سوق ائتمان الشركات الأوروبية قد تصبح ملاذاً آمناً للمستثمرين في 2022

مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت، ألمانيا. شركات أوروبية كثيرة استفادت من الظروف التي وفرها التحفيز المالي والنقدي الضخم للتعافي من الجائحة. - المصدر: بلومبرغ
مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت، ألمانيا. شركات أوروبية كثيرة استفادت من الظروف التي وفرها التحفيز المالي والنقدي الضخم للتعافي من الجائحة. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

طغى على سوق ائتمان الشركات الأوروبية في عام 2021 شعور بالأسف إلى حد ما، إذ انكفأ قليلاً في زحمة الإصدارات السيادية الضخمة، وفي ظل اتساع ملحوظ في فروق الأسعار في الربع الرابع. من المؤكد أن سوق الشركات لم تفرّغ كل ما في جعبتها بسبب استمرار وباء كوفيد-19، الذي يبدو أنه سيستمر معنا في عام 2022.

اقرأ أيضاً: الشركات الأوروبية تعاني عجزاً في السيولة بـ720 مليار دولار

لكن لا ينبغي أن يؤثر كل ذلك في نظرة المستثمرين إلى فروقات الائتمان في العام الجديد. في الواقع، قد تزيد الفوارق جاذبية السندات التي تصدرها الشركات، والتي تزداد ربحية كلما تلاشت الجائحة. سيكون الائتمان السليم للشركات ملاذاً أكثر أماناً من الدين الحكومي المزدهر.

اقرأ المزيد: طلب قياسي على أكبر إصدار لسندات أوروبية خضراء

خريف صعب

عانت الفروق على سندات الشركات الأوروبية، أو العلاوة التي يجب على الشركات تقديمها على عوائد السندات الحكومية المعيارية، من خريف صعب، ومن المرجح أن تنتهي هذا العام عند النقطة التي بدأت فيها. كان نوفمبر أسوأ شهر للديون ذات الدرجة الاستثمارية الفرعية منذ بداية الوباء، إذ أدى التضخم المتفشي والاختناقات اللوجستية إلى تراجع معنويات السوق.

لكن من شأن هذا التوسيع أن يجعل الفروقات تبدو جذابة من جديد في بداية عام 2022، عندما يراجع المستثمرون تخصيصات أصولهم. كان بوب ميشيل، الرئيس العالمي للدخل الثابت في "جيه بي مورغان أسيت مانجمنت" (JPMorgan Asset Management)، واضحاً تماماً بقوله إن سندات الشركات تبدو أكثر جاذبية من السندات الحكومية. ويعد المثال على ذلك نسبة الفائدة البالغة -0.35% على السندات الألمانية لأجل 10 سنوات.

إغلاق أبكر من المعتاد

من المرجح أن يكون إصدار السندات الجديدة في أوروبا بجميع العملات ولكل القطاعات في عام 2021 أقل بقليل من الرقم القياسي لعام 2020 البالغ 1.7 تريليون يورو، لكن في هذا المجال انخفض إجمالي حصيلة الشركات البالغ 380 مليار يورو بنسبة 20% هذا العام. تسببت سلالة أوميكرون في إغلاق أسواق رأس المال المتخصصة بالديون في وقت أبكر من المعتاد لموسم العطلات، مع تأجيل عديد من الشركات المصدرة صفقات عند الطرف الأكثر خطورة من النطاق.

لكن، ورغم ذلك، كان عاماً ممتازاً للسندات الأوروبية ذات العائد المرتفع والقروض ذات الرافعة المالية، إذ اقترب العرض من 300 مليار يورو (340 مليار دولار)، وهو أكبر من المبلغ المستحق على مدى العامين المقبلين، ما سيجعل من الصعب تكرار مثل هذه الإصدارات الكبيرة مع ضغط أقل لزيادة الديون.

حصلت الديون الأخلاقية على حصة قياسية بلغت 44% في أوروبا في نوفمبر، مع نحو نسبة الثلث بشكل عام لهذا العام. يَعُدّ الاتحاد الأوروبي نفسه مسؤولاً عن جزء كبير من هذا، إذ سيجمع نحو ثلث صندوق التعافي من الجيل التالي التابع للاتحاد الأوروبي والبالغ 800 مليار يورو في الديون الخضراء خلال منتصف العقد. يرى محللو "آي إن جي غروب" (ING Groep) نطاقاً يمتد من نقطة إلى 10 نقاط أساسية من فروقات السندات الخضراء (Greenium) لإصدارات السندات الممتثلة للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة مقارنة بالديون التقليدية المماثلة. يمكن للشركات رؤية الرغبة (الجزرة). ويبدو المستثمرون في حيرة من أمرهم من أجل "خضرة" محافظهم الاستثمارية. إنه اتجاه موجود ليبقى، وأوروبا هي الرائدة عالمياً فيه. ستستمر الهيئات السيادية والمؤسسات والهيئات التي تضم دولاً في عضويتها -بقيادة الاتحاد الأوروبي- في الهيمنة على جداول تصنيف الإصدارات الجديدة، إذ يتحول الدين الحكومي بطريقة سحرية إلى اللون الأخضر أيضاً.

