في عام 2021 كان أداء الأسهم الصينية المتداولة في البورصات الخارجية أقل من أداء الأسهم المتداولة في البورصات الداخلية بهامش واسع.
شعر المستثمرون العالميون بالفزع من تحرك الرئيس شي جين بينغ لتشديد اللوائح على الصناعات، مثل شركات الإنترنت ومقدمي الدروس الخصوصية عبر الإنترنت ومطوري العقارات.
لكن في الصين يرى كثير من مديري الصناديق الأمور من منظار مختلف. ويقولون إنّ البيع كان رد فعل مبالغاً فيه، رغم اعتراف البعض بأن بكين تصرفت بشكل أخرق.
تحدثنا إلى عشرة من مديري الأموال، يدير معظمهم صناديق شراء فقط تستثمر في الأسهم الصينية، لمعرفة ما يظنون أن العالم يفتقده. وفي ما يلي ملخص محرر لردودهم بغرض الوضوح.
وانغ هونغ وان
شريك مؤسس
"فيرست سي فرونت فاند مانجمنت"
شينزن
يدير نحو 30 مليار دولار من الأصول
من الخطأ اعتبار الحملة التنظيمية الأخيرة على عمالقة التجارة الإلكترونية، والجهود المبذولة لتخفيض ديون قطاع العقارات، والدفع من أجل "الرخاء المشترك"، بمثابة هجوم على القطاع الخاص. على العكس، هذه استراتيجية محورية طويلة الأجل للدولة وُضعت لمساعدة الاقتصاد على النمو بشكل أكبر من خلال تضييق فجوة الثروة وتجنب الوقوع في فخ الدخل المتوسط.
لا يبحث المستثمرون الأجانب عن الأسهم الصينية بشكل كافٍ، فهم يميلون إلى التركيز فقط على اللاعبين الثلاثة الأوائل في كل صناعة. نتيجة لذلك فقدَ المستثمرون كثيراً من الفرص.
في العام الماضي، ورغم الانخفاض بنسبة 5% في مؤشر اختيار السلع 300 (CSI 300) القياسي الذي يتتبع أكبر 300 سهم مدرج في شنغهاي وشينغان، فإن عديداً من الشركات المتوسطة، التي لا يتتبعها رادار معظم المستثمرين الأجانب، سجّل مكاسب متنوعة. أتاح عدم كفاءة السوق للمستثمرين الذين يعرفون الصين كثيراً من الفرص.
تُعَدّ الأسهم الصينية المدرجة في بورصة هونغ كونغ، على وجه الخصوص، بمثابة ثروة كبيرة في ضوء الخصم الحادّ على التقييم مقابل نظيراتها في البر الرئيسي.
هوا تونغ
مدير صندوق
"شينزن زينغ يوان إنفيستمنت مانجمنت"
غوانزو
يدير نحو 1.6 مليار دولار في صناديق تركز في الغالب على أسهم الفئة "أ"
يلعب رأس المال دائماً دوراً أصغر بكثير في السياسة هنا، على عكس الولايات المتحدة، إذ توصل رأس المال والحكومة إلى توافق في الآراء إلى حد كبير بشأن القضايا الأساسية مثل مكامن مصالح الأمة. بين السياسيين والرأسماليين في الولايات المتحدة شد وجذب أقل [مما هو عليه في الصين].
تسعى الحكومة الصينية والحزب الشيوعي في نهاية المطاف إلى الاستفادة الكاملة من جميع أنواع الموارد، سواء كانت موارد بيئية أو عمالة أو بيانات، وتخصيصها لتعظيم مكاسبهما حتى تصبح الصين دولة حديثة وفعالة وأكثر تنافسية.
ريتشارد بان
كبير مسؤولي الاستثمار لقطاع الاستثمارات المالية العالمية
"تشاينا أسيت مانجمنت"
بكين
يدير نحو 260 مليار دولار
لا تزال الصين سوقاً ناشئة بالنسبة إلى عديد من المستثمرين العالميين. إنهم يقيّمون الصين باستخدام مقاييس الأسواق الناشئة ويستثمرون بشكل أساسي في الشركات الكبرى، بما في ذلك الشركات المالية وشركات الإنترنت والعلامات التجارية للسلع الاستهلاكية وما إلى ذلك.
ومع ذلك، لدى الصين كثير لتقدمه، خصوصاً في مجال التقنيات المتقدمة. فمن خلال الاستفادة من أكبر مجموعات المواهب الهندسية في العالم والنطاق الواسع لسلاسل التوريد الصناعية، تتحرك الصين تدريجياً في سلسلة القيمة العالمية من "مصنع العالم" إلى مبتكر حقيقي.
في سوق الأسهم الصينية، ليس من الصعب العثور على شركات رائدة على مستوى العالم في مجالات تخصصها، مثل الطاقة الشمسية، والمركبات الكهربائية، والتكنولوجيا المتجددة، والذكاء الصناعي.
