لماذا تخلّت "ريفيان" و"فورد" عن تطوير سيارة كهربائية مشتركة؟

كان يمكن أن تكون الشراكة بين "فورد" و"ريفيان" ناجحة للغاية وعليهما الإفصاح عن أسباب الانفصال - المصدر: بلومبرغ
كان يمكن أن تكون الشراكة بين "فورد" و"ريفيان" ناجحة للغاية وعليهما الإفصاح عن أسباب الانفصال - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

الانفصال صعب، حتى الانفصال الودي، إلا أن إعادة التقييم عادة ما تكشف القضايا التي ستُثري الخطوات المستقبلية. لذا، يجدر بنا أن نتساءل عن العلاقة التي جمعت بين شركة "فورد موتور" العريقة وشركة السيارات الكهربائية الناشئة "ريفيان أوتوموتيف" التي جرى إدراجها في البورصة مؤخراً.

لقد كان من المفترض لهذه الشراكة أن تنجح، على الورق على الأقل، إذ ترتبط شركة تصنيع تقليدية كبيرة مع شركة ناشئة جديدة تتميز بجميع التقنيات والمواصفات المناسبة لصنع نسخة كهربائية من سيارة أمريكية مفضلة، سيارات الدفع الرباعي.

وقد بدت العلاقة كما لو أنها تجمع الزوجين المثاليين، ولكن على الرغم من ذلك تخلّت الشركتان هذا الشهر عن خطط تطوير المركبة الكهربائية المشتركة.

"فورد" تتخلى عن خطط التعاون مع "ريفيان" لإنتاج سيارات كهربائية

انفصال مزعج للمستثمرين

إنه لمن المؤسف سماع هذا الخبر، فقد أحبّ المستثمرون تلك الشراكة. وبالنسبة إلى شركة "فورد" كان ذلك رهاناً كبيراً وجريئاً على المستقبل في وقتٍ لم تكن تعرف فيه أفضل من هذه الخطوة. كما أن التقلبات حول الصعود المستمر لشركة "تسلا" لتصنيع السيارات الكهربائية جعلت شركات صناعة السيارات التقليدية تبذّر أموالها من خلال استثمار أموال طائلة في عديد من التقنيات المستقبلية أو إقامة شراكات تتماشى مع الجيل التالي من المركبات والتكنولوجيا التي ستشغلها.

القيمة السوقية لـ"ريفيان" تتجاوز "فولكس واجن" وتصل إلى 150 مليار دولار

وبالنسبة إلى شركة "ريفيان"، وهي شركة ناشئة تتميز بكل الأفكار العصرية حول الاستدامة والمركبات الصديقة للبيئة، فإنّ الشراكة مع عملاق التصنيع ستضمن ألا تعيق مشكلات الإنتاج صعودها.

وفي الواقع، طُرحت "ريفيان" للاكتتاب العامّ في 10 نوفمبر في واحد من أكبر عروض الاكتتاب العامّ على الإطلاق، إذ تبلغ قيمة حصة "فورد" نحو 12 مليار دولار.

وبعد 10 أيام فقط، ألغت الشركتان بشكلٍ مشترك صُنع سيارة كهربائية معاً، كما تقولان.

ولا تزال "فورد" تمتلك نسبة 12%، إذ يبدو أن كلتا الشركتين قد خرجت بشكلٍ جيّد من الناحية النظرية. وقد أبرمت إحدى الشركات التابعة لعملاق "ديترويت" اتفاقية توريد مع صانع مركبات كهربائية.

"أمازون" هي كلمة السر وراء تقييم "ريفيان" بـ100 مليار دولار

فرصة مهدرة

لكن الجزء المتعلق بصنع السيارة كان هو أساس العلاقة. إذاً ماذا عن تلك الأهداف النبيلة التي جرى تحديدها في وقت الاستثمار الأوّلي، والتي أدت إلى انهياره؟

في أبريل 2019، بعد الإعلان، عندما سأل أحد المحللين الرئيس التنفيذي لشركة "فورد" في ذلك الوقت، جيمس هاكيت، عن المقدار الذي تعتقد شركته أنها ستوفره من شراكتها مقارنة بمبلغ "مليار إلى مليارَي دولار لطرح سيارة جديدة في السوق"، قال: "نرى فرصة كبيرة" من حيث التكلفة وسرعة الوصول إلى السوق، مشيراً إلى أن الأخيرة مهمة.

