تواجه استراتيجية "جونسون آند جونسون" القائمة على إعلان الإفلاس المثيرة للجدل، والتي أثارت غضب "الكونغرس"، محاكمة جديدة هذا الأسبوع، حيث ترى عملاقة المنتجات الاستهلاكية أن حجز مليارات الدولارات من أجل تسوية الالتزامات القانونية المرتبطة بمنتجاتها المصنوعة من "التالك" في قضية واحدة أفضل لضحايا السرطان من المعاناة بتقديم آلاف المطالبات الفردية.
تبدأ "جونسون آند جونسون" جلسة استماع مطولة أمام المحكمة تمتد لأسبوع بداية من يوم الإثنين، وذلك للفصل في اتهامها بالتلاعب بنظام الإفلاس، وإخضاع وحدتها التابعة تحت حماية الفصل 11 الخاص بالإفلاس، الأمر الذي يقضي بوقف أكثر من 38 ألف دعوى قضائية ضد الشركة.
تعرضت القضية لانتقادات شديدة من المدافعين عن المتضررين من مخالفات الشركات، وكذلك في "الكونغرس" الذي يدرس تعديل التشريع بما يحظر تكتيكات الشركة.
جوهر حجة "جونسون آند جونسون" أن الإفلاس خيارٌ قانوني، لأن المحاكمات التقليدية أمام هيئة المحلفين غير عادلة لكل من الضحايا والشركات.
لكن أغلب ضحايا السرطان الذين يزعمون تضررهم من منتجات "جونسون آند جونسون" يرفضون ذلك الرأي، وقام محاموهم بتقديم طلبات لرفض قضية الإفلاس باستثناء مجموعة واحدة في كندا انحازت إلى جانب الشركة.
كتب المحامون الذين قدموا دعوى قضائية جماعية ضد "جونسون آند جونسون" في كندا: "تثير الاقتراحات السؤال بنهاية الأمر، ما إذا كان التدافع أمام المحكمة وتقديم دعاوى فردية قد يؤدي إلى نتيجة أفضل لجميع المطالبين من التي يمكن الحصول عليها أمام محكمة الإفلاس".
إذا خسرت "جونسون آند جونسون" سيكون للضحايا حرية الاختيار في استئناف المحاكمات أمام هيئة المحلفين ما قد يعرض الشركة لخسارة مليارات الدولارات.
أنفقت "جونسون آند جونسون" في السنوات الخمس الماضية 4.5 مليار دولار لتسوية تلك المطالبات المتعلقة بالمنتجات المصنوعة من مادة "التالك" وفقاً لوثائق المحكمة.
وعلى الرغم من فوز الشركة بالعديد من القضايا فقد كانت هناك خسائر فادحة أيضاً. حيث اقتسم نحو 20 شخصاً العام الماضي 2.24 مليار دولار، بعد موافقة هيئة المحلفين على أن إصابتهم بالسرطان كانت بسبب منتجات "جونسون آند جونسون" المصنوعة من مادة "التالك" ومن بينها بودرة الأطفال الشهيرة.
خطوتان
بعد تعهدها أكثر من مرة بالتصدي للدعاوى القضائية المتعلقة ببودرة الأطفال بكافة أنحاء البلاد، عادت "جونسون آند جونسون" العام الماضي وتبنت استراتيجية من خطوتين: الأولى الدمج بالتقسيم والثانية بإعلان الإفلاس وفقاً لقانون ولاية تكساس كرد فعل على الحكم عليها بسداد 2.24 مليار دولار وفقاً لما ذكرته الشركة في أحد ملفات القضية.
استخدمت الشركة قانون تكساس الملائم للأعمال لتأسيس وحدة جديدة تحت مسمى "إل تي إل مانجمنت" (LTL Management)، لتصبح الشركة الجديدة مسؤولة عن جميع الالتزامات القانونية المتعلقة بالمنتجات المصنوعة من مادة "التالك". ثم تقدمت شركة "إل تي إل" بطلب للإفلاس مدعوماً بوعود "جونسون آند جونسون" بدفع ما لا يقل عن ملياري دولار لتسوية كافة الدعاوى الحالية والمستقبلية المتعلقة ببودرة الأطفال.
