في سوق هادئة لشركات الشيك على بياض، حققت الشركة المرتبطة بمشروع دونالد ترمب الجديد في مجال التكنولوجيا والإعلام مكاسب كبيرة في الأسهم، في وقت يساعد داعمون مثل رافاييل موراليس في توضيح السبب وراء ذلك.
يتذكر "موراليس"، الجندي المتقاعد البالغ من العمر 40 عاماً من مدينة نيويورك، عندما سمع لأول مرة عن "ديجيتال وورلد أكويزيشن كورب" أو "دي دبليو إيه سي" (Digital World Acquisition Corp)، قائلا: "هذا نداء أكبر.. هذا بطلي ترمب يوشك أن يطرح شركة"، واشترى أسهماً بحوالي 100 ألف دولار بسعر 109 دولارات للسهم في 22 أكتوبر الماضي، بعد يومين من إعلان الشركة عن صفقة اندماج مع مجموعة ترمب للإعلام والتكنولوجيا.
وانخفض السهم منذ ذلك الحين إلى 82 دولاراً، لكنه لا يزال مرتفعاً بأكثر من 700% منذ إعلان الصفقة، ورغم اكتسائه باللون الأحمر أغلب الوقت، فإن "موراليس" متفائل، بقوله: "أنا أثق في ترمب.. أثق به".
تعد "دي دبليو إيه سي"، كما تعرف الشركة بين متداولي التجزئة، حتى الآن، أفضل شركة أداءً من نوعها، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ"، ورغم انحسار جنون أسهم الميم المشهود العام الماضي، فإن عائدات أسهمها لا تزال أعلى ثمان مرات من متوسط شركات الشيك على بياض الأخرى المدرجة في الولايات المتحدة، والتي لم تستكمل صفقة الاندماج بعد، حسبما أظهرت البيانات.
اقرأ أيضا: ترمب يجمع مليار دولار لتمويل منصته الاجتماعية المستقبلية
تتمتع شركة الشيك على بياض بمكانة فريدة لأنها مدعومة من قبل أحد أكثر الأشخاص شهرة في العالم، ولاندماجها مع شركة جديدة تهدف إلى مواجهة عمالقة التكنولوجيا، الذين منعوا "ترمب" من استخدام منصاتهم.
ولفتت الأسهم في البداية انتباه المتداولين الأفراد عبر الإنترنت، والذين سمعوا عن الرمز الغامض من المنشورات على "ريديت" و"تويتر"، واستثمر بعضهم لتحقيق ربح سريع، لكن تطورت الشركة منذ ذلك الحين إلى طريقة يستخدمها مؤيدو ترمب لوضع أموالهم في دعم معتقداتهم، وقال "موراليس" إنها بالنسبة لهم "وسام شرف على الأغلب".
وفقاً لماكس غوخمان، مدير الاستثمار في "ألفا تراي" (AlphaTrAI Inc) لإدارة الأموال بطريقة منهجية فإن: "هناك عدداً قليلاً جداً من الاستثمارات التكنولوجية "المحافظة"، لذا فإنه بالنسبة للمستثمرين الأفراد الذين يميلون إلى أقصى اليمين، "قد تكون تلك الشركة بمثابة جائزة يضيفونها إلى محافظهم الاستثمارية، ويعرف المستثمرون المؤسسيون، بغض النظر عن توجهاتهم السياسية، أنه لا يجب التقليل من شأن القوة الشرائية لنصف البلاد".
تناقض صارخ
يمثل ذلك تناقضاً صارخاً مع بقية سوق شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة. فمنذ فترة ليست ببعيدة، كانت شركات الشيك على بياض من بين الأجزاء الأكثر سخونة في "وول ستريت" مع جمع مئات الشركات الأموال من أجل تصيد أهداف استحواذ، وهذه الشركات هي في الأساس مثل الوعاء المصمم للاستحواذ على شركات أخرى، وتحويلها للملكية العامة بدون العملية المرهقة للطرح الأولي للجمهور.
