انخفض مؤشر "ناسداك 100" في منطقة السوق الهابطة للمرة الأولى منذ الوباء، مع تخارج المستثمرين من الأصول الخطرة بعد غزو روسيا لأوكرانيا.
هبط مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 3.3% بحلول الساعة 9:31 صباحاً في نيويورك، مما دفعه إلى منطقة السوق الهابطة، والتي يتم قياسها على أنَّها انخفاض بنسبة 20% أو أكثر لمؤشر الأسهم من أعلى مستوى له مؤخراً. إذ هاجمت القوات الروسية أهدافاً في جميع أنحاء أوكرانيا بعد أن أمر الرئيس فلاديمير بوتين بتجريد البلاد من السلاح، مما أدى إلى تهديد بمزيد من "العقوبات الشديدة" على موسكو، وتدهورت الأسواق في جميع أنحاء العالم. انخفض مؤشر" ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 2.4%، مما دفع المؤشر القياسي إلى تصحيح أعمق.
ومن بين أبرز الشركات في مؤشر "ناسداك 100"؛ هبط سهم شركة "أبل" بـ 4.6% ، وانخفض سهم "مايكروسوفت" 2.9% ، و3.2% لـ"أمازون.كوم"، وتقهقر سهم "ألفابت" الشركة الأم لـ"غوغل" بـ 2.6%. كما انخفض سهم "ميتا بلاتفورز" بـ ـ2.3% لتستكمل الشركة الأم لـ"فيسبوك" تأخرها عن السوق لأشهر، لتصل خسائرها منذ قمة سبتمبر إلى 50%.
ويعد الغزو الروسي لأوكرانيا أحدث المخاطر التي تضرب الأسواق، بعد تزايد التوقُّعات برفع أسعار الفائدة واستمرار التضخم، وهي العوامل التي أثرت إلى حد كبير في أسهم النمو.
"نحن لسنا في مرحلة يمكنك فيها الدخول ببساطة، لأنَّ كل شيء رخيص للغاية"، وفق إيفانا ديلفيسكا، كبيرة مسؤولي الاستثمار في "سبار إنفست"، وأضافت: "من الصعب للغاية تحديد القاع، كما تجعل المخاطر الجيوسياسية الأمر أكثر صعوبة".
بلغت خسائر مؤشر "ناسداك 100" 21% منذ قمته القياسية في 19 نوفمبر وسط ارتفاع هائل في التضخم، بالإضافة إلى الأرباح المخيبة للآمال، والمخاوف من نشوب صراع. وخسرت الشركات المدرجة في المؤشر نحو 3.1 تريليون دولار من قيمتها السوقية حتى الآن هذا العام، في ظل صراع المستثمرين مع الضربة المزدوجة للقطاع بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، والتي تقلل من قيمة الأرباح المستقبلية، وتباطؤ النمو.
كذلك ارتفعت العوائد على أمل أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي سحب التحفيز النقدي الهائل الذي دعم النظام المالي الأمريكي منذ انتشار الجائحة. ويكافح صنّاع السياسة أكبر ارتفاع في أسعار المستهلك منذ جيل، إلا أنَّ المستثمرين يتخلّصون من أسهم التكنولوجيا والنمو، التي تضخمت قيمتها في أثناء الجائحة، في ظلّ ارتفاع تكاليف الاقتراض.
من جانبه قال إريك ديتون، الرئيس والمدير الإداري لشركة "ذا ويلث أليانس" (The Wealth Alliance)، في مقابلة: "لقد أصبحت أسهم النمو محبوبة بشكل مبالغ فيه ولا يصدق، فقد حدث شعور بالمضاربة الشديدة، كما هو الحال مع فقاعة التكنولوجيا".
تختمر المشكلات منذ بداية العام ليهبط أكثر من ثلث الأسهم في مؤشر "ناسداك 100" -الذي يمثل أكبر الشركات غير المالية في البورصة- بنسبة 50% على الأقل من أعلى مستوياتها في 52 أسبوعاً بحلول الأسبوع الثاني فقط من يناير. في غضون ذلك؛ تُتداول 1% فقط من الأسهم في مؤشر "ناسداك المركب" عند أعلى مستوياتها في 52 أسبوعاً يوم الأربعاء.
فضلاً عن ذلك؛ دخل مؤشر "ناسداك المركب" الأوسع أيضاً إلى المنطقة الهابطة، ويرى بعض المحللين الاستراتيجيين أنَّ موجات البيع قد تكون مبالغة.
قال ألطاف قسام، رئيس استراتيجية الاستثمار والبحوث في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة "ستيت ستريت جلوبال أدفايزرز": "يبدو أنَّ ضعف أسواق الولايات المتحدة هو الأكثر تجاوزاً مع كون هذه الخطوة مدفوعة بالمشاعر، وليس الاقتصاد.. ستدفعنا تلك الحركات لإضافة القليل من المخاطر بطريقة محسوبة. ومع ذلك؛ فإنَّنا نخفف المخاطر من خلال عمليات التحوط، لا سيما في سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل، والعقود الآجلة لمؤشرات التقلب ".
تقلبات كبيرة
أظهرت شركات التكنولوجيا العملاقة تقلّبات كبيرة جداً منذ أن أغلقت الجائحة الاقتصاد الأمريكي في عام 2020، وفي وقت ما من هذا الشهر؛ سجّلت شركة "ميتا بلاتفورمز"، الشركة الأم لـ"فيسبوك"، أكبر انخفاض في القيمة السوقية في يوم واحد في تاريخ سوق الأسهم، في حين سجلت "أمازون" أكبر مكسب ليوم واحد في القيمة السوقية في تاريخ الولايات المتحدة.
علاوةً على ذلك؛ تضرّرت أسهم شركات التكنولوجيا الأصغر وسريعة النمو بشكل خاصّ نتيجة المخاوف من أنَّها ستكون أكثر عرضة لسياسة نقدية أكثر صرامة، و لأنَّها تعتمد بشكل أكبر على أسواق رأس المال للتمويل بدلاً من الثروات الهائلة التي ساعدت بعض المؤسسين على الصعود إلى القمر.
وقد تواجه شركات التكنولوجيا الأمريكية مزيداً من الألم؛ إذ يقايض المستثمرون أسهم النمو مقابل أسهم الطاقة والأسهم المالية وغيرها من الأسهم الدورية التي استفادت تاريخياً من تحسُّن النمو الاقتصادي والمعدلات الأعلى. ومن المحتمَل أن تمثّل التحولات حالة من إعادة التوازن بعيداً عن الظروف غير النمطية التي استمرت لأكثر من عقد من الزمن، وساعدت على إنشاء كادر من الشركات التي تبلغ قيمتها تريليون دولار، وتهيمن على مؤشرات الأسهم.