تواجه جهود إدارة "بايدن" للتخلص من مشاكل إمدادات الرقائق عالميا مقاومة من المُشرّعين والمديرين التنفيذيين في تايوان وكوريا الجنوبية، ما يعقد محاولات حل الاختناقات التي تضر بالصناعات من السيارات إلى الإلكترونيات الاستهلاكية.
طلبت وزارة التجارة الأمريكية في نهاية سبتمبر من الشركات المساهمة في سلسلة توريد أشباه الموصلات ملء استمارات استبيان بحلول 8 نوفمبر للحصول على معلومات تتعلق بالنقص المستمر في الرقائق.
ومع أن الطلب كان طوعيا، لكن وزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو حذرت ممثلي الصناعة من أن البيت الأبيض قد يستدعي قانون الإنتاج الدفاعي أو أدوات أخرى لإجبارهم على التصرف بشكل أسرع حال عدم الاستجابة.
اقرأ أيضا: "مرسيدس" و"فولكس واجن" تحذران من أن نقص الرقائق لن يزول العام المقبل
أصبحت القضية شائكة بشكل خاص في تايوان، مقر شركة "تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة" التي تمثل أكثر من نصف التعاقدات في سوق صناعة الرقائق عالميا.
دفعت الهيمنة بالفعل الشركات المنافسة مثل "إنتل" إلى الدعوة لمزيد من الاستثمار المحلي، وحفزت الحكومات في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان والصين إلى التفكير في بذل قصارى الجهود لتعزيز صناعات الرقائق الخاصة بها لتقليل اعتمادهم على المركز الأكثر تقدما في العالم لتصنيع أشباه الموصلات.
قالت سيلفيا فانج، المستشارة القانونية العامة لشركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات، للصحفيين أمس الأربعاء: "لن تقوم " تي إس إم سي" على الإطلاق بتسليم معلومات حساسة، لا سيما بيانات العملاء". وهناك ثلاثة من أكبر خمسة عملاء لشركة "تي إس إم سي"، عبارة عن شركات أمريكية، وتمثل شركة "أبل" وحدها ربع إجمالي المبيعات. "لا تزال "تي إس إم سي" تُقيّم كيفية الرد" على الاستبيان الأمريكي.
رفضت شركة "يونايتد مايكرو إلكترونيكس" (United Microelectronics Corp) الأصغر حجما التعليق على كيفية ردها بشأن الاستبيان الأمريكي، على الرغم من أن المدير المالي ليو تشي تونغ قال لـ "بلومبرغ نيوز" إن الشركة ستحمي المعلومات غير العامة للعملاء.
تزامنا مع ذلك، أصدرت وزارة التجارة والصناعة والطاقة في كوريا الجنوبية أمس بيانا أعربت فيه عن قلقها بشأن نطاق الطلب الأمريكي. كما نقلت وسائل إعلام أخرى، بما في ذلك صحيفة "كوريا جونغانغ ديلي"، عن أشخاص لم تسمهم في شركات محلية لتصنيع الرقائق قولهم إنهم قد يواجهون صعوبة في الامتثال للطلبات.
اقرأ أيضا: المدير التنفيذي لـ"رينو": أزمة الرقائق مستمرة حتى 2022
تأتي المواجهة المحتملة في الوقت الذي ينتقل فيه نقص الرقائق من سيئ إلى أسوأ. وارتفعت المهلة الزمنية في الصناعة - الفجوة الزمنية بين تقديم طلب شراء أشباه الموصلات والتسليم- للشهر التاسع على التوالي إلى متوسط 21.7 أسبوعا في سبتمبر، وفقا لـ "سسكويهانا فاينانشيال (Susquehanna Financial Group)، وهي تُعد أطول فترة زمنية منذ أن بدأت الشركة في تتبع البيانات عام 2017.
طرق أخرى للمساعدة
وفي الاستبيان الأمريكي، تم الطلب من الشركات المصنعة للرقائق التعليق على المخزونات، والتراكم ووقت التسليم وممارسات الشراء وما تبذله من جهود لزيادة الإنتاج.
كما تطلب وزارة التجارة الأمريكية أيضا معلومات عن كبار العملاء لكل منتج. وقالت "فانغ" المستشارة العامة لـ "تي إس إم سي" إن وزارة التجارة الأمريكية تدرك أن الكثير من الشركات يعاني من كيفية الرد على أسئلة الاستبيان، وأنها تقوم بالإعداد لمجموعة أسئلة شائعة لمساعدة الشركات على الاستجابة.
اقرأ أيضا: هل تفوز أمريكا بالمعركة العالمية للهيمنة على الرقائق الإلكترونية؟
أضافت "فانغ": "إذا كانت الولايات المتحدة تتطلع إلى حل مشكلات سلسلة التوريد، فسنرى كيف يمكننا مساعدتها على أفضل وجه.. لقد قدمنا الكثير للمساعدة، بما في ذلك زيادة إنتاج رقائق السيارات وإعطاء الأولوية لعملاء السيارات إلى حد معين".
من المتوقع أن تكلف أزمة الرقائق شركات صناعة السيارات عالميا 210 مليارات دولار من المبيعات خلال 2021. وسيتراجع إنتاج تلك الشركات ما يعادل 7.7 مليون سيارة في العام الحالي، وفقا لآخر التقديرات من شركة الأبحاث "أليكس بارتنرز" ( AlixPartners) الصادرة في سبتمبر، أي ما يقرب من ضعف التوقعات السابقة البالغة 3.9 مليون وحدة.
مقاومة واسعة
وواجه وصول الولايات المتحدة إلى بيانات شركات صناعة الرقائق مقاومة من السياسيين والمساهمين التايوانيين. وقالت وزارة الشؤون الاقتصادية في تايوان 2 أكتوبر الجاري إن الشركات المصنعة للرقائق في الجزيرة لن تقدم معلومات تتعلق بـ "الأسرار التجارية" دون موافقة العملاء، حيث يعرضون دعمهم أثناء تواصلهم مع العملاء والبيت الأبيض، لكن هذا الموقف لم يُهدئ احتجاج نواب المعارضة.
اقرأ أيضا: نقص الرقائق يوجه ضربة لمبيعات السيارات في أوروبا
نقلت وسائل الإعلام المحلية، أمس الأربعاء، عن أليكس فاي، رئيس حزب المعارضة الرئيسي "الكومينتانغ" قوله: "يجب ألا تستسلم تايوان تلقائيا عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الولايات المتحدة.. إذا زودنا الولايات المتحدة بجميع المعلومات التي تبحث عنها، فهل ستظل "تي إس إم سي" قادرة على المنافسة في العالم مستقبلا؟".
بشكل منفصل، قدم مستثمر التماسا إلى محكمة جزئية في تايوان في وقت سابق من الأسبوع الجاري لمنع "تي إس إم سي" من تسليم معلومات حساسة، بما في ذلك أسماء عملائها إلى الحكومات الأجنبية، وفقا لما ذكرته راشيل هوانغ، المحامية التي تمثل مقدم الالتماس بـمؤسسة "ليو أند بارتنرز" (Liu & Partners) في تايبيه.