كما هو متوقع، أصبح الكمِّيون في وول ستريت، الذين يطاردون الاتجاهات عبر الأصول، متشائمين للحد الأقصى لتوهم بشأن أسواق المال العالمية في الوقت الذي يُغذي فيه القلق من التضخم أفضل عام لهم منذ 2014.
مع ارتفاع العائدات وازدياد ضغوط الأسعار، فإن مستشاري تداول مجموعة من السلع بقيمة 340 مليار دولار يبيعون على المكشوف بنسبة 100% وذلك لكل شيء، بدءاً من الدولار للفائدة على الجنيه الإسترليني، وفقاً لتقديرات "نومورا هولدينغز إنك".
ويبني هؤلاء المستثمرون الهيكليون أيضاً مراكز بيع على المكشوف هائلة عبر منحنى العائد بأكمله، وفقا لـ"ديناميك بيتا إنفستمنتس".
وتقول الشركة، التي تدير صندوقاً متداولاً في البورصة، والذي يحاكي مستشار تداول السلع، إن مثل هذه الاستثمارات تتركز بشكل خاص في أذون الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات.
ويتمثل السؤال حالياً في ما إذا كان التهديد التضخمي الأكثر واقعية في أكثر من عشر سنوات سيكافئ مثل هذه المراكز المتشائمة من الآن فصاعداً أم لا.
أسعار الفائدة
قال ستيف برومنت، رئيس الاستراتيجيات الكمية متعددة الأصول في "كاندريام"، وهي وحدة في "نيويورك لايف إنفستمنتس" التي تدير صندوقاً يتتبع الاتجاهات: "يستغرق السوق وقتاً لينعكس التشاؤم في أسعاره بالكامل.. وحقيقة أن استيعاب المعلومات الجديدة يستغرق وقتاً هي في الواقع ما تخلق الاتجاهات، لذلك قد يكون هناك المزيد من الفرص في أسعار الفائدة".
أدى ارتفاع سندات الخزانة طويلة الأجل إلى تسوية منحنى العائد يوم الأربعاء، بعد أن أعلنت الولايات المتحدة عن أسرع تضخم منذ عام 2008، وفي ذلك علامة على أن المستثمرين بدأوا في تسعير نمو اقتصادي أبطأ بجانب زيادات أكبر من المتوقع في الفائدة.
وكتب تشارلي ماكليغوت، استراتيجي الأصول في "نومورا"، في مذكرة يوم الأربعاء: "تتدافع السندات قصيرة الأجل العالمية لتقديم موعد الرفع المحتمل (وبالتالي تضيف علاوة مخاطر) في الوقت الذي تُجبر فيه البنوك المركزية على "اللحاق بالركب" وإعادة الجني مجددا في الزجاجة.. وأصبحت تداولات الفائدة المتشائمة/الدخل الثابت مزدحمة مجدداً".
وفي ظل تراجع سندات الخزانة خلال الأسابيع السبعة الماضية، تتجه السلع لأفضل عام لها منذ 1979 وارتفع الدولار أمام كل العملات باستثناء ثلاث عملات رئيسية الشهر الماضي، ويجد مستشارو تداول السلع الكثير من الفرص لركوب موجة التضخم.
رئيس "بنك أوف أمريكا": موجة التضخم مستمرة وليست مؤقتة
مخاوف سحب برامج التحفيز
وبالإضافة إلى الديون الأمريكية، تقدر "نومورا" أن مستشاري تداول السلع يبيعون السندات على المكشوف في كل مكان، بدءاً من أوروبا واليابان إلى بريطانيا وأستراليا إذ بدأت البنوك المركزية بخلاف الاحتياطي الفيدرالي الإشارة أيضاً إلى نواياها لتقليص المحفزات المرتبطة بالوباء.
وامتدت مكاسب 2021 لمؤشر مستشاري تداول السلع التابع لـ"سوسيتيه جنرال" إلى 8.8%، ويسير في مسار أفضل أداء في سبع سنوات.
ويحلل مستشارو تداول السلع أنماط الأسعار لتداول مجموعة من العقود الآجلة عبر الأصول، وبالنظر إلى أن آفاق استثمارهم ونماذجهم تختلف، فإن العائدات العام الجاري بين اللاعبين الأكبر تباينت، وارتفع صندوق "دايفرسيفايد تريندز" التابع لـ"أسبكت كابيتال" بنسبة 11% بينما قفز "دي تي بي إنهانسيد ريسك" التابع لـ "ترانستريند" بنسبة 25%، واكتسب "إيه كيو آر مانجيد فيوتشرز استراتيجي" 2%، وصعد "مان إيه إتش إل ألفا" حوالي 6%.
الرهان على الهبوط
وفي ظل ترسخ المراكز التي تراهن على الهبوط، فإن الآفاق أصبحت أكثر ضبابية قليلاً، وفي "جيه بي مورغان تشايس آند كو"، يقدر خبير التدفقات، نيكولاوس بانيغيرتيزوغلو، أن السندات البريطانية والألمانية مبالغ في بيعها في المرحلة الحالية، وهو ما قد يدفع بعض متداولي حالة الزخم أن يحصدوا الأرباح.
وبشكل عام، فإن العلامات على أن العصر التضخمي قد يستمر يبدو كنعمة لكميي الزخم، الذين عانوا للإبحار في تحركات السوق الموثوقة في عصر الفائدة المنخفضة.
وقال برومنت: "لا تزال أسعار الفائدة اليوم منخفضة للغاية.. وإذا في يوم من الأيام حصلنا على بنك مركزي يريد محاربة التضخم بقوة، فسيكون ذلك صعباً على الأسواق، لكنه سيقدم فرصة جيدة لمستشاري تداول السلع".