وتابع قائلاً إنّ منصة التجميع –أي هيكل "ريفيان" الذي يجمع الأنظمة والمحرك والبطاريات وأدوات التحكم الأخرى معاً– لديها كثير من الإمكانيات التي يمكنهم الاستفادة منها.

هذا في حين أشار مؤسس شركة "ريفيان"، آر جيه سكارينغ، إلى أن الشراكة لا تقل أهمية عن العلاقة التي تربط شركته بشركة "أمازون" من خلال تصنيع 100 ألف شاحنة كهربائية صغيرة، إذ جلبت هذه العلاقة شريكاً "لديه خبرة في التصنيع، وخبرة في سلسلة التوريد، والقدرة على استخدام منصة التجميع الخاصة بنا بالفعل". ولم يدخلا في التفاصيل، إلا أن المستثمرين أحبّوا الفكرة.

بعد أكثر من عامين بقليل، لا يمكن للواقع أن يكون أبعد عن تلك التصريحات المتفائلة، إذ تخرج "فورد" بمركباتها الخاصة، كما هي الحال مع "ريفيان"، في أثناء بحثها عن مصانع تصنيع في جورجيا.

بعد وصول قيمتها إلى 100 مليار دولار.. هل "ريفيان" هي "تسلا" القادمة؟

مركبة بديلة

ربما لم تتفق الشركتان حول التكنولوجيا والتصنيع، ولن تفعلا ذلك أبداً، إذ إنّ أُسُسهما مختلفة تماماً. ففي غضون عام من الشراكة، في أوائل أبريل 2020، ألغت ماركة "لينكولن موتورز" الفاخرة من"فورد" خططاً لصنع سيارة كهربائية جديدة كلياً على منصة "ريفيان". وأكدت أن الشراكة لا تزال قوية، مشيرة إلى أنهم يعملون على "مركبة بديلة".

وفي إطار الاندفاع للاقتران ومنح المستثمرين بعض الأمل في سلسلة من الأحداث المتشابكة، يبدو قرار "فورد" و"ريفيان"، في وقتٍ لاحق، كأنه ممتع من الناحية الجمالية.

وبحلول الوقت الذي دفعت فيه شركة "فورد" نصف مليون دولار، كانت "ريفيان" قد جمعت بالفعل أكثر من 1.5 مليار دولار وكانت قيمتها تقدَّر بما يقرب من 7 مليارات دولار.

بطريقة ما، إنها علامة على كيفية استخفاف الشركتين بنفسيهما. ربما ما زلنا نشترك في تصنيع جميع أنواع الشاحنات الكهربائية وسيارات الدفع الرباعي الرائعة!

الإفصاح عن أسباب عدم الاتفاق

وقد قال الرئيس التنفيذي الحالي لشركة "فورد"، جيم فارلي، إنّ شركته تخطط هذا الشهر لمضاعفة طاقتها الإنتاجية للمركبات الكهربائية، لكن الحقيقة هي أننا سنحتاج إلى البدء في رؤية مزيد منها أولاً.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون هناك مزيد من المناقشة والإفصاح حول ما لم ينجح بالنسبة إلى الطرفين، لأنه ينبغي أن يكون واضحاً. ومن شأن ذلك أن يؤدي خدمة كبيرة للمحادثة النابضة بالحياة حول السيارات الكهربائية.

هذا ويتعاقد عديد من مصنّعي السيارات الكهربائية على الإنتاج، وكثيراً ما كافحوا لإطلاقه وتشغيله (بما في ذلك "تسلا" في الأيام الأولى).

ما القضايا التي يواجهونها؟ هل هي مسائل تقنية -أجهزة أو برامج- أم فلسفية فقط؟ وما يبدو وكأنه شراكة تآزرية أو شراكة جيدة قد يحتاج إلى نظرة أكثر تفصيلاً.

وبالنسبة إلى المستثمرين، يُعَدّ هذا تحذيراً، خصوصاً أن الاندفاع نحو التحول إلى المركبات الكهربائية ومجموعة كبيرة من التقنيات الجديدة ينتشر عبر سلسلة قيمة المركبات الكهربائية، إذ قال مسؤول تنفيذي سابق في شركة "فورد" لسكارينغ من شركة "ريفيان" ذات مرة: "مجرّد الخطوبة لشخص ما لا تعني بالضرورة الزواج به". وفي الواقع، ليس عليك ذلك حتى. وهو أمر يستحق أن يؤخذ بعين الاعتبار.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك