الصين تواجه الأموال الساخنة بالتدخل سريعاً في سعر صرف اليوان

اليوان الصيني عند أعلى مستوى في أكثر من 3 سنوات - المصدر: بلومبرغ
اليوان الصيني عند أعلى مستوى في أكثر من 3 سنوات - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تكافح الصين بالفعل حرائق اقتصادية على عدد من الجبهات، وتسرع لتضييق الخناق على المضاربة في عملتها القوية قبل أن تخرج عن نطاق السيطرة.

في خضمّ إدارة تباطؤ قطاع العقارات وعمليات إعادة هيكلة ديون لاثنتين من كبرى الشركات في البلاد، فإنّ آخر شيء تحتاج إليه بكين هو ارتفاع سريع في سعر صرف اليوان.

حاول البنك المركزي الصيني تجنُّب ما يحدث خلال الأسبوع الجاري، إذ أجبر البنوك أولاً على الاحتفاظ بمزيد من العملات الأجنبية كاحتياطي، ثم حدد المعدل المرجعي اليومي أضعف بكثير من التقديرات. قد يحتاج المركزي الصيني إلى مزيد من الخطوات.

أدى توجه البلاد نحو سياسة تيسيرية خلال ديسمبر إلى تدفق الأموال الساخنة إلى الأسهم والسندات الحكومية، مما ساعد على دفع اليوان إلى أقوى أداء منذ أكثر من ثلاث سنوات.

اشترى المستثمرون الأجانب ما قيمته 3.4 مليار دولار من الأسهم المقومة باليوان يوم الخميس فقط، أي أقل من أعلى مستوى على الإطلاق، في حين أن الأجانب يمتلكون ما قيمته 375 مليار دولار من السندات الحكومية.

"><figcaption style="font-style: normal; text-align: right; direction: rtl;

مخاطر الأموال الساخنة

لطالما شعرت الصين بالذعر أو الارتياب إزاء المخاطر التي تشكلها تدفقات رأس المال، خصوصاً بعد التخفيض الفوضوي أو الكارثي لقيمة العملة في عام 2015، وهذا هو السبب في أن السلطات تفرض قيوداً صارمة على دخول الأموال إلى البلاد ومغادرتها.

تزيد التدفقات السريعة إلى الداخل من مخاطر حدوث فقاعات الأصول، التي يمكن أن تنفجر إذا بدأت الأموال في التدفق إلى الخارج.

حذَّرت الجهات التنظيمية بالصين في نوفمبر المؤسسات المالية من المراهنات أحادية الاتجاه على اليوان.

قال هاو هونغ، كبير الاستراتيجيين في شركة "بوكوم إنترناشيونال هولدينغز"، لتليفزيون "بلومبرغ" يوم الجمعة: "بعض التدفقات سيكون أموالاً ساخنة.. لقد شاهدنا هذا الأمر في عام 2007، وأيضاً مرة أخرى في عام 2015. إنه سيف ذو حدَّين، بمجرد أن تغادر الأموال الساخنة البلاد يمكن أن تتزعزع الأسواق المالية".

الأصول المالية الصينية تزدهر مجدداً وسط رهانات على التيسير النقدي

قاعدة عالية

في حين أن وتيرة المكاسب لم تكن سريعة بشكل خاص في الأسابيع الأخيرة، كان اليوان بالفعل عند قاعدة عالية.

لقد ارتفع اليوان مقابل كل العملات المناظرة الرئيسية خلال 2021، واقترب من أقوى مستوى منذ عام 2015 مقابل سلة من عملات الشركاء التجاريين.

تباطأ النمو الاقتصادي في الصين خلال الأشهر الأخيرة إلى معدلات غير مسبوقة منذ عام 1990 (باستثناء عام الوباء)، بسبب القيود المفروضة على التمويل العقاري، وتباطؤ الاستهلاك، والمقارنة مع الانتعاش القوي العام الماضي.

