يعمل صنّاع محركات الطائرات لصالح شركة "بوينغ"، وشركة "إيرباص" على تنويع مصادر الحصول على التيتانيوم بعيداً عن روسيا، التي تعد المورد الرئيسي له، إذ يمثل الصراع الدائر في أوكرانيا تهديداً للحصول على المعدن الأساسي في عملية تصنيع المعدات الحيوية للطائرات.
قال الرئيس التنفيذي أوليفييه أندريس، الخميس، إنَّ شركة "فيسيمبو-أفيسما" (VSMPO-Avisma) الروسية تعتبر المورد الرئيسي لشركة "سافران" (Safran SA)، إذ تمثل ما يقرب من نصف المشتريات.
أوضح في مؤتمر عبر الهاتف أنَّه في ظل تصاعد التوترات العسكرية في غضون الأسابيع الأخيرة؛ اشترت الشركة الفرنسية معدن التيتانيوم من شركات توزيع في ألمانيا.
أضاف "أندريس": "لقد رفعنا من مستوى مخزوننا من معدن التيتانيوم منذ مطلع السنة الجارية.. يوجد أمامنا بضعة شهور بالنسبة لتوفر قطع غيار المحركات، ومعدات الهبوط، لذلك يوجد أمامنا بعض الوقت للإسراع بخطانا نحو مصادر أخرى".
مصادر أخرى
تعمل شركة "رولز رويس" القابضة، التي تحصل على 20% من التيتانيوم الخاص بها عبر روسيا أيضاً على زيادة مخزونها وتنويع مصادرها، وفقاً لما ذكره الرئيس التنفيذي للشركة وارن إيست في مكالمة منفصلة لمناقشة الأرباح.
يجري استعمال المعدن بطريقة كبيرة في صناعة المحركات، وأدوات التثبيت، ومكونات الطائرات الأخرى، نظراً لوزنه الخفيف، ومتانته، ومقاومته للصدأ.
باتت إمكانية توقيع عقوبات أو غيرها من عمليات الانقطاع في إمدادات المواد الخام الحساسة تخضع لتركيز شديد، بعد أن شنت روسيا هجوماً على أوكرانيا عقب عمليات دعم القوات، وبذل جهود دبلوماسية محمومة لتفادي عملية الغزو.
من الممكن أن يسفر العجز عن تفاقم مشكلات في سلاسل التوريد الحالية التي تمثل تهديداً لزيادة الإنتاج لكل من صنّاع الطائرات الكبار للخطر.
قال الرئيس التنفيذي لشركة "بوينغ" ديف كالهون في مؤتمر عبر الهاتف في 26 يناير الماضي: "لقد بقي الوضع الجيوسياسي هادئاً بشكل كثير، دون وجود مشكلة". وتابع: "في حال لم يكن الأمر كذلك؛ فنحن نتمتع بالحماية لمدة زمنية طويلة، لكن ليس للأبد."
في شهر نوفمبر الماضي؛ أعلنت شركة "بوينغ" عن صفقة حديثة مع شركة "فيسيمبو". وقالت شركة "إيرباص"، إنَّها تحصل على معدن التيتانيوم بطريقة مباشرة من الشركة الروسية، ومن خلال الموردين الكبار، عن طريق البرامج التي تأخذ في الحسبان وجود مخاطر جيوسياسية.
قالت شركة تصنيع الطائرات الأوروبية في رسالة بالبريد الإلكتروني: "لذلك نحن نتمتع بحماية في الأجل القصير والمتوسط". وأضافت: "نقوم بمراقبة الوضع عن قرب مع الموردين لدينا".
نقص المعروض
أشارت شيلا كاهياوغلو، المحللة في شركة "جيفريز" في وقت سابق من هذا الشهر إلى أنَّ دور شركة "فيسيمبو" في عمليات التوريد يصل إلى ربع معدن التيتانيوم على المستوى العالمي، كما يعرض سلاسل التوريد الخاصة بقطاع الطيران للخطر.
