أصدرت مجموعة "إيفرغراند" الصينية تقييماً مؤلماً لوضعها المالي، قائلة إنها تواجه ضغوطاً "هائلة" في السيولة، وإنها قد عينت مستشارين لإعادة هيكلة ديونها والتي قد تكون أحد أكبر عمليات إعادة هيكلة الديون في البلاد على الإطلاق.
التقييم كان هو الأكثر تشاؤماً لشركة "إيفرغراند" منذ أن بدأت ثقة السوق تتدهور في المطور العقاري في مايو، وتبعت ذلك سلسلة من الاحتجاجات على مدار الأسبوع الماضي من قبل مشتري المنازل الغاضبين ومستثمري التجزئة والموظفين الذين يطالبون الشركة بالوفاء بالتزاماتها.
انهارت سندات وأسهم "إيفرغراند" الدولارية مع تقييمات الأسواق وسط احتمال شبه مؤكد بتخلف الشركة عن السداد.
وسيعتمد حجم الخسائر التي سيتكبدها المستثمرون جزئياً على ما إذا كانت السلطات الصينية والبنوك التي تديرها الدولة ستتخذ خطوات للحد من التداعيات.
برزت "إيفرغراند" باعتبارها أكبر اختبار حتى الآن لاستعداد الرئيس شي جين بينغ للسماح للشركات المثقلة بالديون بالسقوط بينما يحاول الحد من التجاوزات في النظام المالي الصيني البالغ 54 تريليون دولار.
اقرأ أيضاً: 3 مسارات لتعثر العملاق الصيني "إيفرغراند"
دوامة الانهيار
بدون تدخل الدولة، فإن الخطر يكمن في دخول "إيفرغراند" في دوامة من الانهيار. قال المطور العقاري في بيان له يوم الثلاثاء إن مبيعات العقارات ستنخفض في شهر سبتمبر، الشهر الأكثر نشاطاً في العادة، بسبب تراجع الثقة بين مشتري المنازل الذين يتحتم عليهم في كثير من الأحيان تقديم دفعات مقدمة كبيرة للعقارات التي قد تستغرق سنوات حتى يكتمل إنشاؤها.
وقالت "إيفرغراند" إنها لم تحرز "أي تقدم ملموس" بشأن خططها لبيع حصص في وحدتها للسيارات الكهربائية ووحدة خدمات العقارات، مضيفة أن التخلص المخطط له من مقرها في هونغ كونغ لم يتم كما كان متوقعاً. وكانت مبيعات الأصول أحد الركائز الأساسية في خطة "إيفرغراند" للخروج من أزمة السيولة.
انخفضت أسهم "إيفرغراند" بنسبة 10% يوم الثلاثاء في هونغ كونغ لتخسر حوالي 80% هذا العام. وتراجعت وحدة السيارات الكهربائية بنسبة تصل إلى 20%.
كما انخفضت سندات "إيفرغراند" الدولارية المستحقة في 2022 بنسبة 8.25% أي 4.8 سنت لتصل إلى 27.7 سنت، وفقاً للأسعار التي جمعتها "بلومبرغ".
اقرأ أيضاً: "إيفرغراند" الصينية في ورطة مع اقتراب استحقاق ديون بـ 7.4 مليار دولار
أزمة سيولة
تصاعدت مشاكل السيولة في الشركة في الأيام الأخيرة بعد فشل العديد من الشركات التابعة لها في سداد منتجات إدارة الثروات، وهي مصدر رئيسي للتمويل قصير الأجل لشركة "إيفرغراند" والمطورين الآخرين.
وقد أثارت خطة الشركة بتمديد المواعيد النهائية للدفع على المنتجات رد فعل عنيف واحتجاجات في مقر الشركة الرئيسي في "شينزين" وفي مكاتب أخرى في جميع أنحاء الصين.
وكانت شركة "إيفرغراند" التي نفت شائعات في وقت متأخر من يوم الإثنين بأنها ستقدم طلباً بالإفلاس، قد استعانت "بهوليهان لوكي" و"أدميرالتي هاربور كابيتال" كمستشارين ماليين مشتركين لتقييم رأس مال الشركة.
تمتلك "هوليان لوكي" واحدة من أكبر عمليات إعادة الهيكلة المالية على مستوى العالم، حيث قدمت المشورة في حوالي 1400 قضية لمطالبات ديون تزيد على 3 تريليونات دولار منذ عام 1988، وفقاً لموقعها على الإنترنت. وأكبر قضية لها من حيث الأصول كانت "ليمان براذرز".
إعادة هيكلة
قال دانيال فان، محلل الائتمان في "بلومبرغ إنتليجنس": "يبدو أنهم يعملون على إعادة هيكلة الديون بعد عدم تحقيق نتائج ملموسة بشأن بيع الأصول، والمهمة الأولى هي تحقيق الاستقرار لمالكي منتجات إدارة الثروات التي قد تتسبب في مشكلة اجتماعية".
وأضاف: "يبدو أن المطور يعمل على إعادة جدولة جميع الديون الداخلية تقريباً، والخطوة التالية هي فعل نفس الشيء للمستثمرين في الخارج".
لدى "إيفرغراند" أكثر من 300 مليار دولار من الالتزامات، نصفها تقريباً مستحقات واجبة الدفع بعضها لمقاولين. ومنذ ديسمبر الماضي، تلقت المجموعة دفعات مقدمة من أكثر من 1.5 مليون مشترٍ لعقارات لا تزال تحت الإنشاء.
مخاطر عدم السداد
وفي حين أن "إيفرغراند" ليس لديها أي سندات مستحقة الدفع حتى عام 2022، فإنها تواجه 669 مليون دولار من الكوبونات واجبة الدفع هذا العام، بما في ذلك أذونات خزينة بالدولار بقيمة 83.5 مليون دولار مستحقة في 23 سبتمبر.
يراقب المستثمرون عن كثب الموعد النهائي نظراً لاحتمال هيكلة الديون. وقد أبرزت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية زيادة احتمالية التخلف عن سداد مدفوعات الفائدة عندما خفَّضت تصنيفات الشركة بشكل أعمق نحو المنطقة غير المرغوب فيها الأسبوع الماضي.
وقالت "إيفرغراند" في أغسطس إنها اضطرت إلى تعليق العمل في بعض المشاريع بسبب تأخر سداد مستحقاتها. وتعهد مؤسس الشركة الملياردير، هوي كا يان، بإكمال المشاريع هذا الشهر. وأصدر ما أسماه "أمراً عسكرياً" لضمان الانتهاء من إنشاء العقارات وتسليمها.
اندلعت الاحتجاجات ضد "إيفرغراند" بسبب اقتراحها أواخر الأسبوع الماضي بفرض تأخيرات طويلة في السداد لحاملي منتجات إدارة الثروات.
وبينما قامت الشركة بتعديل خطتها يوم الإثنين للتخفيف من رد الفعل العنيف، فإن مستثمرو التجزئة والمؤسسات سيواجهون تأخيرات ما لم يقبلوا السداد في شكل عقارات من تطوير "إيفرغراند".
وقالت الشركة يوم الثلاثاء إن وحدتين أخفقتا في الوفاء بالالتزام بالوقت المحدد لسداد مستحقات منتجات إدارة الثروات بقيمة 934 مليون يوان (145 مليون دولار) مضيفة أنها تجري محادثات مع المُصدرين والمستثمرين بشأن ترتيبات السداد.