يراهن المستثمرون على أن تسهم خطة الصين للإنفاق بسخاء على البينة التحتية في تنشيط اقتصاد البلاد، بما يتيح مجالاً إضافياً أمام استمرار صعود أسهم شركات التشييد ومواد البناء.
ارتفع مؤشر "سي إس آي 300 إنفراستراكتشر" لأسهم قطاع البنية الأساسية بنسبة تزيد على 8% في الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوى في ثلاثة أعوام تقريباً، متجاوزاً المؤشر الأوسع نطاقاً بنسبة كبيرة.
يتناقض هذا الصعود تناقضاً صارخاً مع تدهور أسهم شركات الطاقة الخضراء، إذ تعرضت الأسهم عالية القيمة إلى ضربة، نتيجة ارتفاع عوائد السندات على مستوى العالم.
يرى المتعاملون أن هناك فرصة صعود أكبر في قطاعي البناء والصناعات الهندسية، مع تجاوز بكين حملتها المحمومة السابقة لتخفيض مديونية القطاع وتحولها إلى سياسة تهدف إلى دعم النمو.
يترتب على ذلك اندفاعة قوية نحو تطوير البنية الأساسية القديمة والجديدة، ما يُحوّل القطاع إلى نقطة مضيئة نادرة في الاقتصاد، الذي يعاني ضعف الاستهلاك الخاص نتيجة سياسة "صفر كوفيد"، وغموض مستقبل حركة الصادرات.
تعد الأرقام القياسية حول القروض المصرفية في شهر يناير هي الأخرى علامة طيبة بالنسبة لأسهم شركات البنية التحتية، إذ أن صعود عمليات الإقراض وإصدار السندات يشير إلى أن نشاط البناء تلقى دفعة قوية بالفعل.
كتب محللو شركة "سيندا سيكيوريتيز" (Cinda Securities)، ومن بينهم شي يانليانغ، في مذكرة يوم الجمعة: "إن التعبئة والتركيز المعقولين في استثمارات البنية الأساسية بداية الفترة أمر يتحقق ويكشف عن إصرار سياسي على استقرار النمو".
أضاف أن الشركات تزيد الاقتراض بهدف تعزيز رأس المال، إذ أن مشروعات البناء والتشييد "تشهد نشاطاً قوياً". وفيما يلي بعض الأمور الهامة التي تستوجب المتابعة:
البنية الجديدة
تعزز الحكومة رهانها على التوسع في مشروعات البنية الأساسية الجديدة بالتركيز على الجيل الخامس، ومراكز البيانات، والذكاء الاصطناعي. وتكشف خطة وضعت عام 2020 أن هذه الاستثمارات ستبلغ نحو 1.4 تريليون دولار حتى نهاية عام 2025.
يمكن أن يرفع الإنفاق على البنية الأساسية الجديدة حجم الاستهلاك، بل ويخلق أشكالاً جديدة منه، وفق تقرير لصحيفة "شنغهاي سيكيوريتيز" في الشهر الماضي، مشيرة إلى "ارتفاع الأثر المضاعف".
عرضت أكثر من 13 مقاطعة خططها من أجل بناء 425 ألف محطة اتصالات أساسية من الجيل الخامس في عام 2022، وفق تقرير نشر في صحيفة "سيكيوريتيز ديلي" يوم الجمعة.
يمثل ذلك إشارة جيدة بالنسبة إلى شركات الاتصالات مثل شركة "تشاينا موبايل"، التي ارتفعت أسهمها بنسبة 16% هذا العام، وشركة توفير خدمات المعلومات "غواندونغ أوفي داتا تكنولوجي" (Guangdong Aofei Data Technology). وقفزت أسهم شركة الحوسبة السحابية "بكين أدفانسد ديجيتال تكنولوجي" (Beijing Advanced Digital Technology) بنسبة تجاوزت 30% في الأسبوع الماضي. وقد تستفيد أيضاً شركات "سينس-تايم" (SenseTime Group) في هونغ كونغ، و"أي-فلاي-تك" (Iflytek) و"هانغجو هيك-فيجين ديجيتال تكنولوجي" (Hangzhou Hikvision Digital Technology).
