً تجاه الوضع السائد مؤخراً، فقد بلغ متوسط التدفقات الواردة 72 مليار يوان شهرياً منذ نهاية أكتوبر، عندما أضاف مؤشر "فوتسي راسل" (FTSE Russell) السندات الصينية إلى مؤشره القياسي العالمي. وفي شهر فبراير الماضي؛ باع المستثمرون الأجانب نحو 28.5 مليار يوان من الأوراق النقدية الخاصة بالسياسة العامة.
قال روب دري كونينغين، مدير المحفظة في صندوق "نويبيرغر بيرمان" (Neuberger Berman Europe Ltd)، إنَّها تكهنات، ولكن "من الممكن بالطبع" أن يقوم البنك المركزي الروسي ببيع السندات "لإدرار النقد". وأضاف أنَّه من المحتمل أيضاً أن يلعب فارق العائد المنخفض "دوراً كبيراً" في التدفق الخارجي.
انخفاض القيمة
أدى تقليص ميزة عائدات الصين على السندات الأمريكية، نتيجة لسياساتها النقدية المتباينة، إلى تآكل جاذبية الأوراق المالية الصينية، فعند حوالي 2.8%؛ تزيد عوائد السندات الصينية لأجل 10 سنوات بنحو 105 نقاط أساس عن سندات الخزانة، مقارنة بفجوة تزيد عن 220 نقطة أساس في نهاية عام 2020.
ارتفع العائد القياسي لأجل 10 سنوات ثماني نقاط أساس الشهر الماضي، ومعظمه منذ أكتوبر، وذلك وسط تزايد الرهانات على إجراءات التحفيز المالي، إذ تستهدف الحكومة معدل نمو طموح بنسبة 5.5% هذا العام. وخفّضت البنوك المحلية وشركات السمسرة والصناديق حيازاتها من السندات الحكومية الصينية في شهر فبراير، وفقاً لبيانات صادرة عن منصة "تشاينا بوند" (Chinabond).
دفعت الآمال المتضائلة في التيسير النقدي بالفعل شركة "اليانس بيرنشتاين هولدينغ" (AllianceBernstein Holding LP) وشركة "باسيفيك إنفستمنت مانجمنت" (Pacific Investment Management) إلى اتخاذ موقف سلبي من الديون الصينية.
خفَّض "غولدمان ساكس" يوم الإثنين تقييمه للسندات السيادية الصينية إلى محايد على المدى القريب بسبب خطر تعرضها لضغط بيع إذا كانت الصناديق تفتقر إلى السيولة وسط تدفقات خارجة من الأسواق الناشئة.
قال ستيفن تشيو، كبير محللي أسواق العملات في آسيا ومحلل الأسعار في "بلومبرغ إنتليجنس": "إنَّه في حالة عدم المخاطرة، لن يكون من المفاجئ رؤية المستثمرين الأجانب يقلّصون حيازاتهم، ويحتفظون بمزيد من السيولة". وأضاف أنَّ الأجانب يمتلكون 11.14% من سندات الحكومة الصينية اعتباراً من شهر يناير، وذلك قريب من حيازاتهم البالغة 13% من ديون الحكومة اليابانية، مشيراً إلى أنَّ المستثمرين ربما يقتربون من الحد المسموح به للصين.