تداعيات "إيدا" تخنق إمدادات النفط الأمريكي للأسبوع الثالث

خسائر فادحة لشركات النفط والتكرير بسبب "إيدا" - المصدر: بلومبرغ
خسائر فادحة لشركات النفط والتكرير بسبب "إيدا" - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تسبب الإعصار "إيدا" وما حمله من رياح وأمواج عاتية في تعثر إمدادات النفط الأمريكية بخليج المكسيك على مدار الأسبوعين الماضيين نتيجة توقف أعمال التنقيب والمصافي، التي مازالت تسعى إلي لململة أشلائها، وهي عملية قد لا تنتهي قريباً.

كانت الأضرار التي لحقت بالمنصات البحرية وخطوط الأنابيب وحتى منصات طائرات الهليكوبتر شديدة لدرجة أن اثنين من كل ثلاثة براميل من النفط الخام التي يتم ضخها عادة من القطاع الأمريكي في خليج المكسيك أصبحت غير متوفرة.

لا تزال التأثيرات المتتالية تظهر مع بحث شركات التكرير والوسطاء عن بدائل حول العالم، حيث أخبرت أكبر شركة منتجة للنفط في الخليج وهي "رويال داتش شل"، بعض العملاء أنها لا تستطيع الوفاء بالتزامات التوريد.

وأشارت الشركة إلي أن الأمر قد يستغرق أسابيع – و ربما أطول - قبل أن تتمكن من استعادة الظروف الطبيعية قبالة ساحل لويزيانا وفي منطقة معالجة النفط والمصانع الكيماوية التي تشغل ممراً بطول 100 ميل (160 كيلومتراً) من نيو أورليانز إلى باتون روج.

اقرأ أيضاً: بعد إعصار "إيدا"..أمريكا تلجأ لاحتياطي النفط الاستراتيجي لأول مرة منذ 4 سنوات لتعويض نقص البنزين

في إشارة إلى كيفية اضطراب إيدا مقارنة بالأعاصير السابقة، قال بيرت ويندرز، 63 عاماً، مدير الصحة والسلامة في شركة "بيكر هيوز": "ما هو مختلف هو أن إيدا يدوم لفترة أطول... التعامل مع ظروف الإعصار قد يحتاج من ثلاثة إلى خمسة أيام، ولكن عندما تبدأ في الحديث عن تأثير يستمر لمدة أسبوعين، أو ثلاثة، أو حتى أربعة أسابيع، فهذا صعب حقاً على الأسرة".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

يراقب العالم إلى حد كبير حالياً جهود استعادة العمل بمواقع العمل المعطلة عن كثب، بسبب النطاق والمدة غير المسبوقة لانقطاعات النفط. في غضون أيام من الإعصار، كان التجار يستغلون فرص التفضيلات الناتجة عن اختفاء بعض درجات النفط الأمريكية الخليجية مثل "مزيج المريخ". فعلى سبيل المثال، يعد النفط الخام من جبال الأورال الروسية بديلاً شائعاً لنفط "مزيج المريخ" لكونهما متشابهان في الخصائص.

تقدم عواقب "إيدا" الممتدة لمحة مهذبة عما قد يخفيه تغير المناخ الذي يغذي المزيد من العواصف الغاضبة على طول المناطق الساحلية المنخفضة التي تنتشر فيها الصناعات الثقيلة والمرافق الحيوية لصنع الوقود.

اقرأ أيضاً: شركات النفط في الخليج الأمريكي تحصي أضرار إعصار "إيدا"

عادة، عندما تهدد العواصف الاستوائية والأعاصير المناطق المنتجة للنفط في الخليج، يقوم عمال الحفر بإغلاق فتحات الاستخراج والآبار الموجودة تحت سطح البحر وإجلاء منصات النفط وأطقم العمل، حيث يمكنهم العودة للعمل عندما تكون السماء صافية، وغالباً ما يتم إعادة فرق التفتيش في غضون ساعات أو أيام واستئناف الإنتاج بعد ذلك بوقت قصير. مثلما حدث عندما ضرب إعصار لورا لويزيانا العام الماضي، وانتعش إنتاج الخام البحري بسرعة.

