تخضع مبيعات النفط الروسية لحظر بشكل متزايد، رغم عدم إقرارها رسمياً، ما يهدد مصدراً حيوياً لإمدادات الخام العالمية.
وفي حين لا توجد عقوبات حالية تمنع الشركات من شراء النفط الخام للبلاد، فإنّ المشترين يرفضون تسلُّمه، وليس لدى شركات الناقلات استعداد لشحنه، فيما تتسابق المصافي لتأمين إمدادات بديلة من الأسواق الأخرى.
عرضت عملاقة تجارة النفط "ترافيغورا غروب" (Trafigura Group)، يوم الثلاثاء، بيع شحنة من درجة نفط الأورال في البلاد مقابل 18.60 دولار للبرميل، أي بما يقل عن المعيار الدولي. كان هذا هو أكبر خصم على الإطلاق، لكنه لم يستقطب أي عروض. من المقرر أن تكشف السوق اليوم ما إذا كان يمكن لمنتج النفط الروسي "سورغوتنيفتجاس" (Surgutneftegas) تفريغ تسع شحنات من خلال المناقصات بعد فشل محاولتين سابقتين.
اقرأ أيضاً: واردات أمريكا من النفط الروسي تتراجع بأبطأ وتيرة في 4 سنوات
تُعَدّ مسألة التجارة والشحن هي القضية الكبرى، إذ تتبع أعداد كبيرة من مالكي ناقلات النفط، وغالباً الشركات التي لديها إدارات امتثال صغيرة نسبياً، نهج الحذر أولاً حتى تتضح الصورة الكاملة للعقوبات. يدرك بعض التجار الدوليين كذلك الدعاية السلبية في حال تعاملهم مع البراميل الروسية، وتُعَدّ هذه ضربة قاتلة للصادرات، الدعامة الأساسية للاقتصاد الروسي، لأن ما يقرب من ثلثي مبيعات النفط الخام في البلاد يُنقل عن طريق السفن.
قالت الشركة الاستشارية "إنيرجي أسبكتس" (Energy Aspects) في مذكرة: "جرى تجميد نحو 70% من تجارة الخام الروسي. هذا لا يمس معظم الشركات الكبرى، ولا يزال عدد قليل من شركات التكرير والشركات التجارية الأوروبية في السوق".
كما أفادت "إنيرجي أسبكتس" أنه بمجرد اتضاح النطاق الكامل للعقوبات قد تنخفض كمية تجارة النفط الخام المجمّدة إلى نحو 20% بعد تدخل المتداول الآسيوي، لكن بالنسبة إلى دولة تصدر نحو 5 ملايين برميل يومياً، أو نحو 5% من الاستهلاك العالمي، سيظل ذلك بمثابة ضربة ساحقة لسوق النفط.
اقرأ أيضاً: النفط يقفز فوق 110 دولارات بعد تحذيرات بشأن أمن الطاقة العالمي
ارتفع سعر نفط برنت لشهر مايو إلى 113 دولاراً للبرميل، الأربعاء، متجاهلاً إلى حد كبير إصدار مخزونات نفطية طارئة بتنسيق من الوكالة الدولية للطاقة. وارتفعت العقود الآجلة بهذا المبلغ مرة أخرى، صباح الأربعاء في لندن، إذ جرى تداولها عند أعلى مستوى لها منذ عام 2012.
طفرة النفط
توجد عدة مؤشرات على مدى صعوبة تأكيد إزالة النفط الروسي من الأسواق. فبعد فشل محاولتين لـ"سورغوتنيفتيغاس" (Surgutneftegas) في بيع نفطها، لدى الشركة حالياً مناقصتان مفتوحتان تقدمان تسع شحنات مجمعة، كلتاهما تغلق اليوم، ويتابعهما التجار من كثب.
يشير المنحنى الآجل لسوق النفط إلى السوق التي تسعر الصادرات الروسية المفقودة، مع وجود عقود لتسعير المعروض الفوري أعلى بكثير من الأسعار اللاحقة، مما يشير إلى الحاجة الملحّة إلى الشحنات.
في حال استمرار التجميد، لن يكون الأمر مجرد تحدٍّ لروسيا، ولكن أيضاً للدول المستهلكة التي تعتمد على الإمدادات. بدأت المصافي في أوروبا، بما في ذلك "بريم" (Preem) و"نيستي" (Neste)، تتحول بالفعل إلى أماكن بديلة، واشترت مصفاة نفط ليتوانية تعتمد عادة على روسيا شحنات نادرة من نفط بحر الشمال.
اعتباراً من يوم الثلاثاء، احتاجت روسيا والشركات التي تأخذ نفطها الخام إلى العثور على أكثر من 80 ناقلة لجمع نحو 61 مليون برميل من الخام من المواني الغربية الرئيسية في البلاد هذا الشهر، وفقاً لجداول التحميل التي اطلعت عليها "بلومبرغ". تُظهِر عمليات التحميل المخطط لها حتى الآن أنه جرى تخصيص ست سفن فقط لجمع البضائع، وفي نفس الوقت قبل شهر كانت 25 سفينة مدرجة لجمع شحنات فبراير.
اقرأ أيضاً: مساعد بايدن يطالب شركات النفط الأمريكية بزيادة الإنتاج
كتب محللو "ستاندرد تشارترد"، بمن فيهم بول هورسنيل وإميلي أشفورد، في مذكرة: "الافتراض بأن التدفقات ستستمر في الانعزال عن الإجراءات المتخذة ضد روسيا أصبح أقل قابلية للدفاع عنه. أصبح أمن وموثوقية تدفقات الطاقة الروسية محركين للسوق خلال الأسبوع الماضي".