قفزت عوائد سندات الديون الألمانية المعيارية متجاوزة صفر بالمئة لأول مرة منذ ما قبل انتشار جائحة كورونا إذ يستعد المستثمرون لتخفيض البنوك المركزية إجراءات التحفيز النقدي في مواجهة ارتفاع معدل التضخم.
ارتفعت نسبة العائد على سندات أجل 10 سنوات بواقع أربع نقاط أساس إلى 0.02% لتعبر إلى المنطقة الموجبة لأول مرة منذ مايو 2019.
يأتي ذلك بينما تراهن أسواق النقد على أن البنك المركزي الأوروبي سيبدأ في زيادة أسعار الفائدة في سبتمبر بدلاً من أكتوبر في توقعات سابقة.
يتوقع المتعاملون ألا يعود سعر الفائدة الأساسي سلبياً بحلول نهاية العام القادم.
ارتفاع تكاليف الإقراض
يمثل ذلك نقطة فاصلة بالنسبة للمستثمرين الأوروبيين الذين اضطروا إلى التعامل مع ديون ذات عوائد سلبية على مدى سنوات، وتعتبر رياحاً معاكسة بالنسبة للحكومات في المنطقة التي تواجه احتمال ارتفاع تكاليف الاقتراض.
انخفضت عوائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات إلى أقل من صفر منذ أوائل 2019.
وقد انخفضت إلى مستوى وصل إلى –0.91% عند اقتراب ذروة انتشار كورونا في مارس 2020، مدفوعة بمشتريات البنك المركزي الأوروبي من السندات وضخ السيولة النقدية.
غير أن صعود التضخم مع بداية تعافي الاقتصادات يُحدث حالياً أثره، مع تقييم المتعاملين فرص تقشف سياسة البنك المركزي وتصعيد رهاناتهم على استمرار انخفاض أسعار السندات.
انخفض إجمالي قيمة السندات الألمانية ذات العائد السلبي إلى أقل من 1.5 تريليون يورو (1.7 تريليون دولار) لأول مرة في عامين يوم الإثنين الماضي، بينما وصل الإجمالي العالمي حالياً إلى نصف ذروته في 2020، عند 9.12 تريليون دولار.
حذر شديد
قالت ألثيا سبينتسي، محللة أوراق الدخل الثابت لدى "ساكسو بنك" على "تلفزيون بلومبرغ" اليوم الأربعاء: "إن المستثمرين يتعاملون بحذر شديد مدركين أن سياسة البنك المركزي الأوروبي هذا العام أقل توسعاً واحتواءً. وعند هذه النقطة ينبغي أن ترتفع عوائد السندات الألمانية إلى ما يتجاوز صفر في المئة، وهو ما يسبب المشاكل بالنسبة لأوراق الديون السيادية الأوروبية الأخرى، خاصة تلك التي تتسم بارتفاع المخاطر مثل سندات إيطاليا".
قفز سعر الفائدة الأساسي على اليورو مدة ثلاثة شهور إلى سالب 0.557%، وهو أعلى مستوى منذ أكتوبر الماضي.
منذ خمسة أسابيع فقط، انخفض هذا المعدل إلى رقم قياسي، مما يعكس مدى سرعة تأثير توقعات تشديد السياسة النقدية.
تتوقع السوق أن يرفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 10 نقاط أساس في سبتمبر القادم، ليصبح سعر الفائدة الرئيسي -0.4%.
يعكس ارتفاع عوائد السندات الألمانية تحركاً عالمياً تقوده سندات الخزانة الأمريكية. وتزداد التخمينات بأن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيستجيب للزيادة الشديدة في معدل التضخم عن طريق إقرار زيادة في سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في مارس المقبل، والتي ستكون أول زيادة يقرها منذ عام 2000.
قال أنطوان بوفيه، محلل أسعار الفائدة لدى شركة "آي إن جي غروب": "إن أسعار العائد الإيجابية ستستمر. إننا في عالم جديد تماماً".