دعا زعيم حزب الخضر الألماني المشارك إلى تخفيف الديون عن كاهل دول جنوب أوروبا، التي تعرضت لضربة عنيفة من فيروس كورونا، محذراً من أن تخفيض برامج الرعاية الاجتماعية بنسبة كبيرة قد يمهد الطريق أمام الفاشية.
وقال روبرت هابك لإذاعة "دويتشلاند-فونك" العامة اليوم السبت إن تلك الدول لا ينبغي إجبارها على سداد ديونها وفق البنود الإرشادية في اتفاق النمو والاستقرار للاتحاد الأوروبي.
أضاف: "إذا أُجبرت على سداد ديونها باستخدام قواعد جامدة ومتشددة، كما وردت في اتفاق الاستقرار والنمو، لن تستطيع دول جنوب أوروبا أن تنفذ ذلك إلا عبر إجراء تخفيضات هائلة على ميزانية الرعاية الاجتماعية، ثم تسيطر عليها الفاشية في النهاية".
يتضمن اتفاق الاستقرار والنمو في الاتحاد الأوروبي مجموعة من القواعد المالية صُممت من أجل منع الدول الأعضاء من زيادة الإنفاق العام بما يتجاوز قدراتها المالية. ولم يحدد "هابك" ما هي البلاد التي يشعر بالقلق بشأنها أكثر من غيرها.
وتعد إيطاليا، التي حصلت على 200 مليار يورو (نحو 231 مليار دولار)، هي أكبر دولة تلقت دعماً من صندوق الإنعاش الأوروبي الذي تبلغ قيمته 750 مليار يورو. وصرحت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بوضوح بعد لقاء مع رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراغي، الخميس الماضي، بأنها تتوقع من إيطاليا أن تتوخى "الحكمة" في إنفاق أموال المعونة وأن تلتزم بقواعد اتفاق الاستقرار والنمو.
من المرجح أن يلعب "هابك" دوراً هاماً في حكومة ألمانيا المقبلة، وقد يصبح وزير المالية القادم للبلاد.
ويعقد "هابك"، بالتعاون مع الزعيمة المشاركة لحزب الخضر، أنالينا بيربوك، مباحثات استرشادية مع الديمقراطيين الاجتماعيين والحزب الديمقراطي الحر بهدف تشكيل حكومة ائتلافية من الأحزاب الثلاثة تحت رئاسة، أولاف شولز عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي، بعد انتخابات سبتمبر الماضي.
قال "هابك" إن السياسة المالية سوف تكون أكبر العقبات التي تواجه مفاوضات تشكيل الائتلاف. وأضاف أن هناك "خلافات واضحة" بين الحزبين الديمقراطي الاجتماعي والديمقراطي الحر بشأن الموازنة العامة والاستثمار في مشروعات حماية المناخ.
وأوضح أن الأجواء الودية التي تحيط بالمباحثات حالياً لا ينبغي أن تُخفي حقيقة استمرار وجود "خلافات كبرى" وكثير من التناقضات السياسية العميقة والراسخة بين الأحزاب الثلاثة قبل تشكيل الحكومة، مؤكداً: "أن هذا الاتفاق لم يكتمل حتى الآن".
مفاوضات صعبة
يُعدّ الحزب الديمقراطي الاجتماعي حليفاً تقليدياً لحزب الخضر، ويهدف الحزبان إلى فتح خزائن ألمانيا للاستثمار بسخاء في مبادرات حماية المناخ والبنية الأساسية، غير أن التوصل إلى أرضية مشتركة مع الحزب الديمقراطي الحر يمثل تحدياً لهما. فقد تعهدت حملة الليبراليين أنصار السوق الحرة في الانتخابات بتخفيض الضرائب، والسيطرة على الديون، وخفض البيروقراطية.
وكرر كريستيان ليندنر، رئيس الحزب الديمقراطي الحر، تعهده خلال الأسبوع الحالي بأن حزبه لن يتسامح مع أي تحوّل يساري، وسوف يضع خطاً أمام زيادة الضرائب والتخفف من القيود الدستورية على الديون الألمانية.
وحدد "شولز"، الذي عمل مع "ميركل" كنائب للمستشار الألماني ووزير للمالية، يوم الكريسماس موعداً نهائياً لتوقيع اتفاق الحكومة الائتلافية.
وسوف تستمر المباحثات الاستكشافية بين الأحزاب الثلاثة الإثنين المقبل، وإذا حققت نجاحاً، ستعقبها المفاوضات الرسمية لتشكيل الائتلاف. ثم يجب بعد ذلك أن يصادق كل حزب على اتفاقية الائتلاف قبل الدعوة لانعقاد جلسة البوندستاغ (البرلمان الفيدرالي) حتى يؤدي المستشار الألماني الجديد القسم ويتولى مهام منصبه.