أغرق تسونامي من سندات الدول النامية المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية (ESG) الأسواق العالمية بشكل استثنائي، إذ تزامن ذلك مع نمو الاستثمارات التي تسعى لجعل العالم مكاناً أفضل.
باعت حكومات الاقتصادات الناشئة سندات متعلقة بمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية بأكثر من ضعف إصدارات الاقتصادات المتقدمة في عام 2021 عند المقارنة بالعام السابق، بحسب البيانات الصادرة عن "معهد التمويل الدولي" والتي أظهرت نمو إصدارات الأسواق المتقدمة من السندات المتعلقة بمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية العام الماضي 97% مقارنة بنموها بنسبة 227% في الاقتصادات الناشئة.
بلغ إجمالي إصدارات السندات المتعلقة بمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في عام 2021 بالأسواق النامية والناشئة 230 مليار دولار مقارنة بقيمتها البالغة 75 مليار دولار فقط في العام السابق وفقاً لـ "معهد التمويل الدولي".
وتوقَّعت المنظمة التي تتخذ من واشنطن مقراً لها في مذكرة حديثة بلوغ رأس المال المسؤول اجتماعياً بأنحاء العالم كافةً 1.8 تريليون دولار في عام 2022.
تعد الفترة التي شهدت طفرة في التمويل نقطة مضيئة استثنائية، فقد شهد شهر يناير أسوأ أداء شهري لـ "مؤشر السندات المقومة بالدولار الصادرة عن الاقتصادات الناشئة" منذ التراجع الحاد في مارس 2020، وذلك بالتزامن مع توقّع اشتداد المنافسة على رأس المال العالمي مع سعي "الاحتياطي الفيدرالي" إلى رفع أسعار الفائدة بشكل جدي.
قال جينس نيستيد، كبير مديري الاستثمار في "إيمسو لإدارة الأصول": "نتوقَّع استمرار زخم إصدارات السندات السيادية، وسندات الشركات في الأسواق الناشئة هذا العام مع جذب تلك الفئة من الأصول لمزيد من الاهتمام والتدفقات، إذ نشهد زيادة وتيرة تفضيل السندات المرتبطة بالاستدامة، والتي تضع أهدافاً يمكن تحقيقها بعيداً عن السندات الأولية الخضراء والاجتماعية."
يتوقَّع كل من إمري تيفتيك، مدير أبحاث الاستدامة في "معهد التمويل الدولي"، والاقتصادية خديجة محمود، بيع الاقتصادات الناشئة سندات سيادية من سندات اليوروبوند المتعلقة بمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية هذا العام بقيمة تبلغ نحو 40 مليار دولار، أو استحواذها على نحو ربع السندات المتوقَّع إصدارها.
لا يعني ذلك أنَّ الاستثمار في السندات المتعلقة بمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية واضح ومباشر. إذ يواجه المستثمرون خطر "الغسل الأخضر" من خلال إطلاق دعاية مضللة لخلق صورة غير حقيقية عن المسؤولية البيئية والأخلاقية.
يذكر "غولدمان ساكس" أنَّه في الوقت الذي يعلن فيه 92% من مصدري السندات السيادية المدرجة في "مؤشر جي بي مورغان لسندات الأسواق الناشئة" عن أهداف مناخية؛ إلا أنَّ نحو 22% فقط تفصح عن التقدم الذي أحرزته في ذلك الشأن سنوياً.
قال خبراء استراتيجيون في "غولدمان ساكس" بقيادة سارة غروت، إنَّ الاستثمار في السندات السيادية المتعلقة بمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية ارتبط بتفوق الأداء العام الماضي، فقد تفوقت إصدارات الدول ذات التصنيف الائتماني المرتفع على أقرانها من ذوي التصنيف الأدنى.
كما أشاروا إلى أنَّ ذلك الاتجاه يعكس تفوق أداء الإصدارات ذات التصنيف الائتماني من الدرجة الاستثمارية على الإصدارات ذات العائدات المرتفعة.
ولكن بغضِّ النظر عن التصنيف الائتماني للمصدرين؛ يبدو أنَّ الطلب على السندات المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية بشرائحها كافة سيستمر بقوة بفضل التحولات التنظيمية والصناعية القوية.
يشير "معهد التمويل الدولي" إلى أنَّ الصفقات المرتبطة بالاستدامة والتي تفرض سعر فائدة إضافية على المقترضين الذين يفشلون في تحقيق الأهداف المحددة المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية تشهد زخماً متسارعاً كبيراً.
تصدّرت المكسيك الأسواق الناشئة من ناحية إصدارات السندات الخضراء.
التوسع في التمويل المستدام
في حين أنَّ معدل نمو مبيعات ديون الحوكمة البيئية والاجتماعية في الأسواق الناشئة يرتفع بسبب انخفاض نقطة البداية، إلا أنَّها علامة على أنَّ العالم بأسره يسير في الاتجاه المستدام.
كانت طفرة الصفقات الجديدة مدفوعة بانفجار في الديون المستدامة من الصين، تلتها دول أمريكا اللاتينية مثل: تشيلي، والمكسيك، والبرازيل. كما ساهمت الهند، وإندونيسيا، وماليزيا في المجموع.
قال نيستيدت: "أعتقد أنَّنا سنرى الكثير من الإصدارات المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية عبر مصدرين من ذوي العوائد المرتفعة، وعلى وجه الخصوص أتوقَّع وصول إصدارات دول الكاريبي وأفريقيا من جنوب الصحراء والمتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية لقاعدة مستثمرين جديدة".