اقرأ أيضا: ما المصير الذي ينتظر القطاع العقاري في الصين بعد الحملات الحكومية؟
البناؤون التقليديون
مع هرولة السلطات الصينية إلى تخصيص الإنفاق، سيظل كثير من المشروعات التي وافقت عليها الحكومات المحلية مشروعات تنتمي إلى المدرسة القديمة – مثل السكك الحديدية، والطرق السريعة، ومراكز النقل والمواصلات.
يدفع ذلك المتعاملين إلى اقتناص أسهم الشركات المستفيدة من دورات التيسير المالي السابقة، حيث تتصدر عمالقة قطاع المقاولات قائمة هذه الشركات.
كان سهم "تشاينا كوميونيكيشن كونستراكشن" (China Communications Construction) واحداً من الأسهم الفائزة على مؤشر "سي إس آي 300" (CSI 300 Index) في العام الحالي، إذ ارتفع بنسبة 23% حتى عندما تراجع المؤشر بنسبة 7% تقريباً.
صعد سهم شركة "تشونغ-قينغ كونستراكشن إنجينيرينغ" (Chongqing Construction Engineering Group) بنسبة تجاوزت 50% في الأسبوع الماضي، بينما وصلت أسهم شركة "سي كيه إنفراستراكتشر" (CK Infrastructure Holdings) إلى أعلى مستوى في عامين تقريباً في هونغ كونغ يوم الجمعة.
يفوز بعض الشركات فعلاً بمشروعات كبيرة. وأعلنت شركات "تشاينا ريلواي سيغنال أند كوميونيكيشن" (China Railway Signal & Communication) و"تشاينا ريلواي كونستراكشن" (China Railway Construction) و"تشاينا ستيت كونستراكشن إنجينيرينغ" (China State Construction Engineering) جميعها عن صفقات من هذا النوع على مدى الأسابيع الماضية.
قد يكون الأمر إيجابياً بالنسبة لشركات صناعة الأسمنت والصلب كذلك، مثل شركة "أنغانغ ستيل" (Angang Steel) و"غاسو شانغ-فينغ سمنت" (Gansu Shangfeng Cement)، وكذلك شركات صناعة معدات الحفر ومنها "ساني هيفي إنداستري" (Sany Heavy Industry).
أسهم البيئة
هناك فرصة واسعة لتحسين المجال البيئي في الصين، وقد تلقت أسهم الشركات المرتبطة بالبيئة دفعة من توجه الدولة الحديث لدعم أعمال معالجة المياه والصرف الصحي وتحديث هذه المنشآت.
ارتفعت أسهم شركة معالجة الصرف الصحي والمخلفات الصلبة "فوجيان هيكسيا إنفايرومنتال بروتكشن" (Fujian Haixia Environmental Protection Group) بنسبة 19% في الأسبوع الماضي، بينما حققت أسهم شركة منع التلوث "جي إيه دي إنفايرونمنتال تكنولوجي" (GAD Environmental Technology) مكاسب مماثلة في حجمها.
يُمثل كثير من هذه الأسهم في قطاع البنية الأساسية شركات صغيرة، ما يعني أنها قد تتمزق أثناء فترات تقلب الأسواق. وقد يستجيب المستثمرون أيضاً، بدرجة عالية من الحساسية، لتدفق الأنباء، ويمكن لتحولات السياسة أن تحقق زيادة في أسعار الأسهم أو انخفاضاً فيها في أي لحظة.
ارتفعت أسهم الشركات التي تنتج المواد المتفجرة أيضاً بسبب توقعات هدم بعض البنايات القديمة والمهملة قبل إنشاء أخرى مكانها. وصعدت أسهم شركة إنتاج الديناميت "بولي يونيون كيميكال هولدينغ" (Poly Union Chemical Holding Group) بنسبة 10% - وهو الحد الأقصى في الجلسة الواحدة – وذلك للجلسة الثامنة على التوالي.