تعد الولايات المتحدة في الواقع لاعباً ثانوياً في العملات المشفرة، ويمكن أن تساعد إزالة الشكوك التنظيمية الدولة على تنمية نفوذها على القطاع، وفقاً لسام بانكمان فرايد، الملياردير المؤسس والرئيس التنفيذي لبورصة العملات المشفَّرة "إف تي إكس" (FTX).
أدلى بانكمان فرايد، 29 سنة، بشهادته أمام الكونغرس الأربعاء الماضي حول كيفية تنظيم المجال، وانضم هو ورئيس "إف تي إكس" في الولايات المتحدة، بريت هاريسون، إلى بودكاست "What Goes Up" الخاص بـ"بلومبرغ" للتحدث بشكل موسع عن مناقشاتهم في واشنطن، والتحدث عن الموضوعات الساخنة الأخرى في الصناعة.
وفيما يلي نص مكثف ومُحرر لحديثهم مع "بلومبرغ":
هل يمكنك التحدث عن تجربتك في جلسات الاستماع؟ بدت جودة الأسئلة من المشرعين أفضل مما كان يتوقَّعه الكثيرون.
بانكمان فرايد: أتفق مع ذلك تماماً..كانت الأسئلة أفضل وأكثر تعقيداً مما كنت أتوقَّع، أعتقد أيضاً أنَّها كانت أكثر توازناً، كنت أتوقَّع أن يكون هناك المزيد من التباهي، وكنت مندهشاً بشكل عام..قام الكونغرس بعمل جيد حقاً في الاستعداد للتعجيل بالأصول الرقمية، وأعتقد أنَّهم أظهروا الكثير من الشغف لمواصلة التعلم.
قبل 10 أو 15 عاماً عندما كان سوق الأسهم ما يزال في مراحل مبكرة فيما يتعلق بالتداول الإلكتروني والخوارزميات، كانت هناك كل أنواع العقبات والانهيارات، ويبدو أنَّ هناك الكثير من أوجه التشابه في العملات المشفرة التي قد تكون في مرحلة مبكرة أيضاً، وما زالت الأمور تسير بشكل خاطئ، فهل هذه مشكلة تحتاج إلى حل؟ كيف تنظرون إلى السوق الآن فيما يتعلق بفكرة التنظيم، وما الذي ينبغي فعله؟
بانكمان فرايد: هذه بالتأكيد مشاكل تحتاج إلى حل، لكني أعتقد أنَّ هناك حلولاً واضحة ومباشرة للكثير منها مثل نطاقات الأسعار التي وضعناها على "إف تي إكس"، وهي ليست شديدة التعقيد، وفي كثير من الحالات، يكون الأمر، مثل الإجابة بنعم، أنَّ هناك بالتأكيد جوانب تحتاج السوق لتعزيزها، ولكن لا ينبغي أن يكون الوصول إلى ذلك بهذه الصعوبة.
هاريسون: حقيقة أنَّ بورصات العملات المشفَّرة ظهرت بعد وقت طويل من التطور التكنولوجي للإنترنت والبرمجيات، ومدى سهولة نشر البرامج على السحابة، على سبيل المثال، يعني أنَّ عوائق دخول المجال وإنشاء البورصة كانت منخفضة للغاية، وهو أمر له جوانبه الجيدة والأخرى السيئة، أما إذا كنت ترغب في كتابة برنامج ما في المرآب الخاص بك، ومحاولة إطلاق مؤشر "ناسداك" جديد غداً، فلا يمكنك ذلك، فهناك الكثير من العوائق التي تحول دون ذلك.
ولكن هناك الآلاف من البورصات، إذ يمكنك شراء "بتكوين"، ولا يوجد سوى عدد قليل مهم حقاً من ناحية الحجم..هناك الآلاف من البورصات، مما يعني أنَّه ليس كل هؤلاء اللاعبين، في غياب إطار تنظيمي واضح في الولايات المتحدة، سيضعون القواعد الصحيحة للتأكد من أنَّ بورصاتهم لا تفسد كثيراً، أو تنتج شيئا سيئاً، أو تتعطل، أو تنهار لوقت طويل، لذا؛ فإنَّ الأمر متروك لبورصات مثل "إف تي إكس" لوضع القواعد الصحيحة.
أي الجوانب التي ما يزال على السوق تطويرها؟
بانكمان فرايد: أحد المجالات الواضحة، بصراحة، هو الجانب التنظيمي، إذ يوجد الكثير من الأجزاء الفوضوية من النظام البيئي التنظيمي اليوم، ويمكن لبعض الأشياء المباشرة إلى حد ما أن تساعد كثيراً، كما أنَّ مجرد وجود اللوائح التي تفرض على العملات المستقرة أن تكون مدعومة بالكامل باحتياطيات من شأنها أن تعالج الكثير من المخاوف الحالية المحيطة بها، وأعتقد أنَّ وجود إطار عمل واضح في الأسواق للأصول المشفَّرة سيكون أمراً مهماً حقاً.