ورغم ذلك، فقد هدأت حماسة المستثمرين بشأن شركات الشيكات على بياض، في الأشهر الماضية، وألغى البعض خطط طرحها للعامة، كذلك لم يسجل معظم الشركات المطروحة عبرها أداءً جيداً، وانخفض مؤشر الشركات التي طُرحت للملكية العامة عبر شركة شيك على بياض بنسبة 64% خلال العام الماضي.
جذبت "دي دبليو إيه سي" المستثمرين المؤسسيين الذين خصصوا مليار دولار كتعهدات، لما يعرف بصفقات الاستثمار الخاص في حصة عامة، لكن يروج مؤيدو "ترمب" أيضاً للسهم عبر الإنترنت من خلال تطبيقات الرسائل مثل "تليغرام"، حيث يشارك المستثمرون منشورات "دي دبليو إيه سي" حتى القمر!!!، بجانب فيديوهات "InfoWars" الخاصة بأليكس جونز، والمتعلقة بتغطية وفيات الحاصلين على اللقاح.
تتركز الكثير من الإثارة على شبكة التواصل الاجتماعي التي تخطط شركة ترمب للإعلام إطلاقها، تحت اسم "تروث سوشال" (Truth Social)، والمقرر إطلاقها بحلول نهاية الربع الأول، وقال آندي ستراشوسكي، وهو مستثمر في "دي دبليو إيه سي"، مقيم في فلوريدا ومؤيد لـ "ترمب"، إنه يتطلع لإطلاق المنصة لأنه يرى "مشكلة رقابة في وسائل الإعلام الليبرالية".
وقال، بعد تعليق حديث لحسابه عقب نشر تغريدة تفيد بأن جون كينيدي توفي بسبب "كوفيد"، وقيام الموقع بحجبه بسبب المعلومات المضللة: "أنشأت الحساب العاشر لي على تويتر لأنهم يعلقون حساباتك.. وأصبح الأمر مزعجاً بشدة".
يحكي "ستراشوسكي"، وهو مصور تجاري متقاعد يبلغ من العمر 44 عاماً، أنه اشترى أسهم "دي دبليو إيه سي" بقيمة تناهز 10 آلاف دولار، عندما كانت تتداول بحوالي 17.40 دولاراً، وقال إنه يتوقع أن تبلغ قيمة الشركة، التي تسجل قيمتها السوقية حالياً حوالي 3.5 مليار دولار، نحو 40 مليار دولار في النهاية، بينما تبلغ القيمة السوقية لـ"تويتر"، على سبيل المقارنة، حوالي 29 مليار دولار.
وذكر جوش وارنر، إستراتيجي السوق في "سيتي إندكس" (City Index)، وهي شركة تداول وأبحاث، إن الوعد بإطلاق منصة جديدة، أمر جذاب بشكل خاص لأنواع متداولي التجزئة الذين تدافعوا للاستثمار في أسهم "دي دبليو إيه سي".
وأضاف: "قاد متداولو التجزئة جنون أسهم الميم بأكمله لتحدي كبار اللاعبين، وشركة الشيك على بياض تلك تجسد هذا تماماً"، وقال إن شركة "ترمب" للإعلام "تحاول تسوية أرض اللعب أمام عمالقة التكنولوجيا الكبار، وتحاول تقديم شيء جديد ويهتم متداولو التجزئة بشكل خاص بذلك".
مع ذلك، فإن هناك القليل من المعلومات حول شركة "ترمب" للإعلام، وحتى الآن، فإن ما عُرض عبارة عن خطة طموحة لشبكة اجتماعية، وخدمة بث، وقناة إخبارية، وعلى المدى الطويل، منصة حوسبة سحابية مثل خدمات "أمازون ويب". ووظفت الشركة عضو الكونغرس السابق عن كاليفورنيا، ديفين نونيس كرئيس تنفيذي، ولم يرد ممثل "ترمب" للإعلام على رسائل طلب التعليق.
