تختبر الأسواق المالية الصينية قدراً كبيراً من الديون المستحقة والارتفاع الموسمي في الطلب على النقدية الشهر الجاري، ما يضع ضغوطاً على البنك المركزي لضمان سيولة كافية.
قد يصل إجمالي الطلب على السيولة إلى حوالي 4.5 تريليون يوان (708 مليارات دولار) في يناير، بزيادة نسبتها 18% عن العام الماضي، وفقاً لحسابات "بلومبرغ" المستندة إلى بيانات رسمية وتقديرات للمحللين.
محركات الطلب هي زيادة حجم القروض المستحقة والطلب على النقود لإنفاقها خلال السنة القمرية الجديدة، التي تأتي في أوائل عام 2022.
اقرأ أيضاً: تعثر قياسي لسندات الشركات الصينية بالخارج في ديسمبر
ربما يخفف التخفيض الأحدث في نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك من حدة الأزمة، ويتوقع بعض مراقبي السوق أن يقلص البنك المركزي الاحتياطي مرة أخرى لتجنب أزمة سيولة، ويأتي ذلك بعد أن أشار صانعو السياسة إلى تحول التركيز من تقليص المديونية في الاقتصاد إلى دعم النمو، ويضيف ضعف السيولة مشكلة أخرى للسلطات التي تعاني من تداعيات أزمة مجموعة "تشاينا إيفرغراند"، التي قادت موجة من التخلف عن السداد مع فشل 6 مطورين على الأقل في سداد الديون في الوقت المحدد في الربع الماضي.
طالع أيضاً: "إيفرغراند" تفوت موعداً آخر لسداد الديون
السيولة المستقرة
قالت ييشوانغ لي، المحللة في "سيندا سيكيوريتيز" (Cinda Securities Ltd)، مستشهدة بمدفوعات الضرائب واستحقاق القروض السياسية: "هناك عدد من العوامل التي قد تهدد في يناير ظروف السيولة المستقرة التي تعهد البنك المركزي بالحفاظ عليها، وأصبح سوق السندات ضعيفاً حالياً بعد زيادة الاستدانة في ديسمبر، ما يعني أن المؤسسات المالية ستكون أكثر اعتماداً على دعم السيولة من بنك الشعب الصيني".
المزيد من التيسير في السياسة قد يكون سيفاً ذا حدين لبنك الشعب الصيني إذ يمكن أن تهدئ مثل هذه الخطوة المخاوف بشأن ارتفاع تكاليف التمويل وتحول دون ضغوط السيولة، إلا أنها قد تغذي أيضاً فقاعات الأصول التي تريد بكين تجنبها.
قبيل العام القمري الجديد في 2019 و2020، خفضت السلطات نسبة الاحتياطي الإلزامي لضخ السيولة، ومع ذلك، تجنبوا توفير أموال إضافية العام الماضي، ما عزز المخاوف بشأن الموقف السياسي الأكثر تشدداً، ورفع تكاليف التمويل قصير الأجل.
يوم الثلاثاء، خفض بنك الشعب الصيني ضخ السيولة النقدية قصيرة الأجل إلى 10 مليارات يوان من 100 مليار في الجلسة السابقة، وأدى ذلك إلى استنزاف صافٍ للسيولة بقيمة 260 مليار يوان، وهو أكبر معدل منذ أوائل أكتوبر.
طالع المزيد: أحد أقدم صناديق التحوط في آسيا يشتري ديون الصين المتعثرة
شهادات إيداع
من المقرر أن تستحق شهادات إيداع قابلة للتداول - شكل من أشكال الديون المصرفية قصيرة الأجل - بحوالي 1.2 تريليون يوان في يناير، بجانب 500 مليار يوان من قروض السياسة متوسطة الأجل و700 مليار يوان أخرى من اتفاقيات إعادة الشراء العكسي، وفق حسابات "بلومبرغ".
ما يزيد الضغوط هو إمكانية سحب 700 مليار يوان من النظام المالي للهدايا والسفر لعطلة رأس السنة القمرية الجديدة في الأسبوع الأول من فبراير، وفقاً لشاوبينغ زينغ، كبير استراتيجيي الصين في مجموعة استراليا ونيوزيلندا المصرفية، وتشير تقديرات المجموعة المصرفية إلى أن هناك التزامات ضريبية بحوالي تريليون دولار يجب الوفاء بها، وقد تشتري البنوك ما صافيه 300 مليار يوان من سندات الحكومة المحلية والمركزية المقرر صدورها في يناير.
الطلب من المطورين
علاوة على ذلك، ستحتاج شركات العقارات الصينية إلى 189 مليار دولار على الأقل لتغطية السندات المحلية المستحقة، ومنتجات الصناديق الائتمانية والأجور لملايين العمال المهاجرين، وفقاً لحسابات "بلومبرغ" وتقديرات المحللين، يأتي ذلك في الوقت الذي أدت فيه مشاكل الديون في القطاع إلى إغلاق أبواب إعادة التمويل من السوق الأولية الخارجية في وجه معظمه.
برغم توقع أغلب المحللين أن يضخ البنك المركزي سيولة، فإن معظمهم لا يتوقع أن يذهب بنك الشعب الصيني إلى حد خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي مرة أخرى أو حتى خفض الفائدة الرئيسية، ومن المرجح أن يلجأ البنك المركزي إلى استخدام أدوات قصيرة ومتوسطة الأجل لتعديل المعروض النقدي، وفقًا لبيكيان ليو، الخبير الاقتصادي في "نات ويست غروب (Natwest Group Plc).
اقرأ المزيد: “غولدمان ساكس" تقتنص ديون القطاع العقاري الصيني رغم تجنب الآخرين لها
ارتفاع السندات
قد يعطي المزيد من إجراءات التيسير السندات الحكومية دفعة أخرى لأعلى، وتراجعت عائدات السندات المعيارية لأجل 10 سنوات إلى أدنى مستوى لها في أكثر من عام في أواخر ديسمبر، عندما ضخ بنك الشعب الصيني 650 مليار يوان صافية في النظام المالي عبر اتفاقيات إعادة الشراء العكسي في الأسبوعين الأخيرين من الشهر.
يمكن أن يخفض بنك الشعب الصيني الفائدة في الربع الأول للمساعدة في تقليل تكاليف التمويل على الشركات، ما قد يدفع عائدات 10 سنوات إلى 2.6%، وفقاً ليوي يانغ، محلل الفائدة في "غوشينغ سيكيوريتيز" (Guosheng Securities Co).
وقال مينغ مينغ، مدير أبحاث الدخل الثابت في "سيتيك سيكيوريتيز" (Citic Securities Co): "الطلب على السيولة سيبدأ في الارتفاع اعتباراً من منتصف يناير.. لكن بنك الشعب الصيني سيستخدم سياسة حكيمة لضمان استقرار المعروض النقدي.