اقترحت "كوين بيس" أن تكون المنظمات ذاتية التنظيم، إذ تقوم الصناعة بالفعل بمراقبة نفسها، هل هذا شيء تتفقون معه أيضاً؟
هاريسون: بشكل عام، نحن نوافق على ذلك، وأحد البورصات التي نمتلكها، بورصة مشتقات "إف تي إكس" في الولايات المتحدة، هي منظمة ذاتية التنظيم (SRO)، أو منظمة محددة ذاتية التنظيم (DSRO)، ولكن عندما تفكر في كيفية الأمر في سوق الأسهم مع هيئة تنظيم الصناعة المالية الأمريكية، على سبيل المثال؛ فإنَّ الهيئة كما نعرفها اليوم كانت نتاج تطور امتد لعقود في أسواق الأسهم، ومن أجل الوصول إلى النقطة التي يكون لدينا فيها منظمة ذاتية التنظيم مثالية في مجال العملات المشفَّرة، لن يحدث هذا في غضون ثلاثة أشهر أو ستة أشهر أو سنة..نحن الآن في وضع لا توجد فيه تشريعات واضحة، وتختار العديد من البورصات فرض سياسات مختلفة على نفسها، وبالتالي؛ زيادة الارتباك والمخاطر التنظيمية، وهناك الكثير من الأشياء المنطقية التي يمكننا القيام بها مع الأطر التنظيمية الحالية دون الحاجة إلى الانتظار لبناء مؤسسة ذاتية التنظيم مثالية للعملات المشفَّرة.
بانكمان فرايد: أنا أتفق مع ذلك بشكل أساسي، وأعتقد أيضاً أنَّ القول بأنَّه يجب أن تكون هناك منظمات ذاتية التنظيم في عالم التشفير لا يعني أنَّه لا ينبغي أن يكون هناك إشراف تنظيمي فيدرالي أيضاً، فبالإضافة إلى المنظمات ذاتية التنظيم؛ فإنَّ لجنة الأوراق المالية والبورصات، ولجنة تداول السلع الآجلة، والجهات التنظيمية الأخرى لها أدوار مهمة في النظام البيئي التنظيمي للعملات المشفَّرة.
المشكلة التي تبرز كثيراً هي أنَّ الإشراف البسيط للمنظمين هو ما يجذب الكثير من الأشخاص لمجال العملات المشفَّرة، فهل تركيز الولايات المتحدة على ذلك ومحاولتها أن تكون حاملة لواء التنظيم يجعلها أكثر أم أقل جاذبية؟
بانكمان فرايد: أود أن أغير الأزمنة قليلاً، لقد كان هناك ما قد أدى إلى ذلك، وعندما تنظر اليوم؛ تشكل الولايات المتحدة ما يقرب من 5% إلى 10% من حجم صناعة التشفير العالمية، وهي نسبة صغيرة مقارنة بحصتها الأوسع من معظم الأسواق، لكني متفائل بأنَّ الأمر يمكن أن يتحول من سلبي إلى إيجابي دون بذل الكثير من الجهد.
هاريسون: ليست اللوائح التنظيمية وحدها هي التي تدفع المجال بعيداً عن الولايات المتحدة، إنَّه الافتقار إلى الوضوح، وبالتالي؛ عدم اليقين التنظيمي، والقلق من أنَّك إذا اتخذت قراراً خاطئاً؛ فقد تتعرض لإجراء تنفيذي بعد عامين من الآن؛ مما يجعلها مكاناً غير جذاب لمحاولة أن تكون رائد أعمال.
تعتبر أسواق المشتقات في الولايات المتحدة، على سبيل المثال تحت إشراف لجنة تداول السلع الآجلة، من أكثر الأسواق صرامة في العالم، ولكن لدينا أيضاً معظم السيولة والمشتقات في العالم، ولكنَّ الإطار التنظيمي الواضح هو ما يجعل من الممكن للناس أن يبتكروا، وأن يكونوا قادرين على إنشاء البورصات، وأن يكونوا قادرين على أن يصبحوا إما تجار سلع آجلة بالعمولة (FCMs)، أو عبر أسواق عقود محددة (DCMs)، وأن يكونوا قادرين على توفير السيولة بهذه الطريقة، وهذا الافتقار إلى الوضوح، وهذه المنطقة الرمادية التي يعمل فيها الجميع هي ما تقود الموهبة والعمليات الجديدة إلى الخارج.
