بدأت صناديق التحوّط في إغلاق رهاناتها الرابحة على الريال البرازيلي، بعد صعوده أكثر من أي عملة رئيسية أخرى في العالم، استعداداً لمواجهة الرياح المعاكسة، إذ تتعرض البلاد لتباطؤ في النمو الاقتصادي واضطرابات سياسية متزايدة.
في رسالة إلى عملائها، قالت شركة "كابيتالو إنفيستمنتوس" التي تدير ما يزيد على 20 مليار ريال (نحو 3.8 مليار دولار)، إنها تخلت عن استثمارها طويل الأمد في العملة، وذكرت الصراع بين الرئيس، جايير بولسونارو، والسلطة القضائية، الذي يعزز حالة الغموض حول مستقبل الاقتصاد.
اقرأ أيضاً: حيل الرئيس البرازيلي الانتخابية المشابهة لأفعال ترمب تهز ثقة المستثمرين
وتكشف البيانات القادمة من بورصة البرازيل "B3" أن مشتقات الصناديق المحلية تراهن على أن الدولار الأمريكي سوف يرتفع أمام الريال، وارتفعت قيمة هذه الرهانات بمقدار 5.5 مليار دولار أمريكي من مستوى صفر تقريباً في أوائل يوليو الماضي.
تراجع النمو
يـأتي هذا التحوّل بعد ارتفاع الريال البرازيلي بنسبة 7% أمام الدولار منذ مارس الماضي، ما جعل العملة البرازيلية الأفضل أداءً على المستوى العالمي. وحدث هذا فيما أصبح البنك المركزي أول البنوك في العالم الذي يبدأ في رفع أسعار الفائدة، ويبدأ سلسلة من الزيادات العنيفة من أجل كبح التضخم.
والآن تتوقع البنوك، ومن بينها بنك "جيه بي مورغان تشيز" أن ينخفض معدل نمو الاقتصاد إلى أقل من 1% خلال العام القادم، وتعاني البلاد أيضاً من حالة جمود واختناق سياسي بسبب الموازنة ومواجهة انتخابات رئاسية من المؤكد أنها ستشهد استقطاباً شديداً ومنافسة حادة في 2022.
الصراع السياسي يتصدر المشهد
وكشف "بنك أوف أمريكا" عبر استطلاع أجراه على 31 شركة لإدارة الصناديق في أمريكا اللاتينية تدير نحو 77 مليار دولار، أنها تُخفف توقعاتها بالنسبة للبرازيل لأن السياسية "تتقدم إلى موقع الصدارة".
ولا يتوقع إلا 29% من هذه الشركات ارتفاع الريال ليتجاوز 5.10 مقابل الدولار الأمريكي، مقارنة مع 45% في أغسطس الماضي.
قال برونو ماركيز، مدير محافظ لدى شركة "إكس بي لإدارة الأصول"، التي تدير نحو 122 مليار ريال من الاستثمارات : "إن الصراعات السياسية الأولى والمخاطر المالية تمنعنا من القيام باستثمارات كبيرة في عملة الريال في الوقت الحالي". وأضاف أن صندوق "إكس بي ماكرو" الذي تديره شركته يتخذ حالياً موقفاً محايداً تجاه العملة بعد أن وضع استثمارات طويلة الأمد فيها في بداية العام.
مكاسب الريال
ومع ذلك لا يقتنع البعض أن موجة الصعود قد استنفدت طاقتها. يقول فابريسيو تاشيتو، رئيس الاستثمار لدى شركة "إيس كابيتال" لإدارة صناديق التحوّط، إن تزامن ارتفاع أسعار الفائدة مع زيادة الفائض التجاري ينبغي أن يعزز موقف العملة البرازيلية.
نقطة أخرى إيجابية لصالح الريال، أن رئيس البنك المركزي، روبرتو كامبوس نيتو، ألمح خلال الأسبوع الحالي إلى أنه قد يضخ سيولة مع تصفية البنوك مواقفها التحوّطية في نهاية العام، بحسب غوستافو بيسوا، شريك مؤسس لدى شركة "ليجاسي كابيتال".
تتخذ الشركة موقفاً مركباً بتقليل الاستثمار في الدولار الأمريكي في مواجهة الريال البرازيلي، بينما تراهن كذلك على انخفاض مؤشر "إبوفيسبا إكويتيي إنديكس".
زيادة سعر الريال منذ شهر مارس الماضي تقترب من ضعف المكاسب التي حققتها العملة المكسيكية "البيزو"، وهي صاحبة ثاني أفضل أداء بين العملات الرئيسية في العالم بعد الريال البرازيلي، وفق البيانات التي جمعتها "بلومبرغ".
غير أن جميع هذه المكاسب تحققت في أوائل مارس وحتى أواخر شهر يونيو، عندما صعد الريال بنسبة 16% تقريباً أمام الدولار إلى نحو 4.91. ثم تراجع بعد ذلك إلى نحو 5.28، بل وتعرض أحياناً لمواجهة درجات غير عادية من التقلبات الشديدة.
يقول ماركيز: "أنا لا أرى فرصة لضخ استثمارات كبيرة في الريال البرازيلي".