أدى الانهيار العام لمجموعة "تشاينا إيفرغراند" إلى زعزعة الأسواق في جميع أنحاء العالم، لكن المحللين واثقون من أن عملة البلاد ستنجو.
لم يخضع اليوان تقريباً لأي توصيات بالبيع على المكشوف، وحتى بين المحللين الأكثر تشاؤماً، اقترح قليلون الرهان ضده مباشرة نتيجة للفوائض التجارية المتزايدة، والفائدة السلبية لمراكز البيع على المكشوف، والتدخل المحتمل من قبل "بنك الشعب الصيني" في حالة انهيار "إيفرغراند".
ضربة قصيرة المدى
كتب المحلل في "جيه بي مورغان"، تيفاني وانغ، الأسبوع الماضي: "من المحتمل أن تكون حلقة إيفرغراند ضربة معنويات قصيرة المدى للصرف الأجنبي لليوان، وليس محرضاً على ضعف العملة الدائم".
قد يبدو هذا غير بديهي. فلدى "إيفرغراند" ديون تزيد على 300 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 2% من الناتج المحلي الإجمالي للصين، ناهيك عن تأثيرها المحتمل على الموردين عبر الأسواق والصناعات المحلية.
ومع ذلك، في حين خسر اليوان الخارجي 0.9% في الأيام الأربعة التي سبقت الموعد النهائي الفائت لدفع الفائدة للشركة، فقد انتعش منذ ذلك الحين مع تقلب ضمني لمدة شهر وعاد أيضاً إلى مستويات أوائل سبتمبر.
كتب محللو "مورغان ستانلي" بقيادة كبير الاقتصاديين الآسيويين، شيتان أهيا، في مذكرة بحثية صدرت في 23 سبتمبر، أن أحد الأسباب الرئيسية للاستقرار المتجدد التي يتمتع به اليوان هو البنك المركزي الصيني، الذي من المرجح أن يتدخل في ضوء أي انخفاض مفاجئ في قيمة العملة.
التجارة والضغوط
يوصي "مورغان ستانلي" بشراء العملة الصينية، وفي نفس الوقت ببيع اليورو والدولار التايواني على المكشوف، إذ إن "التدفقات الأساسية لليوان الصيني تظل جيدة".
وخسر اليورو 2.3% مقابل اليوان في الربع الثالث، بينما ارتفع الدولار التايواني بنحو 0.2%.
كما أدى الإفراج عن مسؤولة تنفيذية كبيرة في شركة "هواوي تكنولوجيز" يوم الجمعة الماضي إلى إحياء الآمال في تخفيف التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، مما قد يساعد اليوان بشكل أكبر.
يوصي وانغ من "جيه بي مورغان" بالاستثمار في عقود الخيارات لاحتمالية مراجعة التعريفات الجمركية الأمريكية المفروضة على منتجات صينية محددة. وفي حين أن توقيت ونتائج تطورات التعريفات غير مؤكدة إلى حد كبير، فإن "انتظار مثل هذه الأخبار يحمل طابعاً إيجابياً حتى لو يتم تحققها في نهاية المطاف"، وفقاً لمذكرة مؤرخة في 16 سبتمبر.
ويفضل "جيه بي مورغان" الاستثمار في خيار الشراء لأجل شهرين بسعر تنفيذ 6.38 يوان للدولار بجانب خيار الخروج عند حاجز 6.30 لتقليل التكلفة، وهذا التداول في الأساس رهان على أن اليوان سيرتفع فوق 6.38 يوان للدولار، لكنه لن يذهب فوق 6.30 في حال خففت واشنطن بعض التعريفات على المنتجات الصينية، والارتفاعات المشهودة منذ بداية العام وحتى الآن في اليوان المحلي والخارجي التي تحققت في 31 مايو بالقرب من 6.35 يوان للدولار.
الصين تطالب البنوك بدعم سوق العقارات ومشتري المنازل
نظرات متشائمة
ومع ذلك، سيتعين على المستثمرين السير بحذر. وقالت بيكي ليو من "ستاندرد تشارترد": "لا يمكننا استبعاد وضع أكثر فوضوية" مع "إيفرغراند".
في هذه الحالة، تتوقع ليو انخفاضاً طفيفاً في قيمة اليوان مدفوعاً بارتفاع الدولار، وزيادة الشعور بالابتعاد عن المخاطرة، وبيع المستثمرين الأجانب للأصول الصينية.
سواء فشلت شركة "إيفرغراند" في سداد ديونها أم لا، يتوقع إريك نيلسون من "ويلز فارغو" أن ينخفض اليوان خلال الشهر المقبل إلى مستويات لم نشهدها منذ نوفمبر 2020، مدفوعاً بتدفقات رأس المال إلى الخارج، وتباطؤ النمو الاقتصادي.
ورغم أن هذا "خارج نطاق الإجماع"، على حد تعبيره، فإنه يفضل بيع كل من الدولار الأسترالي والدولار الكندي على المكشوف بدلاً من الرهان المباشر ضد اليوان.
ضغوط الدولار
يرى الاستراتيجيون الآخرون أن هناك مخاطر أكبر على اليوان من ارتفاع عائدات الولايات المتحدة أكثر من جراء عدوى "إيفرغراند".
تتوقع إيريس بانغ، كبيرة الاقتصاديين في قسم الصين العظمى في "مجموعة إي إن جي"، انخفاضاً طفيفاً في قيمة العملة حتى نهاية العام، حيث تبدأ الولايات المتحدة في التناقص التدريجي.
بينما قالت تسوي لي من "سي سي بي إنترناشونال سيكيوريتيز" إنها تعتقد أن تأثير "إيفرغراند" على العملة سيكون "ضئيلاً للغاية"، لكن انتعاش الدولار قد يؤدي إلى ضغط هبوطي على اليوان.
ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات فوق 1.56% خلال جلسة يوم الثلاثاء في نيويورك، أي إلى أعلى مستوى منذ 16 يونيو.
وقد أدى ذلك إلى انخفاض انتشار العائد على السندات الأمريكية الصينية إلى أدنى مستوى منذ فبراير 2020. في ذلك الوقت، كان اليوان الصيني أضعف، وكان يتم تداوله حول مستوى 7 لكل دولار.
وحتى بعد دورة الأخبار العصيبة للاقتصاد الصيني، ظلت عملته إلى حد كبير دون تغيير مقابل الدولار منذ نهاية يونيو.
بالنسبة لمعظم المحللين، فإن الفائض التجاري للبلاد - الذي قفز بأكثر من 50% منذ أن بدأ الوباء، على أساس متجدد لمدة 12 شهراً - سيساعد عملتها على تجاوز هذه الأزمة.
قال ستيفن تشيو من "بلومبرغ إنتليجنس": "طالما استمر الوباء واستمر تعطل سلسلة التوريد العالمية، فإن الفائض التجاري الصيني سيبقي اليوان مرتفعاً".