تختتم "بتكوين" شهراً قاسياً بعدما وضعتها الانخفاضات التي تكبّدتها العملة المشفَّرة في يناير على الطريق نحو تسجيل أسوأ بداية عام لها، منذ التراجع الكبير الذي شهدته فيما يعرف باسم "شتاء العملات المشفَّرة" في مستهل 2018.
وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ؛ صعدت أكبر عملة مشفَّرة من ناحية القيمة السوقية في 11 يوماً فقط في تعاملات الشهر كافة، مما يعني أنَّها قضت 65% من يناير مكبدة بالخسائر. ورافقتها الأصول الرقمية الأخرى في درب المعاناة، فقد تهاوت "إيثريوم"، العملة الرقمية صاحبة المركز الثاني عالمياً، بنحو 30% منذ نهاية ديسمبر.
تراجعت "بتكوين" إلى نحو 33 ألف دولار في يناير، منخفضة من قمتها القياسية عند مستوى 69 ألف دولار تقريباً قبل أقل من 3 أشهر، وذلك وسط موجة بيع للأصول عالية المخاطر، بسبب تزايد الاقتناع باحتمالية رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، في ظل تخليه عن سياسات التيسير الكمي الكبيرة، التي تبنّاها خلال الفترة الماضية.
خسائر مدوية
ترددت أصداء الانخفاضات في أركان سوق العملات المشفَّرة كافةً، بدءاً من "بتكوين"، ومروراً بعملات "الميم"، وحتى بورصات وشركات تعدين العملات المشفَّرة المدرجة.
صرّح تروي غايسكي، رئيس المحللين الاستراتيجيين للأسواق في شركة "إف إس إنفستمنتس" (FS Investments)، في مكالمة هاتفية: "أنَّ العملات المشفرة فئة أصول متقلبة للغاية.. وأتمنى أن يكون كل مشارك في هذه السوق واعياً بتقلباتها المحتملة".
وأردف غايسكي: "أصبحت بيئة السوق أصعب بكثير مما كانت عليه قبل 6 أشهر.. و12 شهراً.. و18 شهراً مضت، وتحوّلت إشارة الاستثمار من الضوء الأخضر، إلى اللون الأصفر الحذر".
بداية سيئة
انزلقت "بتكوين" يوم الإثنين بنحو 2.9%، لتتداول عند مستوى يقارب الـ36680 دولاراً، قبل تعويضها للخسائر. وحالياً، بلغ انخفاضها الشهري أكثر من 18%، لتصبح تلك أسوأ بداية عام لها منذ 2018 عندما فقدت 29%، وجاء ذلك بعد مرورها بـ"ديسمبر قاتم" خسرت فيه 19% من قيمتها.
بدورها، أدت انخفاضات الأسعار إلى تراجع أحجام التداول، بحسب تقرير من شركة "كريبتو كومبير" (CryptoCompare).
بتكوين تقترب من تسجيل أسوأ بداية عام منذ انطلاق العملات المشفرة
كتب المحللون في التقرير: "شكّل التوجه الكلي تجاه الأصول عالية المخاطر محور التركيز الرئيسي في الأسواق، مع بروز توقُّعات بخفض سياسات التيسير الكمي بشدة" عقب ظهور سلسلة من بيانات التضخم المحمومة. وألمحوا إلى معاناة منتجات الاستثمار في الأصول الرقمية من التدفقات الخارجة لأول مرة منذ أغسطس الماضي، فقد بلغ متوسط التدفقات الخارجة الأسبوعية 88 مليون دولار حتى الآن في يناير، كما تراجعت إجمالي أصول منتجات "بتكوين" الخاضعة للإدارة بنحو 23% منذ ديسمبر.
أكبر تراجع
انخفضت "بتكوين" خلال الشهر الجاري بما يقارب الـ 50% مقارنة بقمتها التي سجلتها في نوفمبر الماضي.
وفقاً لـِ زاك باندل، وإيزابيل روزنبيرغ من "غولدمان ساكس"، من الناحية التاريخية يشكل هذا "أكبر نسبة تراجع" تسجله "بتكوين" وسط كل المستويات شديدة التدني التي بلغتها في السابق.
تراجع حاد لـ"بتكوين" يمحو تريليون دولار من قيمة العملات المشفرة
كتب المحللان في مذكرة، أنَّه بحسب تقديراتهما؛ وقعت منذ 2011 نحو 5 انخفاضات كبرى للعملة، مقارنة بأعلى مستوياتها على الإطلاق، وبمتوسط انخفاض من أعلى إلى أدنى مستوى يبلغ 77%.
دامت هذه الانخفاضات من 7 إلى 8 أشهر، في حين بلغ أكبر انخفاض تراكمي في "بتكوين" 93%، وحدث في 2011.
ركود مؤلم
ربما لا تشكّل الاضطرابات الأخيرة في السوق مصدر إزعاج للمخضرمين في العملات المشفَّرة، ممن اعتادوا على تقلّباتها، لكن هناك شريحة مستثمرين من حديثي العهد نسبياً في السوق، ممن قد يؤلمهم الركود الأخير بصفة خاصة.
قال غايسكي: "لقد قلت مراراً، إنَّه إذا لم تكن تتقبل حدوث انخفاض بنسبة 30 أو 40 أو حتى 50% في قيمة العملة المشفَّرة؛ فعليك الابتعاد عنها من الأساس".
"بتكوين" تنهي فورة عام 2021 بارتفاع 60% رغم خسائر ديسمبر
تجدد ذكريات "شتاء العملات المشفَّرة" الأخيرة -وهي عبارة مشهورة في سوق الأصل الرقمي، وتشير إلى التراجع الكبير الذي أعقبه شهور من الركود المستعصي- المخاوف من احتمالية تكرارها في الوقت الحالي.
آفاق سلبية
وقع مثل هذا الانخفاض في 2018، عندما خسرت "بتكوين" 80% تقريباً من قيمتها، واستغرقت أكثر من عام كامل حتى تصل إلى مستوى مرتفع جديد.
قال نيكولاس كاولي، المحلل الاستراتيجي في شركة "ديلي إف إكس" (DailyFX): "برغم هدوء موجة بيع "بتكوين" خلال الأسبوع الجاري؛ إلا أنَّ آفاق سوق العملات المشفَّرة ككل ما تزال سلبية، في ظل الخسائر الفادحة التي وقعت لمجموعة من العملات المشفَّرة التي حظيت بشعبية فائقة فيما مضى".
واختتم: "إذا كانت السوق ككل تتوقَّع قيادة "بتكوين" لمسيرة الصعود؛ فعلى الأرجح سيخيب أملها".