تواجه كل من سلاسل "ولمارت" (Walmart) و"سي في إس" (CVS Health) و"والغرينز" (Walgreens Boots Alliance) مطالبات بتعويضات بمليارات الدولارات في محاكمة بشأن الدور الذي لعبته صيدلياتهم في أزمة المواد الأفيونية بالولايات المتحدة.
ستكون مقاطعتان في أوهايو أول من يقاضي هذه الشركات في المحاكم الفيدرالية بشأن الدعاوى التي رفعتها جماعات متعددة في جميع أنحاء البلاد، والتي تقول إن هذه الصيدليات أصبحت مصدر إزعاج عام بإخفاقها في مراقبة وصفات الأطباء وعادات المرضى في استخدام المخدرات بشكل صحيح، ما أدى إلى إنفاق أموال دافعي الضرائب على التعامل مع الإدمان والجرعات الزائدة المميتة. وهناك قضايا مماثلة معلقة ضد شركات صناعة الأدوية والموزعين.
تعد أوهايو واحدة من أكثر الولايات تضرراً من أزمة مواد الأفيون، التي قتلت حوالي 500 ألف أمريكي على مدى عقدين من الزمن. تزعم مقاطعتا "ترمبل ولايك" أن 140 مليون حبّة دواء تدفقت إليهما من 2006 إلى 2012، حيث غضت الصيدليات الطرف عن الوصفات الطبية المشبوهة، ولم تبذل الجهود المطلوبة لتحديد ما إذا كانت الصفات مشروعة.
اقرأ أيضا: "جونسون آند جونسون" تقود صفقة تاريخية بـ26 مليار دولار لإسقاط دعاوى الأفيون
قالت إليزابيث تشياريلو، عالمة الاجتماع بجامعة سانت لويس، والتي درست مدى استجابة الصناعة لأزمة مواد الأفيون: "لسنوات عديدة كان الصيادلة خاضعين لاتجاهين، فمن جهة يُطلب منهم بموجب القانون صرف الوصفات القانونية، ومن جهة أخرى تطلب منه شركات سلاسل الصيدليات القيام بذلك بالسرعة والكفاءة الممكنتين"، ما يعني أن الكثيرين لم يكونوا يداً مساعدة في التخلص مما يسمى "وصفات الأدوية غير الشرعية".
تعد قضية "كليفلاند" أول محاكمة أمام هيئة المحلفين لأكثر من 4,000 قضية تتعلق بالأفيون مُقدمة في دعوى واحدة أمام قاضي المقاطعة الأمريكية دان بولستر، الذي أشرف على هذا التقاضي منذ عام 2018، وشجع على التوصل إلى حل وطني لجميع الدعاوى. ورغم التوصل إلى بعض الصفقات المحلية مؤخراً، فقد انتقد "بولستر" مالكي الصيدليات لفشلهم في تحقيق تقدم أفضل نحو تسوية أوسع.
وحال إبرام صفقة قد تُكلِّف مالكي الصيدليات ما بين 10 مليارات إلى 15 مليار دولار، لكن من المحتمل أن يبدأ أصحاب السلاسل في إقامة محاكمات مبكرة لتعزيز المطالبات التي ستقدمها إلى شركات التأمين الخاصة بها لتغطية أي مسؤولية، وفقاً لهولي فروم، المحللة القضائية في "بلومبرغ إنتيليجنس".
من سيدفع التكلفة؟
وبحسب ما قالته "فروم" فإنه "حتى في حال صدور حكم، يمكن اعتبار السلوك الذي يمثل أساس المسؤولية بمثابة إهمال، ويتعين على شركات التأمين تعويضهم".
في أغسطس الماضي، تم إسقاط الدعوى ضد شركة "ريت أيد" في محاكمة "كليفلاند"، بعد التوصل إلى اتفاق مع مقاطعتي ترمبل ولايك، حسب سجلات المحكمة. وظلّت التفاصيل طي الكتمان، لكن الأشخاص المطلعين على الصفقة قالوا إن الشركة وافقت على دفع أكثر من 3 ملايين دولار، وأن العائد مرهون بفوز "ريت أيد" بنزاع التغطية مع شركات التأمين التي ستدفع لها.
اقرأ أيضا: "ماكنزي" توافق على تسوية بقيمة 573 مليون دولار لأزمة الأفيون بأمريكا
وفي يوليو، توصلت كل من "ريت أيد" و"ولمارت" و"سي في إس" و"والغرينز" إلى تسوية للقضايا التي رفعتها مقاطعتان في نيويورك بعد بدء المحاكمة في محكمة الولاية، كما تظهر الملفات. وقالت مقاطعة "سوفولك" إن الشركات ستدفع لها مجتمعة 13 مليون دولار، بينما لم تفصح مقاطعة ناسو عن المبلغ الذي ستحصل عليه. و قبل بدء تلك المحاكمة، وافقت شركة الأدوية "جونسون آند جونسون" على دفع 263 مليون دولار لتسوية الدعاوى المرفوعة ضدها.