في سوق الأسهم الداخلية، لم يُضمَّن عدد متزايد من الفرص التي تقدم عوائد استثنائية في المؤشرات السائدة، ومن المحتمل أن يهملها المستثمرون العالميون.
حتى رواد الصناعة مثل "كاتل" (CATL) [شركة "كونتيمبوراري أمبيريكس تكنولوجيز"، أكبر صانع لبطاريات السيارات الكهربائية في العالم]، وشركة "مايندراي" (Mindray) [شركة شينزن مايند راي بيو ميديكال إليكتلاونيكس"، أُضيفوا مؤخراً إلى مؤشر اختيار السلع (CSI 300).
شيري إكس يو
شريكة إدارية
"أوريزا إف أو إف"
سوتشو
تدير وتقدم المشورة حول استثمارات قيمتها 23.9 مليار دولار تقريباً في صناديق رأس المال الاستثماري الصينية
الصين ليست اقتصاد سوق حرة خالصة. ويبقى السؤال الأساسي هو ما إذا كانت السوق الحرة البحتة لا تزال النموذج المرغوب، نظراً إلى بيئة الاقتصاد الكلي العالمية التي نحن فيها.
من غير المرجح أن تعود العلاقة بين الولايات المتحدة والصين إلى فترة شهر العسل. سيكون للبلدين حتماً منافسة دورية من شأنها أن تؤثر في شكل النظام العالمي. لكن تدفق رأس المال يخلو نسبياً من الاعتبارات السياسية.
يبدو المستثمرون الدوليون أكثر تخوفاً من المخاطر الناشئة عن التدخل الحكومي وكيف يمكن للسياسات الحكومية أن توجه ضربة قاتلة إلى صناعة بأكملها.
لكنهم رأوا نمو الصين في الماضي وكيف أنه من غير الواقعي وغير الحكيم تجاهل الصين من منظور الاستثمار.
لدى الحكومة الصينية أجندة واضحة. قد يكون بعض الإجراءات المتعلقة بالسياسة متسرّعاً وقوياً بعض الشيء، لكن احتضان الصين للمستثمرين الدوليين والدور الأساسي الذي تلعبه الأموال الدولية في تنمية الصين لم يتغيرا.
من غير المحتمل أن تنوي الحكومة الصينية جذب رأس المال الدولي ثم تغلق الباب وراءه.
وانغ تشي
المدير التنفيذي
"شنغهاي ميغا ترست للاستثمار"
هونغ كونغ
يدير نحو 700 مليون دولار، معظمها مستثمَر في سوق الأسهم "أ" بالصين
يشعر الناس بالقلق من أن أزمة "إيفرغراند" ستؤدي إلى انهيار سوق العقارات بالكامل. هذا أمر غير مرجح. تمثل "إيفرغراند" 3% فقط من سوق العقارات الصينية.
وبينما تتباطأ العقارات في بعض أجزاء البلاد فإنها لا تزال تنمو بقوة في أجزاء أخرى.
يعني هذا التنوع الاقتصادي أن في المستقبل كثيراً من النمو، رغم تباطؤ الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي.
يعتقد بعض المستثمرين أن قطاعات مثل الاستهلاك لديها مخاطر سياسية أقل أو معدومة في الصين، وأنه يمكن تقليل مخاطر السياسة على مستوى المحفظة من خلال زيادة وزن هذه القطاعات.
هذا الأمر خاطئ. الحقيقة هي أن جميع القطاعات وجميع الشركات في الصين معرض لمخاطر السياسة. يعتمد ما إذا كان قطاع ما لديه مخاطر تنظيمية أقل أو أعلى حقاً على الوقت.
على سبيل المثال، تواجه شركات تكنولوجيا الإنترنت الكبرى، التي لم يكن لديها أي مخاطر سياسية سلبية تقريباً في العقدين الماضيين، أكبر تدقيق تنظيمي في التاريخ. وعلى المستثمرين الاستعداد لذلك.
لو جون
مؤسس شركة "شنغهاي كونغرونغ إنفيستمنت مانجمنت"
شنغهاي
يدير نحو 1.2 مليار دولار في الأصول
لا يزال المستثمرون ينظرون إلى الصين إلى حد كبير على أنها قصة المستهلك. في غضون 20 عاماً تقريباً، ستكون هناك شركات تكنولوجيا صينية قادرة على التنافس مباشرة مع نظيراتها في الولايات المتحدة وأوروبا، وقد تضطر الدول الأجنبية إلى الاعتماد على الصين في تقنيات معينة. تعمل القيود الأمريكية على نقل التكنولوجيا إلى الصين كمحفز للصين لتطوير التكنولوجيا المحلية.
