يرى المتداولون أن هناك تلميحات إلى سعي البنك المركزي الهندي إلى امتصاص السيولة القياسية من النظام المصرفي، وهي علامة أخرى على أن الفيضان العالمي للأموال السهلة في عصر الوباء قد يبدأ في التراجع.
يقوم الاحتياطي الهندي بشكل متزايد بتحويل تدخله في الفوركس إلى السوق الآجلة لمنع ضخ السيولة بالروبية، وفقاً للتجار والاقتصاديين، بما في ذلك مادهافي أرورا من "إيمكاي غلوبال فاينانشيال سيرفسز".
كما أن السلطة النقدية تشير أيضاً إلى التخفيض من مشتريات السندات، أو حتى إيقافها تماماً، اعتباراً من الربع التالي، كما قال البعض.
وسط التحرك العالمي نحو العودة إلى الوضع الطبيعي، بقيادة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، أكد محافظ الاحتياطي الهندي، شاكتيكانتا داس، أن السياسة النقدية ستظل ميسرة لضمان التعافي الاقتصادي الدائم.
ولكنه أضاف إلى تلك التوقعات أن التضخم في الهند سيظل مرتفعاً، ويحاول تجار العملات والسندات قياس متى سيبدأ الاحتياطي الهندي في عكس المسار.
ولم يرد متحدث باسم الاحتياطي الهندي على طلبات التعليق.
مراجعة سياسة الطوارئ
ومن المقرر أن تراجع لجنة الأسعار الخاصة بالبنك إعدادات السياسة مطلع الشهر المقبل. بينما أبقت لجنة السياسة النقدية معدل إعادة الشراء الرئيسي دون تغيير خلال الاجتماعات السبعة الماضية، لا يزال بإمكان البنك المركزي تغيير المعدلات الأخرى ونسب الاحتياطي وأدوات السيولة التي استخدمها خلال الوباء.
قال سونال فارما، كبير الاقتصاديين في الهند وآسيا سابقاً باليابان في "نامورا هولدينغز": "إن الاقتصاد يتعافى تدريجياً، ولم تعد إعدادات سياسة الطوارئ ضرورية. والخطوة الأولى هي تقليل كمية ضخ السيولة المعمرة عن طريق شراء السندات والتدخل في العملات الأجنبية أو تعقيمها".
قال متعاملون إن نقطة البداية قد تكمن في إبقاء السيولة الزائدة تحت السيطرة وسط التدفقات الضخمة إلى أسواق الأسهم والسندات في البلاد.
بلغ الفائض النقدي الذي تجمعه البنوك مع الاحتياطي الهندي رقماً قياسياً وصل إلى 10 تريليونات روبية (136 مليار دولار) في وقت سابق من هذا الشهر، وانخفض منذ ذلك الحين إلى 7.5 تريليون روبية، وفقاً لمؤشر بلومبرغ إيكونوميكس للسيولة المصرفية في الهند.
في الوقت الحالي، يقوم الاحتياطي الهندي (RBI) بإخراج الأموال النقدية لمدة أقصر من خلال عمليات إعادة الشراء العكسي. لقد بدأ بإعادة الشراء العكسي لمدة 14 يوماً وسيلجأ حالياً إلى فترات أخرى.
يهدف بنك الاحتياطي الهندي إلى امتصاص 4 تريليونات روبية من خلال إعادة الشراء العكسي لمدة 14 يوماً و500 مليار روبية عبر إعادة الشراء العكسي لمدة 4 أيام يوم الجمعة.
المبادلات والمبيعات
قال متداولو الفوركس إن الاحتياطي الهندي كان يدخل في ما يسمى مبادلات البيع والشراء في سوق العقود الآجلة، ما أدى إلى ارتفاع العائدات الضمنية في الأسابيع الأخيرة، وذلك للحيلولة دون زيادة السيولة النقدية.
في إشارة أخرى، أعلن البنك المركزي، في مزادين متتالين، عن مرحلة بيع لشرائح شراء السندات بموجب برنامج الاستحواذ على الأوراق المالية الحكومية، أو (GSAP)، مستنداً إلى ظروف السيولة الحالية.
كتب اقتصاديون بقيادة إيه براسانا في "آي سي آي سي آي سيكيورتيز برايمري ديلرشيب" في تقرير يوم الثلاثاء: "نتوقع الآن أن يتوقف الاحتياطي الهندي عن مشتريات برنامج الاستحواذ على الأوراق المالية الحكومية المباشرة تماماً من الربع الثالث فصاعداً. ويبقى السؤال ما إذا كان الاحتياطي الهندي سيكشف النقاب عن برنامج الاستحواذ على الأوراق المالية الحكومية الثالث (GSAP 3.0) كشراء وبيع متزامنين، أي برنامج "عكس العمليات" (Operation Twist)".
مما لا شك فيه، أنه من المتوقع أن يبقى الاحتياطي الهندي حذراً وسط برنامج الاقتراض الحكومي الكبير والانتعاش الهش من الوباء.
وقال أرورا كبير الاقتصاديين في "إيمكاي غلوبال": "لا تزال تصرفات الاحتياطي الهندي تعكس تحركاً نحو إعادة توزيع السيولة وتحركاً نحو إعادة السيولة إلى طبيعتها، لكن دون تشديد فعلي".