من أجل المضي قدماً هذا العام، وجد المستثمرون المتعثرون أنفسهم في رحلة بحث عن فرص غير عادية بشكل متزايد لتحقيق العوائد، وهو اتجاه من المقرر أن يستمر في عام 2022.
في هذا السياق، أظهرت العديد من الفرص الأكثر جاذبية هذا العام كيف تتطوّر أعمال الديون المتعثرة، فقد أغرقت أزمات سلسلة التوريد الشركات الجديدة في الفوضى، لكنَّها ساعدت أيضاً شركة "هيرتز غلوبال" (Hertz Global Holdings) في إعادة تعريف نجاح الإفلاس، كما مزّق مستثمرو أسهم التجزئة بشكل أساسي قواعد لعبة تداول الشركات المتعثرة مثل "إيه إم سي إنترتينمنت" (AMC Entertainment Holdings). وفي أواخر هذا العام، أدى الذعر في سوق العقارات بالصين إلى جذب الأموال الأمريكية نحو مناطق غير مستكشفة.
علّق ثاد ويلسون، شريك إعادة الهيكلة في شركة "كينغ أند سبالدينغ" (King & Spalding) قائلاً: "المال موجود، ويجب تشغيله. على أنَّ هناك عدداً أقل من الخيارات التي يمكن من خلالها تشغيله بطريقة منطقية من الناحية الاقتصادية، لذلك يبدأ الناس في المراهنة على أدوات دين واستثمارات بديلة أكثر خطورة. وقد ينتهي الأمر ببعض هؤلاء إلى الإفلاس في نهاية المطاف".
يمكن إلقاء اللوم على العام الثاني من الجائحة، فقد أشعل التدفق المستمر للتحفيز الحكومي، والسيولة التي ضخها البنك المركزي، الاستثمارات عبر فئات الأصول. فقد كانت "كومة" السندات والقروض المتداولة عند 66 مليار دولار فقط اعتباراً من الأسبوع الماضي، وارتفع مؤشر السندات الأمريكية المتعثرة بنسبة 21% تقريباً خلال العام حتى الأربعاء الماضي.
في السطور التالية، تلخص "بلومبرغ" الصفقات التي كانت ناجحة أو فاشلة للمستثمرين هذا العام، وما يمكن استخلاصه من أجل توقُّع ما قد يحدث في عام 2022:
قصة "هيرتز"
قد تُلخِّص قصة شركة "هيرتز" أيضاً أسواق الائتمان في النصف الأول من العام. فبعد أن شعرت بالنقص المفاجئ في الطلب على السفر خلال الأيام الأولى للجائحة، اكتسبت شركة تأجير السيارات ضجة كبيرة في الأسهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك في وقت مبكر. لاحقاً، و عندما انتعش الطلب على السفر، وأدى النقص في الرقائق إلى ارتفاع أسعار السيارات المستعملة؛ أصبحت الشركة هدفاً لعروض الاستحواذ المتنازعة لإخراجها من الإفلاس.
ما هي النتيجة النهائية؟. أعطى خروجها عائدات جيدة حتى لأصحاب الأسهم، الذين عادة ما يتم شطبهم في إعادة الهيكلة، وهذا ما كان يُمثّل تحدياً سابقاً للمستثمرين المتعثرين والمتخصصين في التخلص من سيناريوهات الإفلاس.
اقرأ أيضاً: بعد نجاتها من الإفلاس.. "هيرتز" تطلب 100 ألف سيارة "تسلا"
أعطت الصفقة مكاسب لشركة "أبولو غلوبال مانجمنت" (Apollo Global Management)، و"نايتهيد كابيتال مانجمنت" (Knighthead Capital Management)، و"سيرتاريس مانجمنت" (Certares Management)، إلى جانب مستثمري التجزئة "المارقين" في "ريديت" (Reddit). وجمعت "هيرتز" 1.3 مليار دولار في إدراج أسهمها في أكتوبر، وقدمت أرباحاً لمساهمين من بينهم "كوغار كابيتال" (Cougar Capital)، و"أوكتري كابيتال مانجمنت" (Oaktree Capital Management).
انتعاش التجزئة
شهدت صناعة التجزئة المحاصرة، والتي كانت عبارة عن "كيس ملاكمة" متعثر منذ فترة طويلة، عودة مفاجئة في عام 2021.
فبعد تحمل موجة إفلاس عقابية في عام 2020؛ دخلت الشركات التي خفّضت الديون في المحكمة، أو تمكّنت من تجنب إيداع أوراق الإفلاس، عام 2021، وهي مستعدة لإجراء تغييرات متأخرة، واعتماد تكنولوجيا تجارة إلكترونية جديدة، وتبنّي نماذج أعمال جديدة، والتي يبدو أنَّها تُؤتي ثمارها، إذ قفز مؤشر ديون تجار التجزئة ذات العائد المرتفع بنسبة 6.6% هذا العام حتى الثلاثاء الماضي، متفوقاً على عائد السوق الأوسع بنسبة 5.3%.
و تبين أنَّ اضطرابات سلسلة التوريد كانت نعمة لبعض السلاسل، والتي شهدت، مثل "هيرتز"، طلباً مرتفعاً للغاية، وتمكّنت من تقليل الخصومات. كما قال بيري ماندارينو، الرئيس المشارك للخدمات المصرفية الاستثمارية في "بي رايلي فايننشال" (B. Riley Financial)، إنَّ البيع بالسعر الكامل يُعزّز حدود الاقتراض، فيما يتعلق بالقروض القائمة على الأصول التي تدعم معظم تجار التجزئة، لذا فهم يُنهون هذا العام في حالة جيدة بشكل مدهش.