وكتبت في مذكرة بحثية أنَّ شركة "هاوميت أيروسبيس" (Howmet Aerospace Inc.)، التي تنتج معدن التيتانيوم من اليابان، وشركة "إليغيني تكنولوجيز" (Allegheny Technologies Inc)، من الممكن أن يكون عملهما كموردين بديلين.
يعتبر مشروع "سي أف أم إنترناشيونال" (CFM International) المملوك لشركة "سافران" بالاشتراك مع شركة "جنرال إلكتريك"، والتي تعتبر المنتج الوحيد لمحركات طائرات من طراز "ماكس 737" أحادية الممر الخاصة بشركة "بوينغ"، وهو واحد من موردي مجموعة طائرات "إيه 320" المنافسة التابعة لشركة "إيرباص". وتعمل شركة "رولز"، ومقرها لندن، في صناعة محركات للطائرات ذات الممرين الأكبر حجماً.
وفقاً لما قاله "أندريس"؛ فإنَّه: "من المؤكّد أنَّ الحظر سيولد توترات في الأنحاء كافةً".
تزيد المخاوف حيال إمدادات معدن التيتانيوم، والمعادن الأخرى خلال الشهور القادمة من الاختناقات الحالية في المواد الخام، والنقص في أسواق العمل التي أصابت القطاعات الاقتصادية، بداية من الطيران وصولاً إلى السيارات.
قالت وحدة "برات أند ويتني" (Pratt & Whitney) المملوكة لشركة "رايثيون تكنولوجيز" (Raytheon Technologies Corp)، يوم الأربعاء، إنَّ العجز في المسبوكات المعدنية سينجم عنه تأخير في شحن ما يصل إلى 70 محرك طائرة إلى شركة "إيرباص" خلال الربع الأول من السنة الجارية.
كما نجم الهبوط عن النقص في قطع الغيار في عمليات التسليم لدى شركة "سافران"، نتيجة حالات غياب العمالة في مواقع الإنتاج الأمريكية المرتبطة بمتحور "أوميكرون"، كما أشار "أندريس" إلى أنَّ الوصول للمواد الخام على غرار المعادن، ومواد الراتنجات، وأشباه الموصلات، بات أمراً صعباً.
موقف معقد
قال الرئيس التنفيذي لشركة "إيرباص" غيلوم فوري، في مقابلة في 17 فبراير الجاري، إنَّ الموردين يتأهبون للإنتاج في ظل "موقف معقد تماماً يتعين ترويضه".
كما أشار إلى أنَّ "الحصول على المواد الخام يعتبر أمراً صعباً، والأسعار مرتفعة تماماً، وسعر الطاقة عالية جداً، والخدمات اللوجستية في كل أنحاء العالم تمثل تحدياً، والأسعار عالية للغاية".
سعياً وراء تكنولوجيا الحماية، والإمدادات الخاصة بالطائرات التجارية والعسكرية في المستقبل؛ اتفقت شركة "سافران" مع شركة "إيرباص"، وشركة "تايكاو أيس كابيتال" (Tikehau Ace Capital) الأسبوع الجاري، على شراء شركة السبائك وصقل المعادن "أوبيرت أند دوفال" ( Aubert & Duval SAS) من شركة "إيراميت" (Eramet SA) الفرنسية.
بعيداً عن الولايات المتحدة؛ تعتبر شركة "أوبرت أند دوفال" هي المطور الوحيد لسبائك من نوع خاص لديها قدرة على تحمّل درجات حرارة قصوى، ويعد الأمر أساسياً بالنسبة لطائرة مقاتلة أوروبية في المستقبل.
قال أندريس: "إنَّها تتمتع بأهمية استراتيجية عالية..احتجنا إلى الحفاظ على شركة التوريد الاستراتيجية تلك، إذ لا تكون قادرة على البقاء فقط، بل هي قادرة على مواصلة العمل أيضاً".