تواجه الليرة التركية خطر فقدان تفضيل المستثمرين المحليين، مما يؤدي إلى تفاقم الانخفاض الذي دفعها إلى مستويات منخفضة قياسية متتالية خلال الشهر الماضي.
حتى الآن، ساعد المستثمرون في التخفيف من حدة التراجع، حيث باعوا ما يعادل أكثر من 5 مليارات دولار من ودائعهم بالعملات الأجنبية في الأسابيع الثلاثة حتى الأول من أكتوبر، وفقاً لبيانات البنك المركزي.
في حين من الممكن أن تتضخم الأرقام من خلال احتساب التغيرات في أسعار الصرف، لا يزال الرقم الرئيسي هو أكبر انخفاض في نصف عام.
ومع الأخذ في الاعتبار تزايد احتمال حدوث خفض آخر في أسعار الفائدة، خاصة بعد الإطاحة بثلاثة من صانعي السياسات الرئيسيين ليلة الأربعاء، يكمن الخوف في تحول الأسر والشركات من جديد إلى الدولار واليورو.
قال أونور إيلجن، رئيس قسم الخزانة في "إم يو إف جي بنك تركيا" (MUFG Bank Turkey) في إسطنبول "يمكن أن تتحول مبيعات العملات الأجنبية بسرعة إلى مشتريات، مما يخلق ضغطاً إضافياً على الليرة التركية"، مشيراً إلى أن مبيعات العملات الأجنبية الأخيرة كانت بهدف جني الأرباح.
يمتلك الأتراك ما قيمته 233 مليار دولار من العملات الأجنبية، أي ما يعادل حوالي نصف إجمالي الودائع.
على الرغم من كونهم متداولين ماهرين -يشترون الدولار في أوقات قوة الليرة، ويبيعونه مع ضعف عملتهم المحلية- إلا أنهم على، المدى الطويل، يميلون إلى حيازة العملات الصعبة.
يمثل ما يقوم به المتداولون الأتراك تحوطاً ضد التضخم الذي أضعف قيمة الليرة وأدى إلى تآكل مدخراتهم.
العملة التركية في طريقها للانخفاض للسنة التاسعة على التوالي، بعد أن فقدت أكثر من 80% من قيمتها منذ نهاية عام 2012، لتكون بذلك العملة الأكثر انخفاضاً بين الدول النامية بعد البيزو الأرجنتيني.
وقال نيك ستادميلر، مدير قسم الأسواق الناشئة بـ "ميدلي غلوبال ادفايزر" في نيويورك: "إذا أصبح السكان المحليون أكثر قلقاً بشأن تأثيرات انخفاض أسعار الفائدة على الليرة، فهناك مجال أمام الأتراك لتحويل المزيد من الودائع من الليرة إلى الدولار".
تخفيضات مفاجئة لأسعار الفائدة
في الشهر الماضي، خفض البنك المركزي التركي أسعار الفائدة بشكل غير متوقع إلى 18%، رغم اقتراب التضخم من 20%.
ويقول المستثمرون إن صانعي السياسة يواكبون دعوة أردوغان لخفض أسعار الفائدة مع تجاهل المخاطر على الرؤية.
تتزايد التكهنات بأن الرئيس يمهد الطريق الآن لخفض آخر لسعر الفائدة على الليرة بعد أن أقال ثلاثة أعضاء من لجنة تحديد سعر الفائدة بالبنك المركزي بموجب مرسوم صدر في منتصف الليل.
سيحظى أي مسار يسلكه المتعاملون في الأيام والأسابيع القادمة بالأهمية، لأن المستثمرين الأجانب تخارجوا بالفعل من السوق، ويمتلكون حالياً أقل من 5% من أدوات الدين الحكومي بالعملة المحلية، مقابل نحو 30% في عام 2013.
وقال ستادميلر: "أعتقد أن المخاطر التي قد تدفع الليرة للهبوط في ظل سياسة نقدية ميسرة ستكون من خلال التدفقات المحلية - وليس الخارجية".
يعد تباطؤ نمو الائتمان أحد عوامل تعويض ضعف الليرة، فمن شأنه أن يساعد في تضييق عجز الحساب الجاري، مما يقلل الطلب على العملات الأجنبية في تركيا، وفقاً لـ "إيفرين كيريك أوغلو"، الخبير الاستراتيجي المستقل المقيم في إسطنبول.
أظهرت بيانات يوم الاثنين أن الاقتصاد التركي سجل فائضاً شهرياً في الحساب الجاري في أغسطس للمرة الأولى منذ أكتوبر 2020.
قال كيريك أوغلو إنه مع اختراق العملة التركية حاجز 9 ليرات أمام الدولار خلال الأسبوع الجاري، قد يتوجه المستثمرون المحليون نحو "وقف، وحتى عكس" شراء العملات الأجنبية.