كنت أتحدث قبل بضعة أيام مع أحد أذكى مديري صناديق التحوط الذين أعرفهم. كنا نتحدث عن المذبحة الأخيرة في أسهم "أحلام" شركة التكنولوجيا غير الرابحة، وذكرني بوقت نسيه الكثيرون.
"من عام 1995 إلى عام 2000، شاهدت بعض المديرين الأكثر ذكاء وهم يتعرضون للسحق خلال فقاعة شركات الإنترنت"، حسبما قال. وأضاف أنه "بحلول النهاية، خرجوا من نطاق الأعمال. ثم شاهدت السنوات الخمس التالية وهي تدمر كل المديرين الذين غمرتهم النشوة بصعود الأسهم، حتى تم تسريح كل المديرين النشطين أو الشرسين من العمل أيضاً".
بعد التفكير، تبدو الفقاعات دائماً واضحة وسهلة الحدوث. باعتباري شخصاً عانى الكثير من هذه المواقف التي أتذكرها، أؤكد لكم أنها ليست كذلك. خذ على سبيل المثال الأزمة العقارية في منتصف العقد الأول من القرن الجاري.
مع وجود أفلام مثل "بيج شورت" ومقالات صحفية متوهجة عن مديري صناديق التحوط الذين حققوا ثروات من انهيار العقارات، يبدو أن الفرصة كانت موجودة في كل مكان. ما نسيناه هو أن هذه التداولات أو الصفقات كانت ناجحة، لأن قلة قليلة من الناس اعتقدوا أنها يمكن أن تحدث.
اقرأ أيضا: هوس"بتكوين".. هل تتكرر فقاعة "توليب"؟
لا أستطيع إخبارك بعدد المرات التي قال لي فيها متداول شاب، "كنت أتمنى لو كنت موجوداً في ذلك الوقت، لأنني كنت سأرتكب جريمة قتل!" ما لا يفهمونه هو أنه في الوقت الحالي، من الصعب للغاية تحديد الفقاعات. بل إنهم سيواجهون صعوبة في التعامل.
لن أنسَ أبداً محاولة الاستفادة من ارتفاع أسعار العقارات في عام 2005. اعتقدت أن القطاع كان مبالغاً في تقييمه بشكل كبير. في فبراير من ذلك العام، عندما بدا أن شركات بناء المساكن قد بلغت الذروة وبدأت في التراجع، قمت بالبيع على المكشوف لسلة من أسهم شركات بناء المنازل. حققت الصفقة مبتغاها حتى أبريل. بعد ذلك، وفي مفاجأة للمتشائمين، ارتفعت أسهم شركات بناء المساكن بنسبة 35% في غضون شهرين، وتعرضت لصدمة بسبب استثمارات البيع على المكشوف.
متشائمون ومتفائلون
الحقيقة المُرة حول الفقاعات هي أن كلا من المتشائمين والمتفائلين يتكبدون الخسارة في نهاية المطاف. من المؤكد أن المتشائمين يخسرون في أوقات مبكرة، وبحلول الوقت الذي ينقلب فيه السوق، تكون الغالبية العظمى قد استسلمت. أما المتفائلون الذين اعتادوا الشراء مع كل تراجع، فيظلون في السوق بعد فوات الأوان.
كانت الفقاعات نادرة وتشمل فئات الأصول بأكملها، لكن الأسواق تطورت. حتى قبل ما يقرب من عقد من الزمان، لم يكن من الصعب أن نرى كيف أدى انتشار صناديق التحوط إلى تقليل كمية "ألفا" المتاحة (أو معدل العائد)، مما خلق بيئة معرضة لسلسلة من الفقاعات الصغيرة والمتجددة.
اقرأ أيضا: هل تتعرض عقارات أمريكا لفقاعة جديدة في 2021؟
مع قيام المستثمرين المخضرمين بضخ رأس المال في المجالات أو القطاعات، شجعت حركة السعر صائدي الفرص. أكد هذا الاعتقاد بأن المستثمرين الأساسيين كانوا في طريقهم لتحقيق شيء ما، مما تسبب في مزيد من الشراء، وأدى إلى حلقة ردود فعل إيجابية. بعد ذلك، تفشى فيروس "كوفيد-19"، وأصبحت الفقاعات الصغيرة عنيفة للغاية.
إبان بلوغ الأزمة أقصاها خلال مارس 2020، انخفض مؤشر "غولدمان ساكس لشركات التكنولوجيا غير الرابحة" بنسبة 40%، ما أدى إلى جذب البائعين على المكشوف.
ثم خلال الصيف ارتفعت سلة الأسهم بنسبة 38%، وامتلأت الأوساط المالية بخبراء مثل شماث باليهابيتيا وكاثي وود الذين تبنوا فضائل هذه الروائع التكنولوجية الجديدة. مثل الفقاعات السابقة، حتى المتشككين يخشون في نهاية المطاف من البيع على المكشوف بسبب الارتفاعات العنيفة. بعد حوالي 11 شهراً، ارتفعت هذه المجموعة من الأسهم بنسبة مذهلة بلغت 478%.
تقييمات مبالغ فيها
مع ذلك، لا نزال في نفس المكان. انخفض المؤشر بنسبة 41% من أعلى مستوى في عام 2021. بالتأكيد، هناك مستثمرون "مشهورون" حققوا أرباحاً، ولكن كمجموعة، تعرض كل من المتفائلين والمتشائمين للمتاعب.
توقف معظم المتشائمين عن توقع حدوث انخفاض في السوق، بينما بقيت غالبية المتفائلين لفترة طويلة، على الرغم من أن العديد منهم الآن لا يزال يجني أرباحاً.
اقرأ أيضا: هل تكرر شركات التكنولوجيا النظيفة فقاعة "الدوت كوم"؟
لا أعرف اتجاه هذا القطاع على المدى القصير، لكن التجربة تخبرني أنها سوق هابطة ومؤلمة، تشهد انتعاشات ضخمة، تجذب المتفائلين إلى الداخل، وتُجبر المتشائمين على تغطية رهاناتهم، قبل أن تستأنف مسيرتها بلا هوادة إلى الانخفاض.
بعد سنوات من الآن، مع الاستفادة من الإدراك المتأخر، يبدو من الواضح أن هذه الأسهم كان مبالغاً في تقييمها بشكل كبير.
سيتم الاحتفال بالمستثمرين القلائل الأذكياء الذين تصدروا القمة، أو الابتعاد عن المشهد. قد يبدو الأمر سهلاً للغاية. ومع ذلك، أثناء حدوثه على أرض الواقع، لن يكون سهلاً وقتها.