تتعرض الشركات لضغط متزايد من أجل تحسين أدائها في قضايا التزام المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.
والآن تشير دراستان إلى أن المستثمرين يعاقبون بخفض قيمة الشركات التي لا تلتزم مسؤوليتها، أو تبالغ في وعودها بشأن الحفاظ على البيئة.
الشركات التي لم تعيِّن بعدُ مسؤولاً كبيراً للإشراف على التزامها معايير حماية البيئة والمجتمع والحوكمة ستفعل خيراً إذا سارعت إلى ذلك.
استخدم محللون في "معهد التمويل السويسري" بيانات من شركة تدعي "ريب-ريسك" تحلل وتقارن تجاوزات الشركات وفق معايير حماية البيئة والمجتمع والحوكمة.
شملت الدراسة أكثر من 76 ألف حالة تجاوُز من قِبل 8 آلاف شركة في 45 دولة أو إقليماً.
قارن المحللون الشركات التي شهدت تجاوزات لمعايير البيئة والمجتمع والحوكمة مع نظيراتها في نفس البلد والقطاع الاقتصادي، دون إعلامها بعمل هذه المقارنات.
معاقبة المخالفين
وجد الباحثون أن الشركات التي أذيعت أنباء سلبية بسبب عدم التزامها معايير حماية البيئة والمجتمع والحوكمة عاقبها المحللون الذين خفضوا توقعات ربحية السهم بالنسبة إلى الشركات المتجاوزة، سواء عن المواسم اللاحقة أو عن فترة عام إلى ثلاثة أعوام.
وبقدر الزيادة في عدد حالات التجاوز عند شركة ما، ترتفع نسبة تخفيض توقعات الربحية.
وكان عدم التزام معايير الحوكمة وحماية المجتمع سبباً في تخفيض توقعات الربحية أقوى من الممارسات السيئة في مجال حماية البيئة.
كشفت الدراسة أن المحللين توقعوا انخفاضاً في الإيرادات المستقبلية بالنسبة إلى الشركات ذات السجل السيئ في مجال التزام معايير حماية البيئة والمجتمع والحوكمة، فضلاً عن زيادة تكلفة رأس المال أو ارتفاع مستوى الإنفاق حتى تعالج هذه المشكلات.
عانت الشركات في محاولة التفادي أو التعافي من أثر ما بعد الصدمة من تقارير الأداء السلبي على معايير حماية البيئة والمجتمع والحوكمة.
نسبة التخفيض في توقعات الربحية خلال الأعوام الثلاثة اللاحقة كانت أعلى بمقدار 1.36 مرة من الأشهر الاثني عشر التالية، وذلك على النقيض من أي تخفيض في التقييم الائتماني الذي يؤثر بمقدار النصف في توقعات الأجل الطويل مقارنة مع توقعات السنة الواحدة.
تخفيض أسعار الأسهم
تعرضت أسعار الأسهم الفعلية والمتوقعة لتأثير مُوازٍ، فقد خفض المحللون الأسعار المستهدفة الموصى بها لأسهم الشركات المخالفة للمعايير البيئية والمجتمعية والحوكمة، وكانوا على حق في ما فعلوا.
بالمقارنة مع الشركات الملتزمة، كانت العوائد التي حصل عليها المستثمرون من الشركات الآثمة أقل في المتوسط بمقدار نقطتين مئويتين سنوياً بعد واقعة المخالفة.
في أوروبا، حيث المستثمرون أكثر تقبلاً لقضايا حماية البيئة والمجتمع والحوكمة منهم في الولايات المتحدة، كشفت الدراسة أن "المحللين الذين يظهرون حساسية أكبر إزاء الأنباء المتعلقة بمعايير الحماية قدموا توقعات أكثر دقة بكثير من نظرائهم".
التأثير في القيم السوقية يظهر في الدراسة الثانية التي أجراها "معهد المخاطر" (Risk Institute) التابع لكلية "إي دي إتش إي سي بيزنس" رغم أنها تتعلق بممارسة "الغسل الأخضر"، فضلاً عن الانتهاك الفعلي لمعايير حماية البيئة والمجتمع والحوكمة.
حللت كلية "إي دي إتش إي سي بيزنس" أداء أكبر 500 شركة أمريكية في الفترة بين عامي 2012 و2017، مقارنة بين "تصنيف نيوزويك للاستدامة" ومؤشرات الأداء على معايير البيئة والمجتمع والحوكمة التي تصدرها وحدة "ريفينيتيف" التابعة لشركة بورصة لندن.
الغسل الأخضر
قال الباحثون إن مؤشرات الأداء الأولى "أكثر دقة ومصداقية" من الأخيرة، مشيرين إلى أن أي توسيع للفجوة في صالح تقييم معايير حماية البيئة والمجتمع والحوكمة مقارنة مع تحليل "تصنيف نيوزويك للاستدامة" يُعَدّ دليلاً على أعمال الغسل الأخضر.
كشفت الدراسة أن الشركات التي تبين أنها تبالغ في ادّعاء التزامها بيئياً شهدت تدهوراً طويل الأمد في قيمتها السوقية، قياساً على فائض رأس مالها السوقي مقارنة مع قيمتها الدفترية.
وجد التقرير أيضاً أن الشركات الأكبر حجماً تقلّ عندها احتمالات التورط في ممارسة الغسل الأخضر، مثل تلك الشركات التي لديها مجالس إدارة تنفيذية كبيرة العدد، غير أن المشكلة تتجاوز السمعة السيئة في ما يتعلق بعدم التزام المعايير. فمع اشتراط المستثمرين بألا تذهب رؤوس الأموال التي يضخونها إلى شركات تحدث أضراراً بالمجتمع أو بالكوكب، فإن الشركات المخالفة يرجح أن تعاني من تبعات مالية متزايدة بسبب ما يبدو من سوء تصرفها.