تعهُّد إندونيسيا بأن تكون أكثر من مجرد مورِّد للمواد الخام من شأنه أن يزيد الضغط على قطاعات الصناعة الصينية من الصلب إلى السيارات الكهربائية، والتي تعاني بالفعل تحت وطأة تقلبات التكلفة المتزايدة.
كانت الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، قد صرحت الأربعاء الماضي بأنها تدرس فرض ضريبة تصاعدية في أقرب وقت هذا العام على صادرات الحديد الزهر والنيكل.
وقد أدت المخاوف بشأن انخفاض الشحنات من أكبر مورِّد للنيكل في العالم إلى ارتفاع مؤشر بورصة لندن للمعادن إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من عقد.
ويهدد هذا الأمر بزيادة التكاليف للمصانع الصينية المنتجة للفولاذ المقاوم للصدأ- وهم كبار مستهلكي المعدن- بالإضافة إلى انضمام النيكل إلى مجموعة من السلع التي أصبحت تشكل مصدر إزعاج متزايد لصانعي البطاريات في ظل ارتفاع أسعار خام المعادن.
يذكر أن إندونيسيا لعبت دوراً رئيسياً في الأسواق العالمية كمورِّد للمواد السائبة، لكن الرئيس، جوكو ويدودو تعهد، مؤخراً، بوقف تصدير جميع السلع الخام لتحويل البلاد إلى مركز تصنيع ضخم للسيارات الكهربائية.
في سبتمبر، أشارت الحكومة إلى أن القيود على تصدير النيكل تلوح في الأفق، وقالت إنها ستوقف شحنات تصدير البوكسيت وخام النحاس، وذلك بغرض إنتاج جميع مكونات السيارات الكهربائية، بما في ذلك بطاريات الليثيوم، محلياً.
يتمثل الشاغل الأساسي للصناعات الصينية في اعتمادها على إندونيسيا لتزويدها بالنيكل، وهو منتج شبه مكرر يستخدم في صناعة الفولاذ المقاوم للصدأ.
تجدر الإشارة إلى أن الصين تحصل على حوالي 84% من وارداتها من إندونيسيا، بينما تمثل اليابان وكولومبيا وميانمار وكاليدونيا الجديدة النسبة المتبقية من وارداتها من المعدن الفلزي.
ارتفاع التكاليف
قالت سيليا وانغ، المحللة لدى مزودة بيانات ومعلومات السوق بشأن المعادن الصينية وصناعة التعدين، "مايستيل غلوبال"، إنه في حين تظل التفاصيل مثل توقيت فرض الضرائب ومعدلات تصاعدها غير مؤكدة، إلا أنه سيتعين على المصانع الصينية قبول "حقيقة" ارتفاع التكاليف بسبب اعتماد الصناعة على إندونيسيا.
وأضافت وانغ، إن ارتفاع أسعار النيكل من شأنه أن يسبب، أيضاً، مزيداً من المعاناة لمنتجي البطاريات، والذي أصبح بالفعل أمراً "مزعجاً للغاية" في ظل ارتفاع تكاليف المواد الخام.
وتشهد المعادن المستخدمة في صناعة البطاريات طفرة غير مسبوقة في الأسعار وسط دفعة عالمية للتخفيف من تداعيات تغير المناخ، حيث بلغت أسعار الليثيوم مستويات قياسية، فيما تضاعفت أسعار الكوبالت خلال العام الماضي.
ووفقاً لتقديرات "بلومبرغ إن إي إف"، فقد يؤدي الارتفاع المستمر في أسعار المعادن المستخدمة في صناعة البطاريات إلى ارتفاع تكلفتها لأول مرة منذ عام 2010 على الأقل، الأمر الذي من شأنه الإضرار بمصنعي السيارات والمخاطرة بعزوف المستهلكين عن شراء السيارات كهربائية.
سباق على معادن البطاريات
من جهةٍ أخرى، قد يؤدي تركيز إندونيسيا على استهلاك النيكل محلياً إلى تحفيز المزيد من الاستثمارات الخارجية في قطاع تصنيع البطاريات الكهربائية في دولة المنشأ، وذلك وفقاً لما ذكره لين تشانغ، المحلل في شركة "شنغهاي ميتال ماركت".
وفي السياق ذاته، قالت الحكومة، في سبتمبر، إن مصنعاً لبطاريات السيارات الكهربائية تتشارك ملكيته مجموعة "هيونداي موتور" و"إل جي إنرجي سوليوشن" سيبدأ إنتاجه في مايو.
كان النيكل قد شكل محور اهتمام رئيسي لشركة "تسلا"، حيث أعرب الملياردير إيلون ماسك، رئيس الشركة، في وقت سابق، عن قلقه بشأن العرض مستقبلياً بسبب التحديات في التوريد المستدام، وكذلك لأنه من المتوقع أن يرتفع الطلب على المعدن الفلزي بشكل كبير مع اتجاه العالم نحو السيارات الكهربائية بصورة متزايدة.
في العام الماضي، شهدت أسعار النيكل اضطراباً بسبب التكنولوجيا المتقدمة التي طورتها شركة "تشينغشان غروب هولدينغ" (.Tsingshan Holding Group Co)، أكبر منتج للفولاذ المقاوم للصدأ في العالم، والتي تسمح لها باستخدام المصاهر الإندونيسية الحالية لإنتاج كميات كبيرة من معدن يمكن معالجته لينتمي إلى فئة المعادن الداخلة في صناعة البطاريات.
وانخفضت أسعار المعادن الأساسية على نطاق واسع. فقد انخفض سعر النيكل في بورصة لندن للمعادن بنسبة 1.1% إلى 21820 دولاراً للطن بحلول الساعة 2:32 مساءً في شنغهاي، وذلك بعد أن اقترب من أعلى مستوى له منذ أغسطس 2011 يوم الأربعاء. بينما انخفض النحاس بنسبة 1.4% والألمنيوم بـ 1.1%.