يترقب المستثمرون في أكبر شركات التعدين في العالم هذا الشهر ظهور إشارات على ضغوط التكلفة المتزايدة، وتأثيرات تباطؤ النمو في الصين، وهي الظروف التي يمكن أن تؤدي إلى مزيد من تراجع الأرباح القياسية.
من المرجح أن تسجِّل شركات المناجم انخفاضاً في أرباحها، إذ قد تحقق أكبر خمس شركات تعدين غربية متنوعة، بما في ذلك عمالقة خام الحديد "ريو تينتو" (Rio Tinto Group) و"فالي" (Vale SA) و"بي إتش بي" (BHP Group Ltd)، أرباحاً مجمعة تبلغ 73 مليار دولار للنصف الثاني 2021، وفقاً لتقديرات المحللين، مقارنة بـ 82 مليار دولار عن النصف الأول للعام نفسه.
على الرغم من أن الأسعار المرتفعة للمعادن تعني أن الأرباح تظل قوية على أساس تاريخي، إلا أن الانخفاض يعكس تأثير الظروف غير المواتية التي نشأت خلال هذه الفترة.
سيكون هذا هو الموضوع الرئيسي، ففي ظل الأرباح الوفيرة التي تتمتع بها، فإن الشركات تكافئ المساهمين بأرباح الأسهم بدلاً من إعادة استثمارها في التوسع، بحسب ما قال ديفيد باسانيز، وهو كبير الاقتصاديين في "بيتاشيرز" (BetaShares) شركة إدارة الصناديق في سيدني. وأضاف: "يبرز ذلك ضعف الثقة" على المدى الطويل، فضلاً عن حالة عدم اليقين بشأن الصين والتي تتصدر المخاوف.
تتسبب التهديدات التي يتعرض لها النمو الاقتصادي لأكبر مستهلك للمعادن في العالم، في إرباك التوقعات بالنسبة لشركات المناجم، خاصة شركات استخراج خام الحديد.
العقارات الصينية
تشهد سوق العقارات في الصين، والتي تستهلك حوالي ثلث إنتاج الفولاذ في البلاد، حالة من الهدوء، حيث تتوقع "بلومبرغ إنتليجنس" أن يتراجع بناء المنازل الجديدة 5% هذا العام. وتمثل محاولة بكين للتشبث بوضعها بشأن خلوها التام من إصابات "كوفيد"، على الرغم من تفشي الإصابات إقليمياً بشكل متكرر، بمثابة العامل، الذي من المرجح أن يثير قلق المسؤولين التنفيذيين في مجال الموارد.
شكَّل الوباء سيفاً ذا حدين لقطاع التعدين، خلال الأشهر الستة حتى 31 ديسمبر الماضي. فعلى الجانب الإيجابي، أجّجت تريليونات الدولارات التي تم ضخها ضمن حزم التحفيز الطلب على سلع مثل خام الحديد والنحاس والألمنيوم، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل حاد، والذي دفع بدوره إلى انتشار ضغوط التضخم على امتداد الاقتصاد العالمي.
وعلى الجانب السلبي، من المتوقع أن يُشكل ارتفاع تكاليف التشغيل سمة من سمات أحدث مجموعة من التقارير الصادرة. وأصبح نقص العمالة يمثل تحدياً متزايداً لمنتجي الخام في منطقة بيلبارا بغرب أستراليا، وهي ولاية لا تزال تطبِّق ضوابط حدودية صارمة للحماية من تفشي "كوفيد -19". كما شهدت التشديدات في سلسلة التوريد ارتفاع معدلات الشحن العالمية.
قالت كلٌ من "بي إتش بي" و"ريو" إن نقص العاملين في الوظائف الرئيسية له تأثير على عملياتها. وذكرت مجموعة "فورتسكيو ميتالز" (Fortescue Metals Group Ltd)، المنتج الرابع لخام الحديد في العالم، الشهر الماضي أن تكاليفها ارتفعت بـ 20% خلال الأشهر الـ 12 الماضية، مدفوعة بشكل أساسي بارتفاع أسعار الوقود ونقص العمالة.
من المتوقع أن تعوِّض شركة "فالي" البرازيلية التقلب في أسعار الخام من خلال بيع مخزوناتها، وتحقق قدراً من التخفيف في التكاليف بالربع الأخير. ومع ذلك، ستظل السوق حذرة من احتمالية زيادة مخصصات إجراءات الإصلاحات في أعقاب كارثة سد "ساماركو".
ولا تزال الشركة البرازيلية تحاول إعادة قسم المعادن الأساسية إلى المسار الصحيح، بعد إضراب وحادث مع عمال محاصرين في منجم في كندا. وقد أثَّر ذلك على إنتاج النيكل والنحاس في الربع الثالث.
الجدول الزمني لإعلان الأرباح
- بي إتش بي غروب: نتائج النصف الأول، 15 فبراير
- غلينكور: النتائج نصف السنوية، 15 فبراير
- أنغلو أميركان: النتائج نصف السنوية، 22 فبراير
- ريوتينتو: النتائج نصف السنوية، 23 فبراير
- فالي: النتائج نصف السنوية، 24 فبراير
بشكل عام، سارت شركات مناجم خام الحديد في طريق وعر بالنصف الثاني 2021. وانهارت الأسعار من أعلى مستوياتها عند 230 دولاراً للطن في مايو إلى منتصف الثمانينات دولار في نوفمبر، بعد أن شدّدت الصين القيود على إنتاج الصلب لتلبية معايير بيئية أكثر صرامة. ومنذ ذلك الحين، انتعشت مجدّداً، وسط توقعات بحدوث انتعاش في إنتاج الصلب بعد أن خففت بكين أهدافها المناخية، ومع ذلك لا يزال تقلب الأسعار يمثل خطراً على توقعات الأرباح.
ارتفاع الفحم
بادرت شركة "غلينكور" إلى تقليص انكشاف خام الحديد، وخسرت الثروات الإضافية التي تمتع بها منافسوها في النصف الأول. ومن المقرر أن ينعكس هذا الاتجاه في النصف الثاني، مع استفادة المجموعة التي تتخذ من سويسرا مقراً لها، من ارتفاع أسعار الفحم، وهي سلعة تمسكت بها حتى في الوقت الذي تتطلع فيه أمثال "ريو" و"بي إتش بي" إلى البيع. وتعد "غلينكور" الشركة الوحيدة من بين الشركات الخمس الكبرى التي يُتوقع أن تعلن عن ارتفاع في الأرباح الأساسية عن هذه الفترة.
بالتزامن مع ذلك، سيكون الإعلان عن أرباح "أنغلو أميركان" هو الأخير في فترة ولاية الرئيس التنفيذي مارك كوتيفاني، وذلك بعد ما يقرب من تسع سنوات في هذا المنصب القيادي. كما سيحرص المستثمرون على الحصول على تحديث من الشركة بشأن خططها لتطوير منجم "وودسميث" للبوتاس في شمال إنجلترا.
وسيشهد موسم الإعلان عن الأرباح أيضاً تدقيقاً متأنياً بشأن ما تقوم به كبريات شركات المناجم لمعالجة القضايا المتجذرة المتعلقة بثقافة العمل، وأبرزها تقرير "ريو" حول ثقافة مكان العمل في وقت سابق من هذا الشهر. وقال جاكوب ستوشولم، الرئيس التنفيذي للشركة إنه شعر بالخزي من التقرير، الذي أشار إلى تفشي ظاهرة التمييز على أساس الجنس والعنصرية والتنمر في جميع عمليات الشركة.