واصلت أسعار القمح تحليقها متجاوزة عتبة الـ11 دولاراً للبوشل، وهو أعلى مستوى لها منذ 14 عاماً، في ظل شبه توقف للشحنات من واحدة من أكبر مناطق زراعة القمح في العالم نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا.
تعرقل الحرب الدائرة في أوكرانيا، إلى جانب العقوبات الأمريكية والأوروبية واسعة النطاق على روسيا، الإمدادات من البحر الأسود في وقت يواجه المخزون العالمي ضيقاً في الأصل.
تسهم أوكرانيا وروسيا معاً بأكثر من ربع صادرات القمح في العالم؛ إلا أنَّ الأعمال القتالية أدت إلى إغلاق الموانئ، وأوقفت عمليات النقل، وقطعت العمليات اللوجستية. كما تهدد الحرب زراعة القمح هذا العام في أوكرانيا بما أنَّ المزارعين قد يكونون منخرطين في القتال، وستواجه البلاد نقصاً في البذور والأسمدة.
اقرأ أيضاً.. حرب أوكرانيا تهدد مخزونات القمح في شمال إفريقيا وتبرر رفع سعر الخبز بمصر
توقعات باستمرار شُح الإمدادات
من المرجح أن يستمر هذا الشحّ في الإمدادات إلى الفصل المقبل، وربما أطول من ذلك. بالتالي؛ فإنَّ المحصول الغزير في أمريكا الشمالية ومناطق أخرى في أوروبا سيكون ضرورياً جداً هذا الصيف من أجل الحدّ من المزيد من الارتفاعات في الأسعار.
وفي حين تهدد الحرب الشحنات من منطقة البحر الأسود، يفكر الشارون بإبرام عقود آجلة للحصول على الحبوب الأسترالية حتى الربع الثالث، بحسب شركة الشحن الرائدة "مجموعة سي بي إتش" (CBH Group).
وكانت أسعار القمح قد ارتفعت مجدداً الخميس إلى الحدّ الأقصى اليومي المسموح به، لتقفز بنسبة 7.1% وتصل إلى 11.34 دولاراً للبوشل. وكانت الأسعار قد ارتفعت بنسبة 50% في الشهر الماضي.
تضخم أسعار الغذاء العالمية
أدت هذه الزيادة في الأسعار إلى رفع مؤشر "بلومبرغ" الزراعي إلى معدل قياسي، كما تسهم في تضخم أسعار الغذاء العالمية، ويأتي ذلك بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط وغيرها من السلع، مما يجبر المصارف المركزية على تشديد السياسات النقدية بعد سنوات من أسعار الفائدة المنخفضة جداً.
كذلك، تعدّ روسيا وأوكرانيا من أكبر مصادر الذرة، والشعير، وزيت دوار الشمس.
مشترو القمح يبحثون عن بدائل بسبب تداعيات الحرب في "سلة الخبز العالمية"
كانت أسعار الذرة قد ارتفعت إلى أعلى معدل لها منذ عام 2012، كما سجل زيت الصويا وزيت النخيل معدلات قياسية. في غضون ذلك؛ تسعى الصين أكبر مستورد للذرة، وحبوب الصويا، وأحد أكبر مشتري القمح لتأمين احتياجاتها الأساسية من الأسواق العالمية، مما يسهم في رفع الأسعار أكثر.
مصر؛ أكبر مستورد للقمح، في مأزق صعب. فقد أسهمت روسيا وأوكرانيا بـ86% من واردات البلاد من القمح عام 2020، بحسب الأمم المتحدة. إلا أنَّ الحرب والعقوبات المتسارعة، والارتفاع الكبير بأسعار الشحن والتأمين، تعرقل جهودها في تأمين الإمدادات اللازمة.
ولمثل هذا الأمر مضاعفات إضافية لدولة تقع في شمال أفريقيا؛ فقد كان ارتفاع أسعار الغذاء قد أسهم في اندلاع تظاهرات الربيع العربي قبل عقد من الزمن.