مستثمرون محافظون
يحتوي عرض تقديمي على موقع "ترمب" للإعلام على منصة واحدة مخصصة لـ "المتابعة التاريخية لترمب على مواقع التواصل الاجتماعي"، والتي تقول إنه كان لديه 89 مليون متابع على "تويتر" و57.5 مليون متابع على "انستغرام" و"فيسبوك".
وتستشهد شريحة أخرى في العرض التقديمي باستطلاع الرأي الذي أجري في مارس 2021 من قبل صحيفة "ذا هيل"، والذي وجد أن ثلث الناخبين الأمريكيين سيستخدمون منصة التواصل الاجتماعي التي يدعمها "ترمب".
تبدو هذه الحسابات الرياضية منطقية لبعض المستثمرين في "دي دبليو إيه سي"، الذين يشيرون إلى عشرات الملايين من الأشخاص الذين صوتوا لصالح "ترمب" في عام 2020، وألمح "ترمب" إلى أنه قد يترشح للرئاسة مرة أخرى في عام 2024، ويقدر "موراليس" أن 90% من معجبي ترمب لم يسمعوا حتى الآن عن شركة الشيك على بياض.
قالت سارة مصطفى، أخصائية العلاج الطبيعي ومستثمرة في "دي دبليو إيه سي" في مدينة نيويورك، إنها تعتقد أن "ترمب" سيستخدم "تروث سوشال" للحملات الانتخابية، وأن السهم "سينفجر" بمجرد إطلاق المنصة.
وأضافت سارة، التي قد تشتري المزيد من الأسهم إذا هبط السعر: "الكثير من المحافظين منزعجون من وسائل التواصل الاجتماعي.. وهو ما سيدعم صعودها".
يعد المستفيد الأكبر من كل هذا هو "ترمب" نفسه، واستناداً إلى الأرقام من البيانات الصحفية والبيانات المقدمة إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، يبدو أن الرئيس السابق سيمتلك أكبر حصة فردية، وربما تزيد على 50% من الشركة اعتماداً على استيفاء شروط معينة، وعند قيمتها الحالية، من شأن هذه الشركة أن تجعله أغنى من أي وقت مضى، بارتفاع من صافي ثروته الحالية المقدرة بـ 2.6 مليار دولار، وفقًا لمؤشر "بلومبرغ" للمليارديرات.
لم يكن "موراليس" قلقاً جداً بشأن التأكد من صحة رهانه، لكن نظراً لإيمانه بنجاح "ترمب" في الإعلام وماله المستثمر فيها، قال إنه من الأفضل ألا يترك "ترمب" معجبيه ومستثمريه منتظرين.
وتابع: "سيبدو بيرني مادوف كقديس، مقارنة بترمب إذا حدث شيء شنيع"، مضيفاً أنه إذا خسر كل الأموال التي استثمرها، فلن يدمره ذلك، لكنها ستكون ضربة قاسية، وقال: "هل وضعت كل البيض في هذه السلة؟ لا، لكن وضعت الكثير منه فيها".
وفشلت غزوات "ترمب" التجارية الأخرى بشكل ملحوظ بدءاً من "ترمب فودكا" إلى "ترمب موديل مانجمنت" (Trump Model Management)، كما سوّى دعوى قضائية في عام 2016 بشأن مزاعم بأنه خدع المستهلكين فيما يخص جامعة "ترمب"، كما برزت أسماء الملياردير وثلاثة من أبنائه في دعوى احتيال مرتبطة بالترويج لهاتف مكتبي يجري مكالمات فيديو باعته شركة تسويق متعددة المستويات تسمى "إيه سي إن اوبورتيونيتي" (ACN Opportunity LLC)، ولديهم حتى 29 يونيو كموعد نهائي لتقديم إفادتهم.
لكن هذا الأمر لم يردع ستراشوسكي، حيث قال: "أحب أي شخص تعرض للإفلاس مرة واحدة على الأقل.. الأمر لا يتعلق بعدد المرات التي تسقط فيها، فقط تأكد من أنك تقف أكثر مما تسقط".