أساء المستثمرون تفسير الحملة التنظيمية، فهي لا تهدف إلى كبح جماح شركات التكنولوجيا أو شركات التصنيع. إنه موجه أكثر إلى الأوليغاركية (حكم الأقلية)، من أمثال "إتش إن إيه غروب" و"أنبانغ غروب هولدينغز".
وانغ تشينغ
رئيس شركة "شنغهاي تشاونغ يانغ إنفيستمنت مانجمنت"
شنغهاي
يدير نحو 5 مليارات دولار بشكل رئيسي في أسواق الأسهم الداخلية وهونغ كونغ
استخف المستثمرون الدوليون بالحكومة الصينية وقدرتها على تحقيق الاستقرار في الاقتصاد وتحفيز النمو في عام 2022، إذ تحولت سياسة الاقتصاد الكلي الصينية هذا العام إلى تحفيز النمو.
لم تخفف السياسات النقدية والمالية فحسب، بل إنّ إدارات الحكومة المركزية والمحلية الأخرى تتعاون من خلال اتخاذ تدابير استباقية.
سيؤتي مثل هذا التعديل الاقتصادي، بخصائص صينية، ثماره بسرعة، وقد تفوق نتائجه التوقعات.
في الوقت نفسه، بالغ المستثمرون في تقدير التأثير السلبي للحملات التنظيمية. أظهرت التجربة التاريخية مراراً وتكراراً أنه عند إدخال سياسات تنظيمية متعددة في الصين فإنها تظهر عادةً أولاً بطريقة قوية، وهذا يهدف إلى تحقيق بعض التأثير الرادع في السوق، وبعد ذلك يميلون إلى التحول إلى إيقاع أكثر طبيعية.
يانغ لينغ
شريكة مؤسِّسة
"ستار روك إنفيستمنت"
بكين
تدير نحو 2.36 مليار دولار
رأى المستثمرون الأجانب في فورة التحركات التنظيمية الصينية في النصف الثاني من العام الماضي مؤشرات على حدوث تغيير كبير في منطق صنع السياسة الأساسي للدولة.
كان هذا سوء فهم كبيراً. يتحول صانعو السياسة في الصين نحو نهج أكثر شمولية للإصلاح "من القمة إلى القاعدة" بعد أن تراكمت الخبرة عبر عقود من تجارب "الشعور بالحجر" الأكثر تدريجية [من وصف الزعيم الصيني الراحل دينغ شياو بينغ لتجارب الصين المبكرة مع الإصلاح الاقتصادي بأنها "عبور النهر بتحسس الحجارة"].
يمكن أن ينشأ مزيد من فرص الاستثمار، إذ تترك الحملة على الاحتكارات مساحة أكبر للشركات الناشئة المبتكرة.
جيسيكا تشين
المؤسِّسة المشارِكة والمديرة العامّة
"شنغهاي ماينورتي أسيت مانجمنت"
شنغهاي
تدير أكثر من 1.57 مليار دولار
يشعر المستثمرون الدوليون بتشاؤم مفرط بشأن مستقبل البنوك الصينية، الذي يبدو في الخصم الحادّ الذي يجري عنده تداول أسهم البنوك المدرجة في هونغ كونغ مقارنة بنظرائهم المدرجين في بورصة البر الرئيسي.
رغم تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين وتقلص هامش الفائدة لدى البنوك، فإنّ جودة أصولها تتحسن. انخفضت نسبة التعثر في الصناعة المصرفية الصينية إلى نحو 1.75% في نهاية سبتمبر، من 1.96% في العام السابق.
علاوة على ذلك، تحسنت قدرتها على تحمّل المخاطر بعد زيادة مخصصات الديون المعدومة. نعتقد أن المستثمرين الدوليين ربما أساؤوا تقدير إمكانات الصناعة المصرفية الصينية.
بان جيانغ
مدير عام
"كانداو أسيت مانجمنت"
شنغهاي
يدير نحو 150 مليون دولار من الأصول
في العام الماضي، أصدرت الحكومة الصينية سياسات تنظيمية صارمة بشأن قطاعَي التعليم والإنترنت، ما تسبب في قلق المستثمرين الأجانب من شروع السلطات في حملة مضادة لرأس المال والسوق، وبدأ بعضهم يشعر بالتشاؤم بشأن السوق الصينية. نعتقد أن هذا سوء فهم، ونعتقد أن هذه السياسات تستهدف الصناعات الفردية فقط. السياسات تفضي إلى المنافسة العادلة والكاملة في تلك الأسواق.
أمام الحكومة الصينية مجال للتحسن من حيث الشفافية في عملية صُنع السياسة وإدارة التوقعات. من وجهة نظر بعض الدول الغربية، تتخطى ممارسات صُنع السياسة الصينية العملية القانونية. إنه أشبه بأمر إداري. في المستقبل يجب أن تنظر الحكومة أيضاً في تعزيز التواصل مع السوق.