ارتفعت أسعار القمح لتقترب من مستوياتها القياسية، حيث قطعت الحرب الروسية المحتدمة في أوكرانيا الإمدادات القادمة من إحدى سلال الخبز الرئيسية في العالم، ويُتوقع أن تعيق زراعة المحاصيل هذا الموسم، مهددة بأزمة شبه محتومة في جانب العرض بالنسبة للمستهلكين حول العالم.
ارتفعت أسعار العقود المستقبلية في بورصة شيكاغو لتبلغ الحد اليومي للجلسة السادسة على التوالي، حيث صعدت بنسبة بلغت 7% لتصل إلى 12.94 دولار لكل بوشل (27.25 كيلوغرام)، صاعدة فوق زيادتها الكبيرة التي بلغت 41% الأسبوع الماضي، وهو أكبر ارتفاع منذ ما يزيد على 6 عقود.
أوكرانيا تلجأ للسكك الحديدية لزيادة صادرات الحبوب بعد إغلاق الموانئ
صعدت أسعار السلع الأساسية بداية من الطاقة إلى المعادن والمحاصيل منذ بدء الغزو الروسي، ما أدى لتصاعد الضغوط التضخمية حول العالم وتعريض السياسة النقدية لتحديات جديدة.
بلغت أسعار القمح أعلى مستوياتها منذ أزمة الغذاء العالمية في 2008، وتبدو متموضعة لتخطي هذا المستوى هذا الأسبوع. كانت تكاليف الغذاء قد ارتفعت إلى مستويات أعلى من أي وقت مضى، حسب الأمم المتحدة، كما يُتوقع أن تزداد أكثر لتفاقم مشاكل المستوردين، وتدفع مزيداً من الناس للوقوع في براثن الجوع.
تسببت الحرب الدائرة بوقف شحنات القمح من إحدى أكثر مناطق الزراعة أهمية حول العالم. تشكل أوكرانيا وروسيا معاً ما يزيد على ربع التجارة العالمية من هذا الغذاء الأساسي للخبز وصولاً إلى البسكويت والمعكرونة. أغلق الصراع الموانئ الكبرى في أوكرانيا وقطع خطوط الإمدادات والنقل. كما اختنقت التجارة مع روسيا جراء صعوبة التعامل مع العقوبات وزيادة تكاليف التأمين والشحن.
حقول ذهبية
عطل الغزو العمل الزراعي في أوكرانيا بدءاً من الحقول ووصولاً لمعامل المعالجة والموانئ. يعد هذا القطاع جوهرياً بالنسبة لهوية أوكرانيا لدرجة أن علمها يمثل سماء زرقاء تغطي حقولاً ذهبية. توجد مشكلة كبيرة أخرى على صعيد الإمدادات ألا وهي أن المزارعين الأوكرانيين يجدون صعوبة في العمل في الحقول، أو أنهم انضموا إلى الجيش قبيل أسابيع فقط على بدء موسم الزراعة في الربيع.
كما أن أوكرانيا وروسيا موردان رئيسيان للذرة والشعير وزيت عباد الشمس. اقترب سعر الذرة من أعلى مستوى له منذ 2012 خلال اليوم، بينما حقق كل من زيت فول الصويا وزيت النخيل مستويات قياسية. تتجه الصين، أكبر مستورد للذرة وفول الصويا على مستوى العالم وأحد أكبر مشتري حبوب القمح، لشراء إمداداتها الأساسية من الأسواق العالمية، وهو ما يسهم في زيادة الأسعار بطريقة أكبر.
حرب أوكرانيا تهدد مخزونات القمح في شمال إفريقيا وتبرر رفع سعر الخبز بمصر
كما تتخذ حكومات أخرى تدابير من شأنها الحفاظ على الإمدادات الغذائية المحلية. حيث حظرت المجر صادرات الحبوب، كما اتخذت الأرجنتين وتركيا وإندونيسيا تدابيرَ لزيادة تحكمها بالمنتجات المحلية، ومنعت مولدوفا، وإن كانت دولة مصدرة صغيرة، بشكل مؤقت صادرات القمح والذرة والسكر.
لكن قد ينتج رد معاكس عبر إمدادات المزارعين في مناطق الزراعة الأخرى حول العالم هذا العام. ستزرع الولايات المتحدة وكندا وأوروبا الغربية على الأرجح المزيد استجابة لارتفاع الأسعار، رغم أن التقلبات المتزايدة للطقس حول العالم تترك المحاصيل الوفيرة في هذه المناطق موضع شكوك.