ضربة مباشرة

بعد "إيدا"، لم يكن ذلك ممكناً، حيث أدت الضربة المباشرة للعاصفة الوحشية على ميناء "فورتشون" قبل ساعات قليلة من غروب الشمس في 29 أغسطس إلى تعطيل نقطة الانطلاق الأساسية لطائرات الهليكوبتر والسفن التي تخدم مئات المنصات البحرية والحفارات.

وحتى الطريق الوحيد الذي يربط ميناء فورشون ببقية الولاية - طريق لويزيانا السريع 1 - فقد خرج من الخدمة بسبب الجدار الهائل الذي سببه "إيدا" مع انهمار مياه البحر وأطنان الرمال التي اجتاحت أمامه.

و قال "ويندرز"، وهو مواطن من لويزيانا يعمل في صناعة النفط منذ أربعة عقود: "عندما يكون ميناء فورتشون خارج الخدمة ، فإنه يقطع الحلقة في السلسلة".

في ذروة الكارثة، قبع أكثر من مليون منزل وشركة في الظلام، حيث دمرت رياح "إيدا" التي تبلغ سرعتها 150 ميلاً في الساعة (240 كم / ساعة) معظم البنية التحتية لشبكات الكهرباء في جنوب شرق لويزيانا.

لكن بحلول وقت متأخر من يوم أمس الجمعة، كان لا يزال هناك ما يقرب من 200 ألف منزل بدون كهرباء أو تكييف - وهو مثال واضح على مدى الدمار. أما بالنسبة لميناء فورتشون، فمن غير المتوقع أن يتم استعادة الكهرباء بالكامل في المنطقة حتى نهاية هذا الشهر، وفقاً لشركة المرافق "إنيرجي كورب".

و في أعالي البحار، عاد الحفر إلى 29% فقط من مستويات ما قبل "إيدا"، حيث كانت هناك أربع منصات تعمل في القطاع الأمريكي من الخليج حتى الجمعة، وهو أقل بكثير من 14 حفاراً كانت تبحر في المياه قبل العاصفة، وفقاً لبيانات شركة "بيكر هيوز"، التي تتعقب أنشطة الحفر منذ عام 1944.

المصافي المتعثرة

تستعد شركة "شل" لإعادة فتح العديد من خطوط الأنابيب بخليج المكسيك التي تنقل الخام إلى الشاطئ في الأسبوع المقبل، وفقاً لشخص مطلع على العمليات، وهي خطوة رئيسية لاستعادة إنتاج النفط الخام البحري. ومع ذلك، قال الشخص إن القناة الحاسمة لـ"زيت المريخ"، والدرجات الأخرى ستظل مغلقة مع استمرار تقييمات الأضرار. فيما رفضت الشركة أن تعلق على الأمر.

داخلياً، لا تزال الآثار المعوقة للإعصار قيد التقييم. و تعرضت مصفاة في منطقة نيو أورليانز مملوكة لشركة "فيليبس 66" لأضرار كبيرة وفيضانات، لدرجة أن الشركة قد لا تعيد تشغيلها، نظراً لارتفاع تكلفة إصلاحها.

قد يظل مجمع "نوركو" للتكرير والكيماويات التابع لشركة "شل" شمال نيو أورليانز مغلقاً لعدة أسابيع أخرى بسبب أضرار جسيمة.

في غضون ذلك، تمكنت شركة "ماراثون بتروليوم" من استئناف إنتاج الوقود في منشأتها الضخمة في "غريفيل"، الجمعة، على الرغم من استمرار إغلاق خمس مصافي أخرى في لويزيانا بقدرة يومية مجمعة لمعالجة مليون برميل.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك