منذ ما يقرب من عشرة أعوام وشركات كثيرة في "وول ستريت" متحمِّسة لإطلاق صندوق مؤشرات متداول يتتبَّع حركة "بتكوين".
وعندما يحين وقت احتمال نجاحها في تحقيق ما تصبو إليه هذا الخريف، ربما يكون قد فات الأوان، فلم يعد لهذا المنتج أي فائدة بالنسبة للمستثمرين العاديين.
منذ عام 2013، تقول شركات الاستثمار، إنَّ هذه المنتجات سوف تُيسر عملية شراء العملة، وتنهي ضرورة اقتناء محفظة رقمية معقَّدة، وكلمات مرور خاصة.
وبعد أن بلغت العملة المشفَّرة "بتكوين" مرحلة النضوج، أتاحت منصات مثل: "روبن هود"، و"كوين بيس" إمكانية الدخول لأي شخص لديه جهاز كمبيوتر أو هاتف ذكي.
مخاوف هيئة البورصات
في خضم ذلك كله، تكرَّر رفض "هيئة الأوراق المالية والبورصات بالولايات المتحدة" قبول تأسيس صندوق مؤشرات متداول يتتبَّع "بتكوين"، مستندةً إلى مخاوف تتعلَّق بالتقلُّبات الشهيرة للعملة المشفَّرة، وإمكانية التلاعب بأسعارها.
غير أنَّ "غاري غينسلر"، رئيس الهيئة، ألمح في أغسطس الماضي إلى أنَّه ربما يتقبَّل صندوق مؤشرات متداول يتتبع حركة العقود الآجلة على "بتكوين".
في حين يبدو الأمر كما لو كان مشكلة في دلالة الألفاظ؛ هناك فروق مهمة بين صندوق يتتبَّع العقود الآجلة وآخر يحوز "بتكوين" حقيقية.
تميل أسعار العقود الآجلة على "بتكوين" – التي لم يكن لها وجود قبل عام 2017 – إلى تتبُّع حركة "بتكوين" نفسها.
مثال على ذلك، في مساء الإثنين الماضي، تمَّ تداول "بتكوين" بنحو 52500 دولار مقارنة مع العقود الآجلة على "بتكوين" التي سجَّلت سعراً بلغ 52650 دولاراً. بعض الناس يشترون العقود الآجلة مراهنة على زيادة الأسعار مستقبلاً، في حين يستخدمها آخرون للحصول على سعرها الحالي، أو التحوُّط لاستثمارات أخرى طويلة الأجل.
بالنسبة لمقاصد "هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية"، توفِّر العقود الآجلة على "بتكوين" مستوى إضافياً من الأمان، لأنَّها تحكم من "بورصة شيكاغو التجارية"، وتُلزم المستثمرين بإيداع نقود بنسبة من التداول كشكل من أشكال الضمان.
بالنسبة لمشتقات "سي إم إي مايكرو بتكوين"، يكون على المستثمرين إيداع 35% كحد أدنى من قيمة العقد نقداً.
هل فات الأوان؟
بعد تصريحات "غينسلر"، تقدَّمت سبع شركات على الأقل من بينها شركة "فان-إك"، و شركة "إنفيسكو" بطلب إطلاق منتجات للعقود الآجلة على "بتكوين"، بالإضافة إلى أكثر من 24 طلباً قُدِّمت لتأسيس صناديق سوف تحتفظ بأصول مشفَّرة حقيقية.
برغم هذا الحماس، لم يتضح بعد ما إذا كان المستثمرون الأفراد يحتاجون صندوق مؤشرات متداول في هذه اللحظة. فقد أصبح حالياً فتح حساب على منصة "روبن هود"، أو "كوين بيس" بهدف شراء العملة أو جزء منها أسهل من أيِّ وقت مضى .
يقول بن جونسون، مدير بحوث صناديق المؤشرات المتداولة عالمياً لدى شركة "مورنينغ ستار للخدمات المالية": "لا علاقة للأمر بصعوبة الاستثمار في بتكوين. منذ نحو أسبوعين، كنت كمن يتساءل إلى أيِّ مدى يمكن أن يكون صعباً حقيقة؟ كيف أستطيع شراء بتكوين، حالياً وأنا جالس على أريكتي، وألعب على هاتفي؟ ثم قمت بشراء بعض منها باستخدام حسابي على باي بال"
يقول خبراء السوق، إنَّ "هيئة الأوراق المالية والبورصات" قد توافق على صندوق مؤشرات متداول خاص بعقود "بتكوين" الآجلة بحلول شهر أكتوبر أو نوفمبر. وإذا كنت مهتماً بشراء هذه العقود، إليك بعض النقاط التي ينبغي دراستها:
ما هو مبرر شرائها؟
لو كنت مؤسسة استثمارية؛ في حين أنَّ بعض المستثمرين ممن يملكون أسهماً في شركة "تسلا" لن تهتز لهم شعرة عندما يقوم إيلون ماسك بحشو ميزانية الشركة بأرطال من عملة "بتكوين"، لا تستطيع شركات أخرى شراء العملة المشفَّرة كنوع من الاستثمار، إما بسبب قواعدها الداخلية، أو احتمال اعتراض حاملي الأسهم.
ويمكن الالتفاف على هذه القيود عبر الاستثمار في صندوق مؤشرات متداول يتتبَّع "بتكوين" إذ إنَّ نموذج الصندوق مقبول على نطاق واسع.
ويقول روس مايفيلد، محلل استراتيجيات الاستثمار لدى شركة "روبرت بيرد وشركاه": "هناك أنواع كثيرة من العقبات التنظيمية والإشرافية يجب على المؤسسات المالية الكبيرة أن تتخطاها، لكن إذا طرح أمامنا الاستثمار في صندوق مؤشرات متداول؛ فإنَّه يزيل كثيراً من تلك العقبات التي تواجه المؤسسة".
إذا أردت جمع كل استثماراتك في مكان واحد؛ وذلك لأنَّ منصات الاستثمار التقليدية مثل منصات "فانجورد" و"تشارلز شواب" لا تسمح بشراء "بتكوين"، سيضطر العملاء إلى البحث في مكان آخر.
سوف يغيّر صندوق المؤشرات المتدوال في "بتكوين" ذلك، إذ بإمكانه أن يستثمر أيضا في الأسهم أو في صناديق مؤشرات متداولة أخرى تتتبَّع مؤشرات مثل مؤشر "إس آند بي 500".
إذا كنت تريد مباركة "هيئة الأوراق المالية والبورصات". بالنسبة لمن مايزالون يتشكَّكون في سوق "بتكوين" بوجه عام، يمكن أن توفِّر لهم صناديق المؤشرات المتداولة المجرَّبة والحقيقية نوعاً من الطمأنينة، بحسب ديفيد مازا، رئيس شؤون المنتجات لدى شركة "ديريكسيون".
وقال مازا: "إنَّ كثيراً من الناس يربطون بين شراء وثائق الصناديق والحصول على تصديق بالقبول. ويشعرون بنوع من الارتياح لهذا النموذج".
كان "غينسلر" قد أوضح أنَّ تقديم طلب التأسيس في إطار قانون 1940 الذي ينظِّم أعمال صناديق الاستثمار قد يلقى قبولاً أكثر، إذ إنَّ ذلك القانون يحتوي على نصوص أفضل لحماية المستثمر، ويلزم مجلس إدارة الصندوق بالإشراف على استثماراته.
إذا كنت تريد بتكوين في حساب التقاعد الخاص بك؛
يقول جونسون من "مورنينغ ستار": "ربما يكون ذلك مجرد وسيلة لإتاحة مزيد من المساحات الصغيرة لعملة "بتكوين" أكثر مما تستطيع هي دخولها في الوقت الحاضر".
نظرياً، يستطيع المستثمرون شراء وثائق الصندوق ضمن برنامج الادخار للتقاعد 401(k) – وتوفير تكلفة الضرائب – إذا كان حسابهم للتقاعد يسمح بمساحة لأعمال الوساطة بأن تدرج إلى جانب استثمارات أخرى حصصاً في صناديق، مثل: "فانغورد إس آند بي 500 للمؤشرات"، وصندوق شركة إنفسكو "QQQ".
إذا كنت تفضل الإدارة النشطة؛
بخلاف صندوق مؤشرات متداول يحتفظ بعملة "بتكوين" فعلياً، يحتاج صندوق العقود الآجلة إلى أن يشتري ويبيع العقود بانتظام ليحافظ على مستوى المخاطرة، مما يتطلَّب وجود إنسان يعمل في الخلفية.
وفي حين أنَّ ذلك قد يرفع من تكلفة الصندوق، فإنَّ بعض المستثمرين قد يفضِّلون هذا النوع من الإشراف.
ويتوقَّع نيت غراسي، الذي يرأس شركة "إي تي إف ستور" منذ فترة طويلة، أن توجد صناديق تدار إدارة نشطة، وتضم خليطاً من العملات المشفَّرة، كما يمكن هيكلتها استناداً إلى حالة السوق. تخيّل صندوقاً يتكوَّن من 60% بتكوين، 30% إيثر، و10% دوج كوين.
ماذا عن أسباب الابتعاد عنها؟
إذا كنت لا تريد أن تدفع رسوماً على شيء تستطيع الشراء بنفسك؛ يحتمل أن يكون لصناديق مؤشرات "بتكوين" مصروفات تزيد على 1% - مما يعني أنَّ الصناديق سوف تكلِّفك 10 دولارات سنوياً على كل ألف دولار تستثمرها، بحسب "بلومبرغ إنتليجنس".
وفي الوقت نفسه تتيح منصة "روبن هود" فرصة تداول العملات المشفَّرة بدون عمولات أو رسوم.
بالنسبة لمنصة "كوين بيس"؛ فإنَّ الأمر معقد إلى حدٍّ ما، إذ تُحدَّد الرسوم عند وقت الشراء على أساس عوامل، مثل: حجم الطلب وأوضاع السوق الحالية، لكنَّها عادة تتراوح بين 0.5% و 4.5% بالنسبة للتداول.
يتفق خبراء السوق على أنَّ صندوق مؤشرات "بتكوين" سيكون أعلى تكلفة مقارنة بمنصات تداول العملات المشفَّرة الحالية.
يقول مات هوجان، رئيس شؤون الاستثمار لدى شركة "بتوايز لإدارة الأصول": "ربما تكون هناك أيضاً تكلفة إضافية على المشتقات التي تزيد قيمتها على تكلفة حيازة "بتكوين" حقيقية. فإذا كان الصندوق الوحيد الذي سوف يحصل على الموافقة هو صندوق مؤشرات متداول لعقود "بتكوين" الآجلة، أعتقد أنَّنا سنجد كثيراً من المستثمرين الأفراد يتمسَّكون بالتعامل عبر منصة "كوين بيس" ".
إذا لم تكن تريد الاستثمار في المشتقات؛ فإنَّ نسبة كبيرة من المستثمرين العاديين قد لا يعرفون كيف تدور الأمور في سوق العقود الآجلة، وربما يريدون أن يبتعدوا عن المفاهيم المعقدة، مثل "غرامة تأجيل الاستلام"، أو "علاوة البيع الفوري".
يقول غراسي من "إي تي إف ستور": "في منتجات قائمة على المشتقات، تدخل تكاليف إضافية وتعقيدات أكثر، ستكون لديك عقود آجلة يجب أن تطويها. وهي ليست الخيار الأفضل للمستثمرين".
إذا كنت تريد الاستثمار في عدد كبير من العملات المشفَّرة؛ لن يكون صندوق مؤشرات متداول على العقود الآجلة لـ "بتكوين" مفيداً لمن يريد أن يشتري حصصاً في عملات أكثر نجاحاً مثل "كاردانو"، و"بينانس كوين".
وبرغم أنَّ عدداً من الشركات الأمريكية تقدَّمت بطلب تأسيس صناديق مؤشرات متداولة تتتبَّع مشتقات "إيثريوم"؛ فإنَّها سحبت هذه الطلبات مؤخراً.
إذا كان تملك فعلاً حساباً على منصة "روبن هود" أو "كوين بيس" أو لديك محفظة رقمية؛ بالنسبة لمن يملكون فعلاً عملات مشفَّرة عبر منصات أخرى، قد لايكون صندوق المؤشرات مفيداً لأهدافهم الاستثمارية.
كثير من المستثمرين سوف يتمسَّكون بالمنصات التي اعتادوا عليها ويعرفونها، كما تقول سيلفيا جابلونسكي، رئيس شؤون الاستثمار لدى شركة "ديفيانس لصناديق المؤشرات".
وأضافت: "إذا كان المستثمر ماهراً جداً بالفعل، ويستخدم محفظة رقمية، فمن المحتمل أن يستثمر بنفسه مباشرة".