أصدر المنظمون الماليون في بكين مجموعة واسعة من التعليمات إلى "تشاينا إيفرغراند غروب"، يطلبون فيها من المطورة العقارية المتعثرة التركيز على استكمال العقارات غير المكتملة، وسداد الديون للمستثمرين الأفراد مع تجنب التخلف عن السداد على المدى القريب في السندات الدولارية.
في اجتماع حديث مع ممثلي "إيفرغراند"، قال المنظمون إن الشركة يجب أن تتواصل بشكلٍ استباقي مع حاملي السندات لتجنب التخلف عن السداد، لكنهم لم يُقدِّموا إرشادات أكثر تحديداً، حسبما قال شخص مطلع على الأمر.
ولدى شركة التطوير العقاري فائدة مستحقة بقيمة 83.5 مليون دولار يوم الخميس مع فترة سماح لمدة 30 يوماً للدفع.
ولا يوجد ما يشير إلى أن المنظمين عرضوا دعماً مالياً لشركة "إيفرغراند" لمدفوعات السندات، وليس من الواضح ما إذا كان المسؤولون يعتقدون أن الشركة ستفرض في النهاية خسائر على الدائنين الخارجيين.
ويحاول صانعو السياسات معرفة المزيد حول من يحمل سندات "إيفرغراند"، حسبما قال الشخص، طالبا عدم الكشف عن هويته لحساسية المعلومات.
الدولة لم تتدخل
ونتيجة للافتقار إلى التواصل العام الواضح من كبار القادة الصينيين بشأن "إيفرغراند"، أصبح مصير الشركة غير مؤكد، وذكر موقع "داو جونز" الإخباري، يوم الخميس، أن السلطات أصدرت تعليماتها للوكالات الحكومية المحلية والشركات المملوكة للدولة بالتدخل فقط في اللحظة الأخيرة في حالة فشل "إيفرجراند" في إدارة شؤونها بطريقة منظمة.
وأشارت السلطات إلى إحجامها عن إنقاذ المطورة العقارية، وفقًا للموقع الذي نقل عن مسؤولين مطلعين على المناقشات.
ضربة للاقتصاد العالمي
وتسببت المخاوف من انهيار "إيفرغراند" في ارتفاع حاد في تكاليف الاقتراض للمطورين الصينيين الآخرين ذوي التصنيف الائتماني دون الدرجة الاستثمارية، وألقت بالشكوك حول صحة بعض البنوك الصينية الأصغر.
ونظم المستثمرون الأفراد ومشترو المنازل والموردون احتجاجات عند مكاتب "إيفرغراند" في جميع أنحاء البلاد، بينما اهتزت الأسواق من هونغ كونغ إلى نيويورك الأسبوع الجاري إذ يخشى المتداولون من احتمالية العدوى المالية من المطور الأكثر مديونية في العالم.
ورغم أن أزمة "إيفرغراند" ناتجة جزئياً عن حملة الرئيس، شي جين بينغ، لكبح المديونية المفرطة في الشركات العقارية وتثبيط المخاطر الأخلاقية، فمن المرجح ألا ترحب حكومته بانهيار فوضوي يهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
وتشير عمليات ضخ السيولة الضخمة في النظام المالي من قبل بنك الشعب الصيني في الأيام الماضية إلى أن صانعي السياسة يركزون بالفعل على دعم المعنويات.
لم تستجب "إيفرغراند" وبنك الشعب الصيني والهيئات التنظيمية المالية والإسكانية على الفور لطلبات التعليق، وقال اثنان من حاملي السندات الدولارية ذات الكوبون المستحق يوم الخميس إنهما لم يتلقيا أي مدفوعات حتى الساعة 5 مساء بتوقيت هونغ كونغ.
ارتفاع السندات
ساعدت التكهنات بأن "إيفرغراند" قد تتجنب أسوأ السيناريوهات على رفع سنداتها وأسهمها يوم الخميس، وصعدت سندات الشركة الدولارية ذات العائد 8.25% والمستحقة في 2022 بمقدار 6.7 سنت للدولار إلى 31.9 سنت في الساعة 7:09 مساء بالتوقيت المحلي، وبلغت أعلى مستوياتها في الجلسة بعد أن كشفت "بلومبرغ" عن توجيهات المنظمين لـ"إيفرغراند".