وأضاف "ماندارينو": "تجار التجزئة ممتلئون بالمال، وربما يكون قطاع التجزئة هو القطاع الأفضل أداءً في هذه المرحلة؛ ومن المحتمل أن يكون هذا هو أول شهر من يناير منذ فترة طويلة لا نشهد فيه على الارتفاع المعتاد بعد العطلة في حالات إفلاس التجزئة".
خسارة "سيتي" المفاجئة
بدا خطأ شركة "سيتي غروب" (Citigroup) الفادح، والبالغ 900 مليون دولار بشأن مدفوعات "المكتب الخلفي" أسوأ هذا العام، عندما فشلت جهود استرداد الأموال في المحكمة.
في ظاهره، فإنَّ الحكم المفاجئ هو انتصار للصناديق، بما في ذلك "بريغيد كابيتال مانجمنت" (Brigade Capital Management)، و"إتش بي إس انفستمنت بارتنرز" (HPS Investment Partners)، و"سيمفوني أسيت مانجمنت" (Symphony Asset Management)، والتي تلقت دفعة خاطئة من قرض شركة "ريفلون" (Revlon)، ورفعت الأمر إلى المحكمة بدلاً من إعادة الأموال، لكنَّ هذه الصناديق وجدت نفسها لاحقاً مستبعدة من صفقات ديون البنك، مما يوضح القوة التي ما تزال البنوك الكبرى مثل "سيتي" تمارسها في أسواق الائتمان.
اقرأ أيضاً: خطة جين فريزر لإعادة هيكلة "سيتي غروب" والتفوق على المنافسين
في الوقت ذاته، استأنف بنك "سيتي" القرار في محكمة مانهاتن الفيدرالية، وهو حالياً ينتظر الحكم. أما في الوقت الحالي، فقد تركت الأخطاء المالية البنك كواحد من أكبر دائني "ريفلون"، فقد شهدت شركة مستحضرات التجميل تحسناً في أرباحها من أدنى مستوياتها في عام 2020، على الرغم من أنَّ ديونها ما تزال تعاني من ضائقة شديدة.
انهيار العقارات الصينية
تصاعدت تأخيرات أعمال البناء في مجموعة "تشاينا إيفرغراند" (China Evergrande Group) في سبتمبر إلى أزمة كبيرة بحلول ديسمبر، مع وصول التوترات إلى المطورين الصينيين الآخرين. وكانت "إيفرغراند" (Evergrande)، و"كايسا غروب هولدينغز" (Kaisa Group Holdings)، وهما عملاقتان في سوق السندات الدولارية، قد تخلّفتا عن سداد ديونهما، في حين حذا أقران آخرون حذوهما.
في هذا السياق، اندفع اللاعبون المحنكون من ذوي الخبرة، بما في ذلك "ماراثون أسيت مانجمنت" (Marathon Asset Management)، و"سابا كابيتال مانجمنت" (Saba Capital Management)، و"ريدوود كابيتال مانجمنت" (Redwood Capital Management)، إلى واحدة من أكبر الفرص التي وجدوها منذ سنوات. وهم ينتظرون الآن ليروا ما خبّأته لهم الصين.
اقرأ أيضاً: “إيفرغراند" تصنف في حالة تعثر.. وعملية إعادة هيكلة ضخمة تلوح في الأفق
بالرغم من أنَّ الخطوات الدقيقة التالية غير معروفة؛ فإنَّ شركات الاستثمار المتعثرة في الولايات المتحدة تخاطر بوضعها بالقرب من أسفل قائمة الأولويات التي تشمل مالكي المنازل، والموظفين، والمستثمرين الأفراد، والموردين، والبنوك الصينية.
"بيرديو فارما"
وصلت ملحمة "بيرديو فارما" (Purdue Pharma) إلى ذروتها المذهلة هذا الشهر، مما ألقى بظلال من الشك على ملامح صفقات الإفلاس المستقبلية. فقد ألغت قاضية فيدرالية في نيويورك تسوية للمواد الأفيونية الخاصة بالشركة المصنّعة لـ"أوكسيكونتين"، والتي تُقدّر بمليارات الدولارات، وفي هذه التسوية تعهد أصحاب الشركة الأثرياء بأكثر من 4 مليارات دولار، مقابل أن يكونوا محصّنين من الدعاوى القضائية المدنية الحالية والمستقبلية المتعلقة بالمواد الأفيونية.
وفي حكمها، قالت قاضية المقاطعة الأمريكية، كولين مكماهون، إنَّ محاكم الإفلاس
لا تتمتع بسلطة إصدار مثل هذا النوع من الإعفاءات.
اقرأ أيضاً: "ماكنزي" توافق على تسوية بقيمة 573 مليون دولار لأزمة الأفيون بأمريكا
ويُعدّ القرار مفتاحاً للمستثمرين المتعثرين، لأنَّه يتحول إلى جزء مثير للجدل لفترة طويلة من عملية الإفلاس، مما يسمى بإعفاءات الطرف الثالث، التي تعزل الأطراف غير المفلسة عن الدعاوى ذات الصلة سواء وافق عليها جميع الدائنين أم لا، وتعمل كحافز قوي لجلب الأطراف إلى طاولة المفاوضات. وكانت "بيرديو" قد قالت، إنَّها ستستأنف القرار.