ربما يكون رئيس السلفادور، نجيب أبو كيلة، هو رئيس الدولة الوحيد في العالم الذي يستخدم الأموال العامة لتداول عملة بتكوين المشفَّرة عبر هاتفه المحمول.
حتى الآن، يبدو أنَّ "أبو كيلة" خسر بعض أموال دافعي الضرائب، غير أنَّ العملية مازالت محاطة بالسرية، على الرغم من أنَّ الدولة اشترت ما لا يقل عن 1391 عملة "بتكوين"، بحسب ما قاله بوكيلي، البالغ من العمر 40 عاماً، على "تويتر".
وفقاً لحسابات "بلومبرغ، يعتقد أنَّ عملية الشراء التي قال رئيس السلفادور أنَّه قام بها كلفت الدولة الواقعة في أمريكا الوسطى نحو 71 مليون دولار على أساس متوسط سعر الشراء البالغ 51.056 دولاراً لكل عملة في تاريخ وتوقيت تغريداته.
لكن على افتراض أنَّ الحكومة احتفظت بالعملة الرقمية؛ كانت قيمتها ستصل الآن لتبلغ 61 مليون دولار بسعرها يوم الأربعاء. وعليه؛ فقد كبّدت عملية الشراء الدولة خسارة تقدّر بـ 14% من الأصول التي جرى تداولها في تلك العملية.
عملة قانونية
كانت السلفادور قد بدأت شراء عملات "بتكوين" في سبتمبر بعد أن دفع "أبو كيلة" بخطة لجعل البلاد أول من يعتبرها عملة قانونية. في ذلك الوقت، كان يجري تداول "بتكوين" عند 50 ألف دولار تقريباً، وواصلت السلفادور عمليات الشراء، فيما اقتربت العملة الرقمية من مستوى قياسي بلغ 69 ألف دولار تقريباً في أوائل نوفمبر. لكنَّها شهدت منذ ذلك الحين خسارة قاربت 40% من قيمتها.
حتى مع انخفاض قيمة "بتكوين"؛ فإنَّ أي خسائر تداول محتملة تتضاءل أمام الانخفاض الذي شهدته سندات الدولة، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف التمويل في السلفادور. فقد سجلت السندات الدولارية الدولية للبلاد أسوأ أداء في العالم خلال عام 2021؛ فقد أفزعت إدارة بوكيلي الاقتصادية غير التقليدية، وتجربة الدولة مع "بتكوين" المستثمرين. لكنَّ الحكومة لم ترد على طلبات التعليق على الأمر.
كان العائد على السندات الدولارية، التي تبلغ قيمتها 800 مليون دولار، والمستحقة في يناير 2023، قد ارتفع إلى 34% يوم الثلاثاء، من أقل من 9% قبل عام. لم تؤتِ تسهيلات الصندوق الموسعة مع صندوق النقد الدولي ثمارها بسبب مخاوف المقرض متعدد الأطراف بشأن "بتكوين".
الشراء عند انخفاض الأسعار
أصبح بوكيلي من المشاهير في مجتمع "بتكوين"، إذ يشتري عند انخفاض الأسعار، ويعد ببناء مدينة "بتكوين" المعفاة من الضرائب على ساحل البلاد. قالت حكومته، إنَّها ستسرّع إجراءات الحصول على الجنسية للمستثمرين الذين يشترون 100 ألف دولار أو أكثر من سندات الـ"بلوكتشين" المقترحة، التي من المتوقَّع إصدارها هذا العام على شبكة Liquid Network"" التابعة لشركة "بلوك ستريم" (.Blockstream Corp).
رئيس السلفادور: نسعى لبناء أول "مدينة بتكوين" في العالم
بلغ الأمر ذروته، عندما دخل رئيس السلفادور في مشادات مع نقاد "بتكوين" على "تويتر"، فقد وصف الخبير الاقتصادي في جامعة جونز هوبكنز، ستيف هانكي، بالأحمق "id10t" بعد أن قال، إنَّ خطة "أبو كيلة" لتعدين "بتكوين" بالطاقة الحرارية الأرضية من بركان غير نشط كانت بمثابة "تصرف غريب من رئيس نرجسي كثير الكلام".
قال وزير المالية، أليخاندرو زيلايا، الأسبوع الماضي، إنَّ الحكومة قد حولت بعض عملات "بتكوين" المشتراة إلى دولارات، لكنَّه لم يدخل في التفاصيل، مضيفاً أنَّ فريقاً من المسؤولين الحكوميين يقرر متى يشتري عند انخفاض الأسعار، وأنَّ إدارة "أبو كيلة" تخطط لبناء مستشفى حيوانات عام من أي أرباح ناشئة عن تداول "بتكوين".
يظل عنوان تداول "بتكوين" الحكومي سراً. كما تقول الحكومة، إنَّ لديها صندوقاً بقيمة 150 مليون دولار في بنك "بانديسال" (Bandesal) الحكومي لدعم معاملاتها الرقمية، لكنَّها لا تنشر معلومات عنه.
قال ريكاردو كاستانيدا، الاقتصادي المقيم في السلفادور لمعهد أمريكا الوسطى للدراسات المالية: "الغموض يحيط بكل ما يتعلق به. لا توجد معلومات رسمية حول كمية عملات "بتكوين" التي اشترتها الحكومة، أو السعر الذي دفعته، أو مقدار الاحتياطي".
فجوة في التمويل
في سبتمبر، اعتمدت السلفادور العملة المشفَّرة كعملة قانونية إلى جانب الدولار، وقام ملايين الأشخاص بتنزيل تطبيق المحفظة الرقمية للبلاد، الذي يحمل اسم "تشيفو" (Chivo).
تقدّر ناتالي مارشيك، رئيسة قسم أبحاث السندات السيادية في الأسواق الناشئة في بنك "ستيفل نيكولاوس" (.Stifel Nicolaus & Co) في نيويورك، أنَّ الحكومة ستواجه عجزاً في التمويل قدره مليار دولار هذا العام.
قالت مارشيك: "الحكومة لديها احتياجات تمويلية كبيرة إلى حدٍّ ما. فأي أموال تستخدمها للتداول اليومي لعملة "بتكوين"؟ يمكنني أن أفهم سبب انزعاج دافع الضرائب السلفادوري من هذا الأمر، لا سيما بالنظر إلى الانخفاض الأخير في قيمة العملة الرقمية. من الصعب تبرير تداول الحكومة لمثل هذا الأصل المحفوف بالمخاطر بأموال دافعي الضرائب في مثل هذه الظروف العصيبة".