حُجة قوية
قالت ألكسندرا لاهاف، أستاذة القانون بجامعة كونيتيكت والتي تتابع قضية مواد الأفيون، إنها فوجئت بعدم تسوية قضية "كليفلاند" قبل الوصول إلى المحاكمة. وأكدت أن المتهمين الباقين في قضية الصيدلية: "يجب أن يؤمنوا بقوة في حججهم القانونية".
تقول "ولمارت" ومشغلي الصيدليات الآخرين إن المقاطعات لا يمكنها إثبات أن صرف الوصفات الطبية التي كتبها أطباء يحملون ترخيصا رسميا بالتعامل مع آلام المرضى قد تسبب في إزعاج عام، موضحة أن الأمر سيكون بمثابة "تدخل غير معقول في الصحة العامة أو السلامة العامة أو السلام العام و الراحة العامة"، كما تُظهر الملفات المودعة لدى المحكمة.
اقرأ أيضا: ما لا تعرفه عن الأدوية "البديلة" وأضرارها
وقال محامو "والغرينز" التي يقع مقرها في ديرفيلد، في ولاية إيلينوي، في ملفات المحكمة: "سيكون من غير المناسب تماماً للصيادلة رفض صرف الوصفات الطبية الشرعية التي كتبها أطباء شرعيون لمجرد أنهم لا يتفقون مع الرأي الطبي للطبيب كاتب الوصفة".
وأضافت "والغرينز": "إن جذور أزمة مواد الأفيون في مقاطعتي أوهايو ليس تسريب العقاقير التي تستلزم وصفة طبية، لكنه مدفوع إلى حد كبير بالتوافر الواسع للهيروين والفنتانيل غير المشروعين وغيرهما من المخدرات غير المشروعة التي تتاجر بها عصابات المخدرات الإجرامية".
تؤكد "ولمارت" أن "لا مكان لها" في قضية أوهايو لأن صيدلياتها الخمس في المقاطعتين تمثلان أكثر بقليل من نسبة 3% من مواد الأفيون التي تصرف محلياً، وفقاً لملفات المحكمة. وقالت الشركة أيضاً إن لديها نظام مراقبة قوي للمواد الخاضعة للرقابة مثل مواد الأفيون.
صرف المواد المخدرة
قال محامو الشركة في الملفات المودعة في المحكمة: "لم تقم "ولمارت" إلا بتعيين صيادلة معتمدين ومدربين ومرخصين فقط. ثم قدمت "ولمارت" موارد متعددة لمساعدة هؤلاء الصيادلة في صرف المواد الخاضعة للرقابة".
ورفض راندي هارجروف، المتحدث باسم "ولمارت"، التعليق على المحاكمة القادمة. كما لم يستجب كريستوفر سافاريس، المتحدث باسم "ريت أيد" (Rite Aid)، لطلبات التعليق.
وقال مايك دي أنجليس، المتحدث باسم "سي في إس" (CVS)، في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني: "صيدلياتنا تصرف الوصفات الطبية الشرعية التي كتبها أطباء مرخصون". وأشار إلى أن سلسلة الصيدليات تتبع القانون.
صرّح فيل كاروسو المتحدث باسم "والغرينز" قائلا: "نحن لم نصنع أو نسوق مواد الأفيون أبداً، ولم نبع مواد الأفيون إلى عيادات الألم أو الصيدليات عبر الإنترنت أو مصانع الحبوب التي غذت أزمة مواد الأفيون مطلقاً".
وفي بيان افتتاحي أمام هيئة المحلفين أكد محامي "والغرينز" كاسبار ستوفيلماير أن السلسلة لديها سياسات قائمة منذ عقود تهدف إلى مساعدة الصيادلة على التخلص من الوصفات الأفيونية غير الملائمة.
أضاف "ستوفيلماير": "إن وظيفة الصيدلي هي التأكد من حصول الناس على أدويتهم. لكن سياساتنا تخبرهم باستخدام تقديرهم بحسن نية بشأن ما إذا كانت الوصفة الطبية شرعية ونحن ندعمهم بشكل كامل".
لكن مقاطعات أوهايو تدعي أن الصيدليات تجاهلت مؤشرات الإنذار الواضحة حول وصفات أدوية الأفيون - بما في ذلك المرضى من خارج الولاية الذين يسافرون مئات الأميال للحصول على المسكنات - وانتهكت قوانين الولاية والقوانين الفيدرالية لزيادة الأرباح.
أوضح مارك لانيير، محامي مقاطعات أوهايو، للمحلفين يوم الاثنين الماضي في البيانات الافتتاحية قائلا: "إنني لا أشير بأصابع الاتهام إلى الصيادلة. أنا أشير إلى الشركات الكبيرة التي تقف وراء السياسات التي سمحت بتوزيع مواد الأفيون غير المناسبة".
أشار "لانيير" إلى أنه سيقدم أدلة تظهر أن مزودي الصيدليات لم تكن لديهم أنظمة قوية لتحديد الوصفات الطبية المشبوهة حتى أصبح الوباء منتشراً. ومن المقرر أن يقدم محامو مزودي الصيدليات الآخرين بياناتهم الافتتاحية.