ساعد الطلب العالمي على السلع الصينية جزئياً في تعويض ذلك، مع نموّ الصادرات بوتيرة أسرع من المتوقع في نوفمبر إلى مستوى قياسي. لكنّ الاقتصاديين يتوقعون أن يسجّل اقتصاد الصين نمواً بنسبة 3.1% فقط في الربع الحالي.

تخفيف القيود

دفع ما يحدث في الصين إلى تبني موقف أكثر مرونة بعد عام هيمن خلاله الحدّ من المديونية وإجراءات قمعية من جانب الجهات التنظيمية.

يتوقع المحللون أن يحوِّل صانعو السياسة تركيزهم إلى دعم النموّ في اجتماع رئيسيّ يهدف إلى وضع جدول الأعمال الاقتصادي، الذي قد يُعقَد في الأيام المقبلة.

توجد تكهنات متزايدة بشأن تخفيض السعر القياسي للقروض المصرفية خلال ديسمبر لأول مرة منذ أبريل 2020.

الأمر يعني أن السياسة النقدية في أكبر اقتصادَين في العالم سوف تتباعد أو تتباين مرة أخرى العام المقبل، إذ يسحب مجلس الاحتياطي الفيدرالي حِزَم التحفيز المالي.

يظهر تداول فك الارتباط كفكرة من أهم الأفكار بالنسبة إلى الخبراء استراتيجيي الاقتصاد الكلي العام المقبل، مع تحوُّل عديد من الأصول الصينية إلى الاتجاه الصعودي نتيجة لذلك، مما يزيد احتمالية تدفقات رأس المال الوافدة إلى الداخل الصيني.

بالنسبة إلى حكومة الرئيس شي جين بينغ، فإنّ 2022 هو أيضاً عام ذو أهمية سياسية عالية، إذ يجتمع الحزب الشيوعي لتحديد قادة الدولة للسنوات الخمس المقبلة.

استخدم اجتماع المكتب السياسي في وقت سابق من الأسبوع الجاري عبارة "الاستقرار هو الأولوية القصوى" لأول مرة، وفقاً لمحللي مجموعة "ماكواري" بقيادة لاري هو.

"><figcaption style="font-style: normal; text-align: right; direction: rtl;

إدارة العملات

في حين لم يجرِ تصنيف الصين باعتبارها دولة تتلاعب بالعملة من قِبل الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، فإنّ هذا لا يعني أن اليوان بعيد عن سيطرة بكين.

بعد السماح للعملة بالارتفاع في عام 2020، إذ أثارت مرونة الصين في مواجهة جائحة الفيروس جاذبية المستثمرين، بدا أن البنك المركزي يثبت اليوان أمام الدولار في بداية 2021.

لكن قوة العملة في النصف الثاني من العام أصبحت أكثر إثارة للإعجاب، عند الحكم عليها مقابل الدولار المتصاعد الذي ارتفع مقابل جميع العملات الرئيسية باستثناء عملة واحدة.

يمتلك بنك الشعب الصيني تاريخاً في تحريك العملة في كلا الاتجاهين حسب نظام "التعويم المُدار".

جرى تحديد ما يسمى بالتثبيت -الذي يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه إشارة بالنسبة إلى سياسة سعر الصرف الصيني- لمدة خمسة أيام متتالية عند مستويات أضعف من متوسط التقديرات في استطلاعات "بلومبرغ".

قال تاو تشوان، كبير محللي الاقتصاد الكلي في "دنغو سيكوريتيز": "يرسل بنك الشعب الصيني إشارة واضحة بأنه غير مرتاح إزاء الارتفاع الأخير لليوان".

"لقد تسارعت التدفقات الأجنبية الوافدة على الأصول المقومة باليوان مؤخراً، الأمر الذي من شأنه إحداث تقلبات غير مرغوب فيها في أسعار الأصول"، حسب ما قاله تشوان.

وأضاف: "قد تساعد سياسات بنك الشعب الصيني في تهدئة تدفقات رأس المال الأجنبي الوافد، الأمر الذي قد يكون محفوفاً بالمخاطر إذا انعكس التدفق إلى الخارج".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك