تحذّر "بلاك روك" المستثمرين من العودة إلى سندات أوروبا الشرقية رغم ارتفاع عوائدها مقارنة بالسندات الألمانية.
قالت بيتا هاراسيم، كبيرة محللي الاستثمار في أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، إنّ عمليات بيع السندات الحكومية التشيكية والمجرية والبولندية ستستمر في العام المقبل، إذ تحتاج البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة قبل بلوغ مستويات التضخم ذروتها.
"وول ستريت" تريد أن تبيع مؤشراً خاصاً.. لك وحدك
توقعت هاراسيم في مقابلة مع "بلومبرغ" ضَعف عملات المنطقة –مقارنة مع اليورو- وقتما يبدأ "الاحتياطي الفيدرالي" رفع أسعار الفائدة التي ستدعم الدولار في عام 2022.
قالت هاراسيم من لندن: "من السابق لأوانه القول إنّ في عوائد السندات المحلية قيمة نظراً إلى صورة الاقتصاد الكلي، فيما يوجد ما يتعيَّن على البنوك المركزية القيام به رغم أن أسعار الفائدة قد تحركت كثيراً، وأن الفروق في العوائد مع السندات الألمانية واسعة جداً، لكننا لسنا مستعدّين بعدُ لاتخاذ الجانب الآخر من التداولات".
التضخم لا "أوميكرون".. الهاجس الأكبر للبنوك المركزية
ارتفع التضخم في كل أنحاء المنطقة مع دخول الوباء والدعم المالي الضخم الذي زاد ارتفاعات الأسعار وتشديد أسواق العمل. وقالت هاراسيم إنّ مزيجاً من صدمات أسعار السلع الأساسية واضطرابات سلسلة التوريد زاد الأمر سوءاً.
تقترب السندات السيادية في دول أوروبا الشرقية الثلاث الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من تحقيق عوائد سلبية غير مسبوقة هذا العام، عقب حملات التشديد النقدي المكثفة التي تستهدف تقليص ارتفاع أسعار المستهلكين.
تتجه السندات السيادية المقومة بالعملة المحلية في المجر إلى خسارة 20% من قيمتها بالدولار هذا العام، تليها بولندا بانخفاض 17%، وجمهورية التشيك بانخفاض 13%، وفقاً لمؤشر سندات "بلومبرغ".
دفع ارتفاع العوائد المستثمرين إلى حيازة سندات دول المنطقة مقارنة بالسندات الألمانية، بعدما بلغ الفارق بينها وبين سندات جمهورية التشيك أعلى مستوى له في 22 عاماً.
التشيك حالة واضحة
ترى هاراسيم أن السندات التشيكية هي الأكثر قيمة، لكن ذلك سينتهي بمجرد بلوغ التضخم ذروته وانتهاء دورات التشديد النقدي. وقالت هاراسيم: "كان البنك المركزي التشيكي الأكثر مصداقية في المنطقة مع وضوح التوجهات بشأن مسار اتجاه أسعار الفائدة".
وفي تعليقاها حول المجر وبولندا، البلدين ذَوَي السياسات النقدية الأقل شفافية، اللذين يخوضان مواجهة مع الاتحاد الأوروبي بشأن الوصول إلى الأموال، قالت هاراسيم: "تعتبر إجراءات البنك المركزي في المجر حاسمة بالفعل، إذ منعوا بإجراءاتهم العملة من التعرض لمزيد من الضعف، لكن من الواضح أن السوق بحاجة إلى مزيد من الإجراءات في ظل التضخم الحالي. ستأتي انتخابات العام المقبل ولا تزال الحاجة ماسة إلى كثير من التيسير المالي حتى في ظل ارتفاع معدلات التضخم وزخم النمو. أتفهَّم سبب قلق السوق في ظل الحاجة إلى وجود إطار عمل واضح للسياسة النقدية".
وأضافت: "كان التضخم في بولندا مرتفعاً بالفعل قبل كوفيد، وكانت سوق العمل قوية. لا يزال هناك كثير من الضغوط التضخمية، والبنك المركزي متأخر في بدء دورة التشديد. وكونهم متشددين حالياً لأنهم يحاولون اللحاق بالركب، ومن المهم حقاً أن يستمروا في رفع أسعار الفائدة لأن التضخم لم يصل بعدُ إلى ذروته، فمن الواضح أن المخاطر تكمُن في الاتجاه الصعودي للتضخم على المدى القصير".
وقالت: "تُعتبر القضايا القانونية مع الاتحاد الأوروبي عاملاً هاماً في بولندا والمجر، إذ تمثل أموال الاتحاد الأوروبي جزءاً كبيراً من ناتجها المحلي الإجمالي، فأموال صندوق التعافي الأوروبي تمثل 8% من الناتج المحلي الإجمالي لبولندا و5% للمجر. وإذا جُمّدَت أموال التعافي فسيكون لها تأثير كبير في النمو، ومن المحتمل أن نسمع مزيداً عن هذا في الربيع، فهناك كثير من القرارات السياسية المنتظرة، ويمكننا فقط مراقبة ذلك".