بدأت شركة "ديدي غلوبال" (Didi Global) الاستعدادات للانسحاب من البورصات الأمريكية، وستبدأ العمل على بيع أسهم في هونغ كونغ، ما يمثل انعكاساً مذهلاً في توجهها، نظراً لاستجابتها لمطالب الجهات التنظيمية في الصين، التي عارضت إدراجها في الولايات المتحدة.
قالت الشركة في بيان يوم الخميس، إن مجلس إدارة عملاق خدمات الركاب، أذن للشركة بتقديم طلب شطب أسهم وديعتها الأمريكية من بورصة نيويورك. وستتابع الشركة الإدراج في هونغ كونغ، وهي تضمن أن تكون الأسهم الأمريكية قابلة للتحويل إلى أسهم قابلة للتداول بحرية في بورصة أخرى معترف بها دولياً، كما ورد في البيان.
اقرأ أيضاً: "ديدي" و"بيندودو" تدرسان إمكانية الإدراج بالصين بعد تهديد بشطبهما في أمريكا
تهدف "ديدي" إلى تقديم ملف إدراجها في بورصة هونغ كونغ في شهر مارس تقريباً، حسبما قال أشخاص مطلعون، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لأن الخطط لم يتم الإعلان عنها. بناءً على سير العملية العادية في هونغ كونغ، يمكن أن تهدف الشركة إلى أن يتم إدراجها في الصيف إذا سارت الأمور بسلاسة. ولم ترد الشركة على الفور على طلب للتعليق.
اقرأ المزيد: قيود بكين التنظيمية ستدوم حتى 2025
قضية تسريب البيانات
تؤكد هذه الخطوة غير المسبوقة، عمق قلق بكين بشأن التسرّب المحتمل لبيانات حساسة إلى منافستها الجيوسياسية، فضلاً عن المدى الذي ستذهب إليه الحكومة لمعاقبة "ديدي" على مخالفتها لرغباتها. أفادت "بلومبرغ" الأسبوع الماضي بأن المنظمين الصينيين طلبوا من كبار المسؤولين التنفيذيين في "ديدي"، وضع خطة لشطب الشركة من البورصات الأمريكية بسبب مخاوف بشأن تسرّب بيانات حساسة.
لم يطرأ إلا تغير طفيف على أسهم "ديدي" عند 7.80 دولار يوم الخميس، بعد أن هوت بحوالي 45% عن سعر الاكتتاب العام. تراجعت أسهم مجموعة "سوفت بنك" (SoftBank)، وهي أكبر مساهم في الشركة، بنسبة 3.1% في طوكيو يوم الجمعة، قبل أن تقلّص خسائرها. وصلت أسهم شركات التكنولوجيا الصينية إلى مستويات منخفضة قياسية في هونغ كونغ، ما يعني تمديد مسار قضى على حوالي 1.5 تريليون دولار من القيمة السوقية المجمعة من مؤشر "هانغ سنغ" (Hang Seng) لشركات التكنولوجيا منذ ذروة فبراير.
أثارت الشركة، التي تتخذ من بكين مقراً لها، غضب السلطات، عندما بدأت في طرح أسهمها في نيويورك هذا الصيف، رغم الطلبات بضمان أمن بياناتها قبل الاكتتاب العام. وضع المنظمون الشركة تحت مراجعة الأمن السيبراني بعد أيام من ظهورها للمرة الأولى، وأزالوا خدماتها من متاجر التطبيقات المحلية. ومنذ ذلك الحين طُلب من "ديدي" العمل على خطط الانسحاب من بورصة نيويورك.
ما تقوله بلومبرغ إنتليجنس:
تقلل خطط "ديدي" لبيع الأسهم في هونغ كونغ وإلغاء الإدراج في الولايات المتحدة من خطر الفوضى، بينما قد يشير إجبار الجهات التنظيمية في كل من الصين والولايات المتحدة الشركة على شطب أسهمها من البورصة، إلى أن حملة السلطات الصينية ضدّها قد بلغت ذروتها. يعزز بيان الشركة وجهة نظرنا بأن الاكتتاب العام في هونغ كونغ سيأتي قبل شطب إدراجها في الولايات المتحدة، مع تحويل سلس للأسهم المودعة في البورصة الأمريكية إلى أسهم مدرجة في هونغ كونغ.
- ماثيو كانترمان وتيفاني تام، محللان
درس التنفيذيون في "ديدي" مقترحات تشمل الخصخصة المباشرة أو تعويم الأسهم في هونغ كونغ، متبوعاً بشطب للأسهم من الولايات المتحدة، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر لـ"بلومبرغ". قال هؤلاء الأشخاص إنه إذا استمرت الخصخصة، فمن المرجح أن يكون الاقتراح هو سعر الاكتتاب العام الأولي البالغ 14 دولاراً على الأقل، لأن العرض الأقل بعد فترة وجيزة من الاكتتاب العام الأولي في يونيو قد يؤدي إلى رفع دعاوى قضائية أو مقاومة المساهمين. إذا كانت هناك قائمة ثانوية في هونغ كونغ، فمن المحتمل أن يكون سعر الاكتتاب العام بمثابة خصم على سعر السهم في الولايات المتحدة.
ضغوط من هنا وهناك
يأتي قرار "ديدي" بعد ضغوط متزايدة من كل من واشنطن وبكين على عالم الشركات الصينية المدرجة في الولايات المتحدة، من أكبر عمالقة التكنولوجيا إلى الشركات القوية في الاقتصاد القديم مثل "بتروتشاينا" (PetroChina). تبذل الحكومة الأمريكية مزيداً من الجهود لإخراج الشركات الصينية من البورصات الأمريكية لعدم امتثالها لمتطلبات الإفصاح التي تفرضها واشنطن. في الوقت ذاته، يُقال إن بكين تعمل على صياغة لوائح لحظر الشركات بشكل فعّال من طرح أسهمها للاكتتاب العام في أسواق الأوراق المالية الأجنبية من خلال كيانات ذات مصالح متغيرة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، ما أدى إلى إغلاق ثغرة طالما استخدمتها صناعة التكنولوجيا في البلاد لزيادة رأس المال من خلال أموال المستثمرين في الخارج.
أعلنت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية يوم الخميس خطتها النهائية لوضع قانون جديد يفرض على الشركات الأجنبية فتح دفاترها للتدقيق الأمريكي، أو المخاطرة بشطبها من بورصتي نيويورك للأوراق المالية وناسداك في غضون ثلاث سنوات. تبدو كل من الصين وهونغ كونغ السلطتين القضائيتين الوحيدتين اللتين ترفضان السماح بمثل هذا التفتيش رغم مطالبة واشنطن بذلك منذ عام 2002.