يمكن لشركات "الشيك على بياض" أن تساعد في إحياء سوق الاكتتابات العامة الأولية الضعيفة في سنغافورة، مع استفادة البورصات من مومباي إلى سيول من الصفقات الضخمة.
خلال هذا الأسبوع، طرحت بورصة سنغافورة قواعد لإدراج شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، والمعروفة أيضاً باسم "الشيك على بياض" في محاولة منها للحصول على حصة من سوقٍ أصبح الهوس به عالمياً.
تسمح القواعد الجديدة بإدراج هذه الشركات ضمن قوانين أكثر تساهلاً عن السابق، وأكثر انسجاماً مع إطار العمل في الولايات المتحدة
بعدما استضافت بورصة سنغافورة ثلاثة اكتتابات عامة أولية فقط هذا العام، ومعاناتها لجذب الوافدين الجدد الكبار وسط مشكلات انخفاض السيولة والتقييمات المضغوطة الطويلة الأجل؛ من المتوقَّع أن تجذب خطوة شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة إدراجات بقطاعات مثل التكنولوجيا، في الوقت الذي يقوم فيه المنظِّمون الماليون العالميون بتكثيف تدقيقهم على هذا النوع من الشركات.
إشارة واضحة للسوق
وقال ستيفاني يوين ثيو، الشريك الإداري المشترك لدى "تي إس إم بي لوو كورب" للمحاماة: "ترسل البورصة إشارة واضحة بشأن تفاعلها مع المشاركين في السوق، وانفتاحها الشديد على العمل. نحتاج إلى رعاة من أعلى المستويات لإطلاق شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، وجذب شركات عالية الجودة".
في الأسابيع الأخيرة، قامت كلٌّ من الشركات الآسيوية الناشئة، "زوماتو ليمتيد" الهندية، و"بوكالاباك دوت كوم بي تي" الإندونيسية، و"كرافتون إنك" الكورية الجنوبية، بالإدراج في أسواقها المحلية من خلال صفقات بقيمة تزيد على مليار دولار لكل منها. كما جمعت "أزتيك غلوبال"، أحدث شركة تقنية سنغافورية، حوالي 220 مليون دولار في شهر مارس.
هيمنت شركات التمويل والعقارات تقليدياً على سوق الأسهم السنغافورية، التي تعتمد غالباً على توزيعات الأرباح، وتفتقر إلى وجود الشركات التقنية، الأكثر سخونة في أسواق الأسهم العالمية منذ بدء الوباء.
كما تعود ثلاثة من الأسهم الأربعة الأكثر وزناً في بورصة سنغافورة إلى القطاع المصرفي، وأكبرها يخص شركة "دي بي إس غروب هولدينغز"، المملوكة جزئياً لشركة الاستثمار الحكومية، "تيماسيك هولدينغز بي تي إي". أما السهم الرابع الكبير فيعود لشركة "سنغافورة تيليكوم ليمتد" التي تسيطر عليها "تيماسيك".
الصناديق العقارية
برغم نجاح عمليات إدراج صناديق الاستثمار العقاري في بورصة سنغافورة، إلا أنَّ أحدث إدراج عائد لـ "يونايتد هامبشير يو إس رايت" كان قبل 18 شهراً، و يرجع جزء من هذه المصاعب إلى عوامل اقتصادية أوسع، مثل حجم الدولة الصغير، وقلة عدد السكان بالمقارنة مع أسواق جنوب شرق آسيا الأخرى، بما في ذلك إندونيسيا وتايلاند، وفقاً لقول روبسون لي، الشريك في شركة "غيبسون دان" للمحاماة.
بدوره، قال ديفيد سميث، مدير الاستثمار الأول لدى "أباردين ستاندرد إنفيستمنتس" للأسهم الآسيوية: "يمكنني أن أرى سبب رغبة بورصة سنغافورة في إدراج شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، وتطوير سوق لها، خصوصاً بسبب الضجيج الحالي حول شركات التكنولوجيا في دول الآسيان. لكن لا يتضح حتى الآن ما إذا كانت ستتمكَّن من تحريك الأمر، والنجاح في ذلك".
اكتتابات عامة في الطرق
قال محمد ناصر إسماعيل، رئيس أسواق رأس المال لدى بورصة سنغافورة، يوم الخميس الماضي، بعد إطلاق إطار العمل: "إنَّنا نتعاون بنشاط مع الرعاة المحتملين، ونتوقَّع قدوماً قوياً لشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة التي تركِّز على آسيا".
وكانت بلومبرغ أفادت الشهر الماضي أنَّ شركة الاستثمار "تيرميريك كابيتال" (Turmeric Capital)، التي يقودها رافي ثاكران، رئيس "إل كاتيرتون آسيا" السابق، تعمل حالياً مع مستشار حول اكتتاب عام أولي لشركة استحواذ ذات أغراض خاصة بقيمة 300 مليون دولار سنغافوري (224 مليون دولار).
تسعى الشركة إلى جانب كلٍّ من شركة الأسهم الخاصة، "نوفو تيلوس كابيتال بارتنرز"، التي تركِّز على التكنولوجيا والصناعة، و"فيرتيكس هولدينغز"، التابعة لـ"تيماسيك"، لأن تكون من بين أوائل المؤسسين لشركات "الشيك على بياض" في سنغافورة.
وقال فينيت ميشرا، الرئيس المشارك للخدمات المصرفية الاستثمارية في دول الآسيان لدى "جيه بي مورغان تشيس آند كو": "هناك مجموعة من الشركات التي تعمل في سنغافورة، ولها بصمة إقليمية، وقد تختار الإدراج في سنغافورة، وبالتأكيد ستكون التكنولوجيا قطاعاً ذا صلة مع انطلاق شركات الشيك على بياض".
منافسة قوية
مع ذلك، ستظل منافسة سنغافورة مع الأسواق الخارجية ذات السيولة المرتفعة تحدياً قائماً. وجمعت ثلاث شركات مقرّها سنغافورة، ومدرَجة في نيويورك، حوالي 700 مليون دولار منذ بداية العام، ومن المقرَّر أن تعقد الشركة الناشئة الأكثر قيمة في جنوب شرق آسيا، "غراب هولدينغز إنك"، اكتتاباً عاماً أولياً بالولايات المتحدة، فيما قد يكون اندماجاً مع شركة استحواذ ذات أغراض خاصة بقيمة 40 مليار دولار.
كما اختارت شركة "أولام إنترناشيونال"، وهي واحدة من أكبر تجار ومورِّدي السلع الزراعية الآسيوية، مدينة لندن لإدراج وحدتها لمكوِّنات الطعام خلال الشهر الماضي.
وصلت "الشركات المحلية" السنغافورية لمستوى ناجح، يسمح لها بالإدراج في أسواق الولايات المتحدة وهونغ كونغ التي تمتاز بالتقييمات الأعلى، والمزيد من السيولة، بحسب ما قاله يوين ثيو من "تي إس إم بي"، الذي أوضح أنَّ الأجانب القادمين إلى سنغافورة، "يرغبون في الحصول على بيئة عمل كاملة من الخدمات، تشمل بورصة تنبض بالحياة والترحيب. قد تكون شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة عرضاً جيداً".