وقلصت السندات بعض مكاسبها بعد تقرير "داو جونز" ولا تزال تعكس أسعارها التوقعات بحدوث شطب كبير، وقفزت الأسهم بنسبة 18% في هونغ كونغ قبل تقرير "بلومبرغ"، وبذلك قلصت خسائر العام الجاري إلى 82%.
وكان الصعود مدفوعاً جزئياً ببيان غامض الصياغة من "إيفرغراند"، يوم الأربعاء، قالت فيه الشركة إن مدفوعات الفائدة على أحد سنداتها المقومة باليوان "قد تمت تسويتها عبر مفاوضات خارج غرفة المقاصة".
وقال محللون إن المطورة العقارية قد أبرمت على الأرجح صفقة مع حاملي السندات المحليين لتأجيل السداد دون الاضطرار إلى وصف الخطوة بأنها تخلف عن السداد.
إعادة هيكلة الديون
من غير الواضح ما إذا كانت "إيفرغراند" ستكون قادرة على تطبيق خطوة مشابهة فيما يخص سنداتها الدولارية، وفي حين أن بعض الأذون مملوكة على الأرجح للمؤسس الملياردير، هوي كا يان، وشركاؤه، فإن حامليها يشملون أيضا شركات استثمار عالمية قد تكون أقل استعداداً لمسايرة ترتيبات الدفع المبهمة.
وتشير الأسعار المخفضة للغاية لسندات "إيفرغراند" المقومة بالدولار إلى أن المستثمرين يرون أن ترتيب عملية إعادة هيكلة بشكل ما هو إجراء لا مفر منه، وبشكلٍ عام، يُنظر إلى حملة السندات الأجانب على أنهم في أسفل قائمة أولويات بكين بين دائني "إيفرغراند"، ومع ذلك فإن هذه النظرة تعتمد جزئياً على مدى قلق السلطات بشأن وصول الشركات الصينية إلى التمويل بالدولار.
وأدت الاضطرابات في "إيفرغراند"، أكبر مُصدر للسندات دون التصنيف الاستثماري في آسيا، إلى ارتفاع عائدات مؤشر السندات الصينية دون الدرجة الاستثمارية المقومة بالدولار إلى أعلى مستوى لها في عشر سنوات.
استكمال المشروعات
وفي اجتماع مع موظفي "إيفرغراند" يوم الأربعاء، شدد "هوي" على أهمية استئناف البناء في العقارات غير المكتملة، وفقاً لما ذكرته وسيلة الإعلام الصينية "جيميان"، أيضاً قال إن "إيفرغراند" ستضمن سداد المنتجات الاستثمارية.
وتعد مبيعات العقارات مصدر رئيسي للدخل النقدي في شركة "إيفرغراند"، لكن عانت الشركة لجذب مشترين في الأشهر الماضية وسط تراجع الثقة في قدرتها على تنفيذ المشاريع.
وغالباً ما يضطر مشترو المنازل في الصين إلى سداد دفعات مقدمة كبيرة على العقارات التي قد تستغرق سنوات حتى تكتمل، وحالياً، ينتظر حوالي 1.5 مليون مشتري أن تسلم "إيفرغراند" المنازل غير المكتملة.
وتحاول الشركة أيضاً التخلص من الأصول لجمع الأموال، وتنجح في ذلك بشكلٍ متفاوت، وقالت في وقت سابق من الشهر الجاري إنها لم تُحرز تقدماً ملموساً بشأن خطط بيع حصص في وحدات السيارات الكهربائية وخدمات العقارات، واستعانت "إيفرغراند" بـ"هوليهان لوكي" و"أدميرالتي هاربور كابيتال" "لاستكشاف جميع الحلول الممكنة" لتخفيف مشاكل السيولة لديها.
ورغم أن المطورة العقارية ليس لديها أي سندات مستحقة الدفع حتى عام 2022، فإنها تواجه مدفوعات فائدة بحوالي 669 مليون دولار العام الجاري، ويعد الجزء الأكبر من إجمالي التزاماتها التي تزيد على 300 مليار دولار هو لمشتري المنازل والموردين والمؤسسات المالية المحلية.