بدأت تتجلى خسائر إحدى أكبر كوارث التداول حين تداعت السوق نتيجة الوباء مطلع 2020، فقد أعلنت شركة "أليانز"، التي تواجه عدة دعاوى وتحقيقات تنظيمية مرتبطة بانهيار صناديق تحوطها في فلوريدا ذاك العام، أنَّها بصدد تلقي غرامة تبلغ 3.7 مليار يورو (4.2 مليار دولار)، ونبهت المستثمرين لتوقُّع المزيد من الأوجاع مستقبلاً.
قالت شركة التأمين والخدمات المالية الألمانية، التي تمتلك أيضاً شركة "باسيفيك إنفستمنت مانجمنت" (Pacific Investment Management)، إنَّها تتوقَّع التوصل إلى تسويات قريبة مع كبار مستثمري صندوق "ألفا ستركتشرد فندس" (Structured Alpha Funds). أضافت "أليانز" أنَّها لا تستطيع تحديد التكلفة الإجمالية، لأنَّها ما تزال تتفاوض مع مدعين آخرين، بالإضافة إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، ووزارة العدل.
الرقابة المالية الألمانية تحقق بصناديق تحوّط "أليانز" في فلوريدا
قال المدير المالي جوليو تيرزاريول في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ" الجمعة: "توصلنا إلى اتفاق مع غالبية المستثمرين... ما تزال هناك محادثات جارية مع المدعين المتبقين... نحن نخوض محادثات مع وزارة العدل، وهي بناءة للغاية".
ادعى مستثمرون، بما فيهم صناديق تقاعد عامة، و"بلو كروس آند بلو شيلد"
(Blue Cross & Blue Shield)، وهيئة النقل الحضري في نيويورك، أنَّهم خسروا مليارات الدولارات من انهيار صناديق التحوط، التي صمّمت لتحمّل انهيار السوق، لكنَّها تكبدت خسائر فادحة خلال الاضطرابات التي شهدتها أيام الوباء الأولى. صفّت "أليانز" اثنين من الصناديق في مارس 2020، وفككت الصناديق الأخرى.
تتهم الدعاوى القضائية "أليانز" بالابتعاد عن تفويض الاستثمار المعلن، وعدم حماية صندوق "ألفا ستركتشرد"من مخاطر التطورات السلبية، لتزيد بعدها من استراتيجيات محفوفة بالمخاطر في محاولة لتعويض الخسائر أثناء تقلبات السوق، وهي خطوة ازدراها بعض المدعين، ووصفوها بأنَّها "محفوفة بالمخاطر بشكل غير عادي، وهي مقامرة لمصلحة شخصية".
يعلمون من أين تؤكل الكتف
دافعت "أليانز" أمام القاضي في العام الماضي محتجة أنَّ المدّعين من المستثمرين هم من ذوي الخبرة، وقد اختاروا صناديق خاصة عالية المخاطر دونما تورية.
سجلت "أليانز"، نتيجة للغرامة غير المتكررة التي كشفت عنها يوم الخميس، خسارة قدرها 292 مليون يورو للربع الرابع، مما يلقي بظلاله على انتعاشها القوي من الوباء. لدى استثناء الغرامة، يرتفع صافي الدخل 38% إلى 2.5 مليار يورو.
عزز الرئيس التنفيذي أوليفر بايت في أواخر العام الماضي أهداف أداء شركة التأمين على المدى المتوسط، ساعياً لإقناع المستثمرين بأنَّ الشركة قوية بما يكفي لتحمّل التكاليف القانونية والتنظيمية الإضافية.
"أليانز" تحذر من تضرر أرباحها بسبب تحقيقات أمريكية
لم تجنّب الشركة مخصصات احتياطية بشكل مسبق، لأنَّها لم تستطع تقدير الغرامة. حدد محللو بنك "بيرنبرغ" في مذكرة للعملاء في 8 فبراير التكلفة الإجمالية عند 5.8 مليار يورو، واصفين النزاعات التي لم تُحل بأنَّها "العبء الرئيسي" للشركة.
حذّرت "أليانز" في أغسطس من أنَّ انهيار صناديق التحوط يمكن أن "يؤثر مادياً" على الأرباح، بعدما شرعت وزارة العدل بالتحقيق في الصناديق، لتنضم بذلك إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات، وإلى المستثمرين الذين زعموا أنَّهم تكبدوا خسائر بنحو 6 مليارات دولار.
عيّنت "أليانز" في أكتوبر الرئيس التنفيذي لوحدة التأمين على الحياة، أندرياس فيمير، كرئيس لإدارة الأصول، خلفاً لـ جاكلين هانت، التي غادرت بعدما أصدرت الشركة تحذيرها بشأن الأرباح. أشار فيمير في مقابلة الشهر الماضي إلى أنَّ الشركة تخطط للتوسع أكثر في فئات الأصول البديلة، ومواصلة تركيزها على إدارة الصناديق النشطة.
مواقف لن تتكرر
ظل كبار المسؤولين التنفيذيين يدعمون الوحدة التي قدمت الصناديق، ألا وهي "أليانز غلوبال إنفيستورز" (Allianz Global Investors)، في حين تعهدوا بإلقاء نظرة فاحصة على عروض منتجاتها. قال فيمير خلال المقابلة، إنَّ الوحدة أوقفت أو دمجت خلال العامين الماضيين 140 استراتيجية استثمار كانت نشطة في نهاية 2019 من أصل نحو 450 استراتيجية استثمار نشطة كانت موجودة في نهاية 2019.
هذه هي أسواق الأسهم التي احتوت "كورونا"
حاجج تيرزاريول قائلاً: "نحن نبحث بعناية شديدة في الأشياء التي لم تسر بالطريقة المخططة لها في عمليات (أليانز غلوبال إنفيستورز)... نحن نتخذ جميع الخطوات التي ينبغي اتخاذها للتأكد من أنَّ هذه المواقف لن تتكرر".
برغم هذا الإخفاق؛ شهدت "أليانز غلوبال إنفيستورز" إضافة عملاء من جهات خارجية لاستثمار قدره 9.5 مليار يورو في الربع الرابع. سجلت وحدتها الشقيقة الأكبر "باسيفيك إنفستمنت" 11.1 مليار يورو في صافي التدفقات الداخلة.
أعلنت "أليانز" يوم الخميس عن خطط لإعادة شراء ما يصل إلى مليار يورو من الأسهم، واقترحت زيادة توزيعات الأرباح السنوية بمقدار 12.5% إلى 10.80 يورو للسهم.