تتوقَّع خطة حكومية لمعالجة الأزمة المالية في لبنان، اطلعت عليها "رويترز"، خفض قيمة الليرة اللبنانية 93%، وتحويل الجزء الأكبر من الودائع بالعملة الصعبة في النظام المصرفي إلى العملة المحلية.
ومن بين 104 مليارات دولار من الودائع بالعملة الصعبة؛ تتوقَّع الخطة إعادة 25 مليار دولار فقط للمودعين بالدولار، مع تحويل معظم ما تبقى إلى الليرة بعدة أسعار صرف، أحدها من شأنه أن يضيّع 75% من بعض الودائع.
وتحدد الخطة إطاراً زمنياً مدته 15 عاماً لسداد المبالغ لجميع المودعين.
وصف البنك الدولي أزمة لبنان بأنَّها واحدة من أسوأ أزمات الكساد في تاريخ العالم. وجرى تجميد معظم أموال المودعين بالدولار منذ أكتوبر 2019، وخلال هذه الفترة فقدت الليرة ما يزيد على 90% من قيمتها.
ويمثل وجود خطة مالية أمراً حاسماً إذا أراد لبنان ضمان الحصول على خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي، والتي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنَّها السبيل الوحيد أمامه لرسم طريق للخروج من الأزمة. وبدأ لبنان محادثات مع صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي.
وتتوقَّع الخطة، التي تستند إلى بيانات شهر سبتمبر 2021، سعرَ صرف يبلغ 20 ألف ليرة للدولار، مقارنة بالسعر الرسمي البالغ 1500 ليرة، والذي لم تعدله الحكومة بعد حتى مع تطبيق مصرف لبنان المركزي لمجموعة من الأسعار الأعلى.
ويعد توحيد سعر الصرف إحدى توصيات سياسة صندوق النقد الدولي.
وخلال الأسابيع الماضية؛ عزز تدخل مصرف لبنان المركزي الليرة إلى 21,500 من مستوى منخفض بلغ 34 ألفاً في الشهر الماضي.
وتقدّر الحكومة إجمالي الخسائر في النظام المالي بنحو 69 مليار دولار.
ولم تسفر محاولة سابقة للبنان للحصول على دعم صندوق النقد الدولي عن أي شيء في عام 2020 بسبب الخلاف بين المصرف المركزي، والبنوك التجارية، والأحزاب المشاركة في الحكومة حول حجم الخسائر وكيفية توزيعها.
تقسيم الخسائر
هذه المرة، تتوزع الخسائر على النحو التالي: 38 مليار دولار من قبل المودعين؛ و13 مليار دولار من خلال تخفيض رأس مال مساهمي البنوك؛ وعشرة مليارات دولار في السندات الحكومية الدائمة؛ وثمانية مليارات دولار من المصرف المركزي.
وتتوقَّع الخطة ضياع 75% من قيمة الودائع البالغة 16 مليار دولار والمتراكمة بفضل أسعار الفائدة المرتفعة منذ عام 2015، من خلال تحويلها إلى الليرة بسعر أقل من السوق.
وبالمثل، تخفّض الخطة 40% من قيمة الودائع البالغة 35 مليار دولار، والتي نتجت عن تحويل الليرة إلى الدولار بسعر الصرف الرسمي بعد أكتوبر 2019، وأيضاً من خلال التحويل إلى الليرة بسعر أقل من السوق.
كما تهدف الخطة إلى إعادة 25 مليار دولار من الودائع بالعملة الصعبة لمن كان لديهم أقل من 150 ألف دولار في حساباتهم قبل وقوع الأزمة.
على أنَّ من تراوحت أرصدة حساباتهم بين 150 ألف دولار و500 ألف دولار؛ فسيكونون قادرين على الحصول على قيمتها كاملة، ولكن بالليرة بسعر السوق.
وسيحصل المودعون الذين تزيد قيمة ودائعهم على 500 ألف دولار، وتبلغ قيمتها الآن حسب التقديرات 22 مليار دولار، على حصص في القطاع المصرفي بقيمة 12 مليار دولار. وبالإضافة إلى ذلك؛ سيحصلون على خمسة مليارات دولار من السندات الحكومية الدائمة في إحدى شركات إدارة الأصول الحكومية.
مخاطر التضخم
وقال مايك عازار، الخبير في الأزمة المالية: "الإطار الزمني الذي يبلغ 15 عاماً للسداد للمودعين هو مؤشر على أنَّ البلاد ستظل مثقلة بالديون لفترة طويلة".
وأضاف: "تتمثل العواقب في استمرار الغموض، وانخفاض الثقة، وتراجع النمو الاقتصادي".
وتشير الخطة إلى أنَّه من المتوقَّع أن ينمو المعروض النقدي بالليرة "، مما يؤدي إلى زيادة المفهوم الضيق للعرض النقدي بشكل كبير". هذا يعني أنَّ مخاطر التضخم كبيرة.
وبحسب الخطة؛ فإنَّ "التضخم المرتفع سيقوِّض كل الجهود لاستعادة الودائع بقيمتها الحقيقية، وستنخفض القوة الشرائية للمودعين".
ومن خلال معالجة التضخم طويل الأجل، الذي ارتفع بالفعل مع انهيار الليرة؛ تشير الخطة إلى أنَّ أسعار الفائدة يمكن أن تكون أداة قوية بمجرد عودة مصداقية القطاع المالي.
ولكنَّ الخطة أشارت إلى أنَّ أسعار الفائدة غير فعالة في الوقت الحالي "لعدم الثقة" في المصرف المركزي والبنوك.
وأضافت أنَّ احتياطيات الذهب لدى المصرف المركزي يمكن أن تكون "أداة استثنائية لتثبيت قيمة (الليرة) إذا كان بالإمكان استبدالها (بالليرة)".