أنت مؤيد لضرورة أن تكون العملات المستقرة مدعومة في صورة كل عملة بأصل مستقر، فكيف يناسب الأمر العملات المستقرة الخوارزمية، أم يجب أن تكون في مكان منفصل عن كل عملات "تيثر" في العالم؟
بانكمان فرايد: أعتقد أنَّه يجب أن يكونوا كذلك، وأعتقد أنَّ الجواب الأساسي هو الوضوح والشفافية، لأنَّهما العاملان الأساسيان هنا، وربما هناك كلمة مختلفة، وربما لديك عملات مستقرة مدعومة بالكامل باحتياطيات، أو لديك عملات خوارزمية مستقرة، أو أي كلمات أخرى تريد استخدامها، ولكن يجب الإفصاح للمستخدمين بوضوح عن أنَّ هذه ليست عملة مستقرة من حيث كون كل واحدة منها مدعومة بأصل مستقل، وهي شيء خوارزمي يحاول الحفاظ على ربط السعر، ولكنَّه قد ينهار، وأعتقد أنَّ هذا منتج مثير للاهتمام - ولكنَّه منتج مختلف عن شيء مثل عملة "يو إس دولار كوين" (USDC).
يقول المنظمون إنَّ عملة "تيثر" أصبحت كبيرة جداً لدرجة أنه إذا حدث خطأ ما، فقد تفرض مشكلات في مناطق أخرى من السوق، وإذا حدث ذلك الخطأ، فأين تتوقعون رؤيته أولاً؟
بانكمان فرايد: هذا من أحد الأسباب التي تجعل من المفيد حقاً الانتقال إلى نظام يوجد فيه إطار تنظيمي واضح خاص بشفافية احتياطيات العملات المستقرة، وهذا من شأنه أن يقطع شوطاً طويلاً هنا، ولا أعتقد أنَّ السوق حالياً في وضع مهدد مثلما يقلق الناس لأنني أعتقد أنَّه ربما يكون مدعوماً الآن بأصول كافية، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنَّه سيكون كذلك دوماً، وهذا لا يعني بالضرورة أنَّ هناك شفافية كافية حول العملات المستقرة، وأعتقد أنَّه سيكون من الصحي الانتقال إلى إطار عمل، إذ يوجد المزيد من الشفافية المطبقة في هذا المجال؛ و ذلك إذا أرادت العملات المستقرة المشاركة في أسواق العملات الرقمية الأمريكية.
من الانتقادات الموجهة إلى مجال الرموز غير القابلة للاسترداد هو أنَّ هناك الكثير من التلاعب، فهل يتم التلاعب بسوق الرموز غير القابلة للاسترداد؟
هاريسون: ما نراه هو أنَّه ليس هناك عدد قليل من الأشخاص الذين يحصدون الفوائد فحسب؛ وإنما هناك عدد قليل من الأشخاص الذين يتفاعلون مع النظام البيئي للرموز غير القابلة للاسترداد، وهذا هو الأمر، وأعتقد أنَّ هذا ليس له علاقة بالتلاعب - ربما يكون هناك، من الصعب معرفة ما يحدث بالضبط في هذا السوق - لكن ما هو صحيح هو أنَّ حاجز الدخول، على سبيل المثال، لأسواق الرموز غير القابلة للاسترداد مرتفع جداً أمام الأسواق الحالية.
لنفترض أنَّك تذهب لشراء رمز غير قابل للاسترداد من منصة "أوبن سي" (OpenSea)، أولاً، عليك إنشاء محفظة "ميتا ماسك" (MetaMask)، وهو شيء يجب عليك تثبيت امتداد متصفح له، وإنشاء كلمة مرور سرية، والآن عليك فتح حساب، ربما على "إف تي إكس"، أو "كوين بيس"، وشراء بعض عملات "إيثريوم" من هناك، ثم يتعين عليك نقلها إلى محفظة "ميتا ماسك" الخاصة بك، وعليك توصيل محفظتك بـ "أوبن سي"، لقد قطعنا ست خطوات بالفعل، وبالنسبة للشخص العادي، فأنت تقدم 20 مفهوماً جديداً، وهو أمر صعب للغاية، وكلما ظل عالم الرموز غير القابلة للاستبدال أحد منتجات التمويل اللامركزي إلى حد كبير؛ أعتقد أنَّه سيكون هناك عائق كبير جداً أمام دخول الأشخاص، هذا بالإضافة إلى فكرة إنفاق 6 ملايين دولار على صورة ما يصعب الاقتناع بها من قبل الشخص العادي الذي يدخل في هذا النشاط.
متى تعتزمون التحول للطرح العام؟
بانكمان فرايد: إنَّه شيء نفكر فيه، ولا نعرف ما إذا كنا سنفعل ذلك أم لا، وإذا كنا سنفعل فمتى؟، نحن نريد أن نكون مستعدين للقيام بذلك، لأنَّنا نعتقد أنَّ هناك بالتأكيد جانباً إيجابياً في القيام بذلك، ومن الواضح أنَّه قرار ضخم، ونحن محظوظون لأنَّنا في وضع لا نضطر فيه إلى ذلك، فنحن نحقق أرباحاً في الوضع الراهن، كما أنَّنا قادرون على جمع تمويلات من الأسواق الخاصة أيضاً، لذلك أعتقد أنَّ الإجابة الصادقة هي أنَّنا نفكر في الأمر وسنرى، لكني لا أعرف الإجابة تماماً، لذا لا أستطيع أن أعطيك إجابة واضحة.