بموجب خطة الدمج بالتقسيم وإعلان الإفلاس وفقاً لقانون ولاية تكساس، تم إنشاء وحدة تابعة صغيرة لتحويل جميع الدعاوى القضائية وإعلان إفلاسها ما يسمح للشركة الأم بتفادي عدم وضع نفسها تحت إشراف المحكمة.
يشير المحامون المدافعون عن الضحايا إلى أن "جونسون آند جونسون" واحدة من كبرى الشركات وأكثرها ربحية في العالم. وقد بلغت قيمتها حتى يوم الجمعة الماضي 444 مليار دولار. ويتهم المدافعون الشركة بمحاولة حماية نفسها من أحكام هيئة المحلفين الكبرى.
قالت لجنة تمثل ضحايا بودرة الأطفال في دعوى قضائية: "تم رفع هذه القضية بالتحديد لحماية جونسون آند جونسون من المسؤولية عن إنتاج وتسويق وبيع المنتجات المسببة للسرطان على مدار عقود"، حيث ترى اللجنة أن "جونسون آند جونسون" تحقق أرباحاً وليست في حالة إفلاس بحد ذاتها، ولا ينبغي السماح لها باستخدام وحدة صغيرة تابعة لها لتخليص نفسها من دعاوى المتضررين من استخدام المنتجات المصنوعة من "التالك".
ثغرة رئيسية
يعتقد العديد من الباحثين القانونيين البارزين بأن السماح باستكمال إجراءات دعوى الإفلاس سيتسبب في ثغرة كبيرة تستطيع الشركات الأخرى أن تستخدمها بعد ذلك لتجنب مشاكل مماثلة.
تعهد شيلدون وايتهاوس، النائب الديمقراطي من ولاية رود آيلاند في جلسة استماع للجنة "مجلس الشيوخ" هذا الأسبوع بالتوصل لطريقة تمنع إقرارات الإفلاس بعد حديثه مع أم لسبعة أطفال مصابة بنوع مميت من السرطان.
تعتقد "جونسون آند جونسون" وفقاً للبحث الذي أجراه خبير الشركة تشارلز إتش ميولين، أن الإفلاس هو الحل الأفضل للضحايا، لأنه يتجنب محاكمة أشبه باليانصيب، حيث قد تقدم هيئة محلفين عشرات الملايين من الدولارات وترفض أخرى المطالبات بشكل كامل.
وترى الشركة أن إنشاء صندوق بمليارات الدولارات لتمويل التعويضات من شأنه الحد من تكلفة مثل تلك المحاكمات أمام هيئة المحلفين كما يضمن توزيعاً أكثر عدلاً.
كتب مولين في التقرير الصادر في شهر أكتوبر: "يمكن للصندوق الذي تم إنشاؤه من خلال إعادة تنظيم الإفلاس أن يضمن دفع مبالغ متساوية للمدعين المتشابهين في الظروف مثل العمر والتعرض المزعوم ومصادر التعرض البديلة والدخل المفقود وحالة الحياة والمعالين".
استخدم عدد قليل فقط من الشركات ما يعرف باستراتيجية الدمج بالتقسيم وإعلان الإفلاس وفقاً لقانون ولاية تكساس من بينها "جورجيا والمحيط الهادئ" الوحدة التابعة لشركة "كوتش إنداستاريز" (Koch Industries) حيث اتبعت الطريقة التقليدية باستخدام الإفلاس لتفادي أعداد هائلة من الدعاوى القضائية بوضع الشركة في حالة إفلاس.
كما أن ذلك النموذج يستخدمه العديد من منتجي مادة "الأسبستوس" مثل شركة صناعة المواد الكيميائية المتخصصة "دبليو أر غراس" (WR Grace) وشركة صناعة قطع غيار السيارات "فيدرال موغول" (Federal-Mogul) ويمكن أن تتسبب مادة المنتج الصناعي "الأسبستوس" في اضطرابات رئوية قاتلة.