أصبحت سوق الأسهم في سويسرا واحدة من بين أسوأ الأسواق أداءً على مستوى العالم، بعد تراجع قيمتها بـ150 مليار دولار خلال الشهر الحالي.
يقترب مؤشر سوق الأسهم السويسرية من تحقيق أسوأ أداء له خلال عصر كورونا، بعد أن هبط بنسبة 6.3% خلال سبتمبر، وهو أكبر انخفاض بين مؤشرات أسواق الأسهم الكبرى في أوروبا. يأتي ذلك في حين تأخذ المخاطر المتنامية، بداية من صعود عائدات السندات والمصاعب التي تواجه شركة "تشاينا إيفرغراند غروب"، المستثمرين إلى خارج البلد الذي يتمتع بسوق أسهم عالية القيمة.
ساهم هذا التراجع في خفض تقييم المؤشر إلى 17 ضعف توقعات الأرباح، بعد أن بلغ مستوى قياسياً عند 18.7 مرة في منتصف شهر أغسطس الماضي. وجاءت شركة صناعة الاسمنت "هولسيم ليمتد" (Holcim Ltd) من بين أكبر الخاسرين بتراجع نسبته 13% وشركة "لوجيتك إنترناشيونال" (Logitech International) المتخصصة في صناعة ملحقات أجهزة الحاسوب التي هبط سهمها 11%.
سجل مؤشر السوق السويسرية (SMI) انحداراً على نطاق واسع، مما يوحي بأن المستثمرين يعتقدون أن السوق بالكامل مرتفعة التكلفة بشدة في فترة تتسم بتباطؤ النمو وعوائد أكثر ارتفاعاً على الديون. في هذه الأثناء، تشهد الأسواق على مستوى العالم عزوفاً عن الأسهم مرتفعة السعر، في الوقت الذي يأخذ المضاربون موقف الاستعداد للخفض التدريجي لبرنامج التحفيز المالي للبنك المركزي.
يقول سيدريك أوزازمان، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة "ريل آند سي" ومقرها مدينة جنيف: "ترتبط كافة هذه الأمور بأسعار الفائدة الأساسية"، مضيفاً: "حتى خلال فصل الصيف، تمتعت الأسهم السويسرية بصعود قوي. وتعد هذه الشركات من الفئة عالية الجودة، ولكنها ذات تقييمات سعرية مرتفعة للغاية".
تعتبر أسعار الفائدة الأساسية مصدر تهديد للأرباح المستقبلية، وهو ما يجعل من الصعب قبول التقييمات السعرية العالية للأسهم. باتت السوق السويسرية -التي تتمتع بواحدة من أشد التقييمات السعرية ارتفاعاً في أوروبا- ضحية مبكرة لهذا التغير، وذلك بعد أن حقق المؤشر القياسي للسوق قفزة بنسبة 13% في الأشهر الأربعة المنتهية في أغسطس الماضي.
اقرأ أيضاً: "المركزي السويسري" يبقي على أسعار الفائدة عند أدنى مستوى عالمياً
يقول تيم كريغيد، المحلل الاستراتيجي في "بلومبرغ إنتليجنس"، إن ارتداد مؤشر السوق السويسرية من أدنى مستوياته خلال فترة الجائحة لديه نطاق محدود لتحقيق توسع أكبر، ولكن توجد مخاطر حدوث خيبة أمل جراء هوامش أرباح أقل وعوائد مرتفعة على الديون".
العدوى الصينية
تبرز أيضاً تحديات أخرى على غرار نقص الإمدادات وزيادة المخاطر التنظيمية بالنسبة لسوق الصين بالغة الأهمية، والتي تسببت في خسائر لأسهم شركات السلع الفاخرة مثل مجموعة "ريتشمونت"( Richemont) المالكة لشركة "كارتييه".
أزمة تعثر ديون شركة "تشاينا إيفرغراند غروب" أثارت أيضاً المخاوف من أنه لن يجري تنفيذ عدد من مشاريع البناء، وهو ما يؤثر على شركات مثل مجموعة "غيبريت" (Geberit AG)، المتخصصة في تصنيع أدوات التركيبات الصحية، ومجموعة "سيكا" (Sika) المتخصصة في مواد البناء.
ربما يؤدي تراجع تقييمات أسعار الأسهم السويسرية في وقت قريب إلى خلق فرص شراء بالنسبة للبعض. تعتبر الزيادة المستمرة لتوقعات أرباح محللي السوق هي أساس هذا الرهان.
يفسر أوزازمان من شركة "ريل" ذلك قائلاً: "ربما يكون ذلك بمثابة تحمل مزيد من الألم قصير المدى.. سيحب المستثمرون المؤسسيون انتهاز هذه الفرص واقتناص الأسهم السويسرية بثمن منخفض".