الطلب المكبوت

أما النبأ السارّ فهو أنه -مع ظهور فروق أسعار أقل ضآلة على السندات الحكومية- ستُفتح الأسواق في العام الجديد مع طلب مكبوت من المستثمرين الذين يرغبون في التنويع في ديون الشركات. الأمر ليس سيئاً بالكامل للمُصدّرين من الشركات، فقد جرى تصحيح عوائد السندات الحكومية نحو الأدنى، ولذا يجب تغيير تكاليف الإصدار الإجمالية بشكل طفيف. إذا بقي المناخ الاقتصادي معتدلاً فيجب تجاهل ربع سيئ بسهولة. بشكل عام، ومع وجود عديد من العوامل التي تحدّ من الإصدارات، يجب أن تبقى هوامش الشركات ونشاطها جيدة بشكل معقول في العام المقبل، مع وضع تفاقم خطورة سلالات كوفيد جانباً.

استفادت الشركات التي كانت بحاجة إلى إصدار ديون بالفعل من الظروف المواتية المذهلة التي يوفرها التحفيز المالي والنقدي الضخم للتعافي من الجائحة، مع وفرة التمويل الرخيص الذي يزيد الميل إلى الاقتراض لفترات أطول بكثير. يلاحظ محللو "يوني كريديت" (Unicredit) أن متوسط ​​استحقاق إصدار السندات الحكومية المتوسطة إلى طويلة الأجل في منطقة اليورو ارتفع إلى أعلى مستوى له على الإطلاق إلى نحو 11 عاماً في عام 2021، رغم أنهم يتوقعون أن يبدأ ذلك في الانعكاس العام المقبل. من الطبيعي أن تتبع مدة الائتمان فترة أطول أيضاً.

تبدو البنوك أيضاً في حالة صحية معقولة، إذ أدت الخدمات المصرفية الاستثمارية إلى دفع نمو الأرباح. هناك كثير من فرص الحصول على القروض مع تريليونات من اليوروهات من هبات البنك المركزي الأوروبي المتاحة في عمليات إعادة التمويل طويلة الأجل المستهدفة. وهذا يعني كثيراً من السبل للشركات لترتيب وتنظيم احتياجات ديونها.

التخلف عن السداد

تتوقع "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني (S&P Global Ratings) أن ينخفض ​​معدل التخلف عن السداد لمدة 12 شهراً للشركات المضاربة من 3.3% إلى 2.5%، وقد يرى سيناريو السوق الصاعد هذا الانخفاض أقرب إلى 1.5%. ورغم وجود 13 حالة تخلف عن السداد في أوروبا هذا العام، فإنّ هذا يُعَدّ تحسناً كبيراً مقارنة بـ42 حدثاً ائتمانياً في عام 2020. لقد فاقت الترقيات التخفيضات. عمل التحفيز شبكة أمان كبيرة، وأصبحت المبادرة بيد البنوك المركزية والحكومات. ويشيح أتباع نظرية "شومبيترانس" بنظرهم بعيداً.

في حالة ارتفاع أسعار الفائدة المحتمل في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ستستفيد فروق الائتمان الأوروبية. إذا استمرت الاقتصادات في النمو، فستبدو ديون الشركات أفضل نسبياً بسبب ارتفاع الأرباح، مقارنة بالحكومات، التي تتزايد أعباء ديونها باستمرار. علاوة على ذلك، ستنخفض إصدارات الشركات بشكل طبيعي إذا ارتفعت العوائد وأصبح الاقتراض أكثر تكلفة. كما سيلتزم البنك المركزي الأوروبي شراء ديون حكومية أقل بكثير في العام المقبل ضمن برامج شراء الأصول (وهذا بدوره سيقلل الثراء المفرط إلى حد ما في السندات الحكومية).

سمحت معدلات الفائدة المنخفضة للغاية للشركات بإعادة تمويل ديونها الحالية بثمن بخس، وقد استفاد كثير منها من هذه الفرصة. لكن تلك النافذة قد تغلق. سوف يتطلب الأمر زيادة كبيرة في عمليات الاندماج والاستحواذ لرؤية زيادة أساسية في طلب الشركات على التمويل الجديد. بشكل عام، يجب أن يكون عام 2022 أكثر وضوحاً للمستثمرين في الائتمان بعد التقلبات الشديدة في العامين الماضيين.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة