يتخذ مديرو الاستثمار في السندات موقفاً فاتراً إزاء الديون الأسيوية اعتقاداً منهم أنَّ هذه المنطقة ستكون آخر الأسواق الناشئة التي تبدأ رفع أسعار الفائدة.
من بين الشركات التي تتجنَّب سوق الديون المحلية في آسيا، هناك شركتا "فيديليتي إنترناشيونال"، و"أبردن"، وهما تفضلان سندات أسواق أخرى في العالم النامي على أساس رؤيتهما بأنَّ المنطقة ستستغرق وقتاً أطول قبل أن تبدأ تشديد السياسة النقدية.
في الوقت نفسه، تتقدم البنوك المركزية في العديد من دول أمريكا اللاتينية على هذا المنحنى، مما يخلق مجالاً لصعود الاستثمار في ديون المنطقة.
قال بول غرير، مدير صناديق نقدية في لندن لدى شركة "فيديليتي": "إنَّنا نتوقَّع أن تنتهي البنوك المركزية في منطقة (أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا)، وقارة (أمريكا اللاتينية) من جولات تشديد السياسة النقدية قبل آسيا. ولذلك؛ فإنَّنا بوجه عام نتجنَّب الاستثمار في السندات الآسيوية المحلية، ونرى قيمة أكبر في مناطق أخرى".
معظم السندات المحلية الآسيوية انخفضت منذ بداية العام، في حين سجلت سندات جنوب أفريقيا، والبرازيل، وتشيلي، وتركيا أعلى الزيادات بين البلدان النامية، حتى مع استعداد الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لرفع أسعار الفائدة.
وفي حين تصدّر صناع السياسة في أمريكا اللاتينية وأوروبا جولة التقشف في السياسة النقدية في الأسواق الناشئة؛ بقيت أسعار الفائدة ثابتة في معظم دول آسيا – بل إنَّ الصين قامت بتيسير السياسة النقدية في يناير الماضي.
ارتفاع التضخم
قال إدوين غوتييرز، رئيس قسم الديون السيادية بالأسواق الناشئة لدى شركة "إيه بي آر إن" في لندن، الذي يفضل التعامل على ديون تشيلي، وجنوب أفريقيا، والبرازيل: "إنَّ العائد سيتحقق في أمريكا اللاتينية، ومنطقة أوروبا، والشرق الأوسط، وأفريقيا. فآسيا بدأت لتوّها تجرب ارتفاعاً في مستوى التضخم مع تغيير بلدانها لسياستها مبتعدة عن أهداف صفر كوفيد".
بطبيعة الحال، هناك خطر الضغوط الهبوطية في السندات المحلية للأسواق الناشئة، ومصدرها صنّاع السياسة النقدية التقشفية في الاقتصادات الكبرى.
لم يعد البنك المركزي الأوروبي يستبعد زيادة أسعار الفائدة هذا العام، في حين يتوقَّع على نطاق واسع أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي دورة تشديد السياسة النقدية في مارس القادم.
في تقرير له في 27 يناير الماضي، قال داميان ساسوار، كبير محللي الائتمان بالأسواق الناشئة لدى "بلومبرغ إنتيليجنس": "ينبغي أن تظل العوائد الفعلية أعلى من العائد على سندات الخزانة الأمريكية في معظم الاقتصادات النامية".
نهاية تشديد السياسة النقدية
في حين يُنتظر من معظم البنوك المركزية في آسيا أن ترفع الفائدة فقط في الربع الثالث من العام، فإنَّ البرازيل، التي رفعت أسعار الفائدة بمقدار 8.75 نقطة مئوية منذ العام الماضي، قد تقوم بتخفيض أسعار الفائدة الأساسية بحلول الربع الأول من عام 2023، وفق مسح أجرته "بلومبرغ".
قد تبدأ روسيا تيسير السياسة النقدية مبكراً في الربع الثالث، برغم أنَّ زيادة المخاطر الجيوسياسية تتسبب في تعكير توقُّعاتها المستقبلية.
يقول جوليو كاليغاري، مدير محافظ لدى شركة "جيه بي مورغان أسيت مانجمنت" في هونغ كونغ: "في بلاد مثل روسيا، وجمهورية التشيك، والبرازيل، وتشيلي؛ ستنتهي دورة تشديد السياسة النقدية في النصف الأول من العام الحالي".
حتى الآن في العام الجاري، حافظت إندونيسيا وماليزيا على مستوى أسعار الفائدة، مقارنة مع نظرائهما بما فيهما المجر وتشيلي، التي فاجأت الأسواق بزيادة سعر الفائدة الشهر الماضي بواقع 150 نقطة أساس.
لمّحت البرازيل في الأسبوع الماضي إلى أنَّ أعنف دورة نقدية تقشفية في العالم تقترب من نهايتها بعد أن رفعت تكاليف الاقتراض حتى تجاوزت 10% لأول مرة منذ 5 أعوام تقريباً.
في آسيا، قامت كوريا الجنوبية، وباكستان، وسريلانكا بزيادة أسعار الفائدة.
هذا ما فعلته البنوك المركزية الأخرى في الأشهر الأخيرة.
إنَّ احتمال تخفيض الفائدة قريباً في البرازيل وروسيا يساعد في جذب صناديق مثل "فيديليتي" الذي قال، إنَّه يرى قيمة عالية في سندات البلدين. ويحبّذ الصندوق أيضاً ديون المكسيك وجنوب أفريقيا بحسب غرير.